إعلان

"تونة الجبل".. منطقة تتويج الملوك التي ما زالت تدهش العالم (صور)

10:57 ص السبت 13 مايو 2017

المنيا ــ ريمون الراوي:

"تونة الجبل"، قرية بمركز ملوي جنوب محافظة المنيا، ارتبط اسمها بمنطقتها الأثرية، التي نالت شهرة عالمية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، عندما نجحت بعثة أثرية لقسم الآثار بكلية الآداب في جامعة القاهرة، وهو القسم الذي تحول لكلية الآثار فيما بعد، في اكتشاف آثار بها تعود لحقبة ما قبل ميلاد السيد المسيح.

كما ارتبط اسم القرية بعميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين، الذي اختار "تونة الجبل" ليشيّد بها استراحة خاصة، ألهمته أجواؤها بقصة أروع وأشهر رواياته، وكذا ارتبط اسم القرية بـ"إيزادورا"، تلك الفتاة اليونانية التي ضحّت بحياتها لتحتفظ بارتباطها بحبيبها، لتُلقّب بشهيدة الحب، وتحظى بواحدة من أشهر المرثيات الشعرية في التاريخ.

وبعد 86 عامًا من الاكتشافات الأولى، التي انتهت باكتشاف آثار منطقة "تونة الجبل"، عاودت المنطقة تصدُّر أخبار وسائل الإعلام، بعد إعلان وزارة الآثار المصرية وجامعة القاهرة، عن التوصل لكشف أثري نادر، تقرر الإعلان عن تفاصيله الكاملة بمؤتمر عالمي يُعقد اليوم السبت يرأسه وزير الآثار، بحضور محافظ الإقليم ورئيس جامعة القاهرة، بالإضافة لوفود أجنبية وعدد من سفراء دول أجنبية.

ورغم السرية التي فرضتها وزارة الآثار على تفاصيل الكشف الأثري الجديد، إلا أن "مصراوي" تمكن من التواصل مع مصادر أوضحت أن الكشف الأثري الجديد عبارة عن مقبرة جماعية قد تعود للعصر اليوناني الروماني، وهي منحوتة في طبقات رسوبية، تضم ثمانية آبار جنائزية، وتضم عددًا من المومياوات، بينها نحو 12 مومياء كاملة، بالإضافة لبقايا مومياوات أخرى، وقطع من وثائق من نبات البردي وتابوتين.

وكلمة "تونة"، هي تحريف لكلمة تطور نطقها عبر عدة لغات، حيث كانت تُلقب المنطقة بالبحيرة أو"تاحتي"، في اللغة المصرية القديمة، وأصبحت في اليونانية "تاونس"، ثم "تونة" في اللغة العربية، ليصاف لها كلمة الجبل كونها في منطقة صحراوية بالصحراء الغربية.

وتضم المنطقة من بين آثارها لوحة حدود مدينة إخناتون، فرعون التوحيد، حيث وضع حدودًا بأركان عاصمته تحدّدها من جميع الجهات، وبينما طال التلف أغلب اللوحات، تبقى لوحته بـ"تونة الجبل" الأفضل من جهة التفاصيل وحفظ اللوحة.

وتُظهر اللوحة، الملك "إخناتون" وزوجته الجميلة "نفرتيتى" وبناتهم يتعبدون للمعبود "آتون"، وأسفل اللوحة توجد أجزاء من تماثيل مجسمة لكل من إخناتون ونفرتيتى وبناتهما.

وتتفرد "تونة الجبل" بالسراديب، التي يصل طولها لنحو 3 كيلومترات في جميع الاتجاهات، وهي مجموعة ضخمة من الممرات المنقورة في الصخر، والتي كانت مخصصة لدفن مومياوات لطائر "أبو منجل" المقدس لدى سكان المنطقة قبل آلاف السنين، وكذلك القردة بعد تحنيطها، حيث كان الطائر والقرد يرمزان للمعبود "جحوتي"، المُلقب برسول العلم والحكمة عند الفراعنة.

وكانت المومياوات توضع في توابيت فخارية، أو خشبية أو حجرية، وتضمنت السطوح الخارجية لبعضها نصوصاً باللغة "الديموطيقية"، وتضم الجبانة عدة ملايين من المومياوات، بالإضافة إلى مقبرة أحد كهنة چحوتي، ويدعى "عنخ حور"، والذي كان يشرف على تقديم القرابين ودفن المومياوات.

كما تتميز المنطقة بوجود مقبرة رائعة الطراز لأسرة الكاهن "پيتوزيريس"، وهي مقبرة فريدة في عمارتها وجمالها، تصميمها يماثل عمارة المعابد المصرية في الدولة الحديثة، وفنونها جمعت بين الفنين المصري واليوناني.

و"پيتوزيريس"، هو الكاهن الأول للمعبود "چحوتي"، وقد أعد "بيوتيزيرس" لنفسه ولوالده ولشقيقه هذه المقبرة، ودفنوا فيها جميعًا، وتزخر المقبرة بالعديد من المناظر الحياتية، مثل الزراعة والحصاد، وجمع وعصر العنب، ورعي الطيور والحيوانات، والمنظر الشهير لبقرة تلد، بالإضافة لمناظر الصناعات الحرفية المتعددة والدينية، مثل: الجنازة ومقدّمي القرابين، وعبادة الآلهة، وبعض فصول كتب الموتى.

وتفتخر منطقة "تونة الجبل" بأنها تضم مقبرة واحدة من أشهر العشاق بالتاريخ، وهي مقبرة الفتاة "إيزادورا"، التي عاشت تقريبًا في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت غرقت وهي تعبر نهر النيل للقاء حبيبها، ورثاها والدها بمرثية شعرية كُتبت باليونانية، وسُجِّلت على جدران المقبرة.

وتضم القرية أضخم خزان مياه مكتشف من مصر القديمة وهو "الساقية الرومانية"، وهو خزان مياه شُيد تحت سطح الأرض بالطوب الأحمر، على شكل بئر أسطواني يصل عمقه إلى حوالي 40 مترًا، أنشئ لتخزين المياه الضرورية لاستخدام العاملين في الجبانة والزوار، ولمتطلبات التحنيط والقرابين والطقوس الجنائزية.

أما استراحة الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، والتي حرص على بنائها في مكان يجمع بين الغموض والهدوء، فقد استقر على موقعها بناء على معلومات عن قيمتها التاريخية ووصف الدكتور سامي جبره، أحد أشهر علماء الآثار المصرية، وهو "عديل" الأديب طه حسين.

وفي هذه الاستراحة خرجت رائعته "دعاء الكروان" للنور، لتصبح أشهر إبداعات عميد الأدب العربي، والتي تروي حياة فتاة "صعيدية" من قرية صحراوية بالمنيا، وجسّدت السينما، الرواية في فيلم حمل نفس الاسم، قامت ببطولته سيدة الشاشة العربية الفنانة الراحلة فاتن حمامة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان