لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. "أم مصطفى" سكندرية في مهنة الرجال.. "حدّادة" وزوجة وطالبة جامعية

12:36 ص السبت 17 يونيو 2017

الإسكندرية – محمد البدري:
 فرضت العادات والتقاليد المصرية، بعض القيود على النساء في مجال العمل، بشكل جعل عددًا من المهن حكرًا على الرجال، خاصة المهن الشاقة التي جعلت من غير المألوف أن تجد امرأة تعمل بها..

غير أن إرادة المرأة وحاجتها الملحة في كثير من الأحيان، أمران جعلاها تنتزع مفاتيح هذه المهن وتمارسها بإتقان، دون الالتفات إلى المحاذير الاجتماعية، و"ثقافة العيب" التي مثّلت عائقًا في كثير من البيوت..
 
وفي الإسكندرية، كانت "مها صبري"، نموذجًا ناجحًا أمام المجتمع لإثبات قدرة النساء وقوتهن لكسر الحاجز الزجاجي الذي حصرهن في مهن معينة، حيث قررت الوقوف بجانب زوجها في ورشة الحدادة لتصنع أشكالاً متنوعة للمساعدة في تربية أبنائهما وتعليمهم من خلال عائد هذه المهنة.
 
"مها".. ذات الاثنين والثلاثين ربيعًا، هي أم لثلاثة أبناء، أعمارهم بين 6 إلى 11 عامًا، اختارت العمل في مهنة الحدادة، لتكون أول سكندرية تمارس هذا العمل الشاق، متحدية النظرة المجتمعية التي لاحقتها في بادئ الأمر، نظرًا لاحتياج مهنتها العمل في ظروف قاسية أمام نار فرن تشكيل المعادن، واضطرارها أحيانًا للانتقال لمواقع عمل للإنشاءات، وسط جيش من الرجال الذين يستقبلونها بنظرات الدهشة والرفض في بعض الأوقات..

يوم في الورشة 

مع دقات الساعة السادسة صباحًا، تبدأ مها يومها في المنزل المطل على الورشة التي يملكها زوجها بمنطقة المنتزه شرقي الإسكندرية، لتقوم ببعض الأعمال المنزلية، وتحضير طعام الإفطار لأبنائها الثلاثة، قبل النزول إلى العمل، الذي يبدأ غالبًا في تمام الساعة التاسعة صباحا، وتستهله "أم مصطفى"، كما يناديها أبناء المنطقة، بتنظيف الورشة وإخراج المعدات خارجها، وتشغيل آيات من القرآن الكريم تباركًا بيوم جديد لكسب الرزق الحلال.

16 سنة كفاح 

قالت "أم مصطفى" في حديثها لـ"مصراوي": "بدأت العمل في مهنة الحدادة، منذ نحو 16 عامًا؛ بسبب ظروف المعيشة الصعبة، وحلمي بتوفير حياة كريمة لعائلتي؛ الأمر الذي كان حافزًا كافيًا لاتخاذ قرار مساعدة زوجي الذي يعمل بنفس المهنة، والذي ساعدني ودعمني كثيرًا ولم يبخل عليّ بأي معلومة في تعلم المهنة".
 
وأضافت أنها كانت تذهب في بداية الأمر إلى ورشة الحدادة التي يستأجرها زوجها كي تساعده في إنجاز بعض الأعمال البسيطة، منها طلاء الأبواب والنوافذ الحديدية، كمرحلة نهائية في عملية التصنيع حتى تشجعت، في طلب تعلم المهنة بكافة مراحلها.

وراء كل امرأة عظيمة رجل 

وتابعت: "أخدت وقت كبير لحد ما اتعلمت، وزوجي ساعدني وعلمني كل حاجة، وكان بيشتريلي أدوات صغيرة في الحجم وخفيفة الوزن لمساعدتي في تقطيع وتشكيل المعادن، حتى أتقنت كل متطلبات المهنة، والآن أقوم بقطع وتشكيل ولحام جميع أنواع المعادن، وكذلك تشكيل الأبواب الحديدية كبيرة الحجم، وأذهب أيضًا في مأموريات عمل في مواقع إنشاء لمساعدة عمال البناء في عملهم".

الدبلوماسية تقهر النظرة الرجولية 

الدبلوماسية وطول البال كان السلاح الفعال الذي أحبطت به مها النظرة "المسترجلة" التي تلاحقها بها عيون من حولها، لا سيما نظرات الرفض التي واجهتها في بادئ الأمر من الرجال، لاعتدائها على مهنة كانت حكرًا عليهم.
 
وأشارت "أم مصطفى" إلى أنها واجهت في بداية عملها بعض الانتقادات، والتي شملت عبارات منها "دي شغلانة رجالة"،"  وتذكرت موقفًا تعرضت له من أحد الأشخاص الرافضين لها أثناء افتراشها الأرض للحام أحد السيارات قائلا: " إزاي تعملي في نفسك كدا وتقعدي تلحمي حديد في الشارع"، حتى أجابته برد قاس جعله يغادر المكان قائلة: "الشغل مش عيب.. وعلى الأقل أنا اسمى شقيانة وانت قاعد على القهوة بتتفرج وتعيب في اللي بيتعبوا في شغلهم".
 
وعلى النقيض، كان هناك جانب مشرق في عملها، إذ أكدت أن أغلبية أهالي المنطقة كانوا فخورين بما تفعله لمساندة أسرتها، وأصبح الجميع يعاملها باحترام أكثر مما كان، لدرجة أن بعض الأهالي كانوا يحيونها على ما تفعله في كل مرة يمرون فيها على محل عملها.

أعمال الخير 

حياتها الصعبة كانت سببًا رئيسًا في اتخاذها قرار المشاركة بالمجهود في الأعمال الخيرية، "لأن الغلبان بيحس بالغلابة اللى زيه"، بحسب وصف أم مصطفى، مشيرة إلى أنها شاركت في بعض القوافل الخيرية، وكانت تحمل الأجولة والطعام والإعانات إلى الفقراء في المناطق النائية والبعيدة في الإسكندرية، وكان ذلك سببًا في توسيع دائرة معارفها والتعرف على أشخاص جدد بأفكار ومستويات مختلفة، سواء من الفقراء أو من المشاركين معها بالقوافل الخيرية بمختلفة مستوياتهم الاجتماعية.   

رحلة الشهادة الجامعية 

طموح "أم مصطفى" لم يقف فقط عند مزاحمة الرجال في مهنة شاقة بكل المقاييس، بل وصل إلى مرحلة حلم تحقيق الذات في استكمال تعليمها للحصول على إحدى الشهادات العليا في التعليم، حيث قررت قبل أعوام العودة إلى مجال التعليم الذي توقف عند الشهادة الإعدادية لتحصل على دبلوم التجارة بالنظام المنزلي، مشيرة إلى أنها كانت تذاكر مع أطفالها وكأنها واحدة منهم، حتى نجحت بتفوق.
 
ولفتت إلى أنها قررت مواصلة رحلتها التعليمية، بعد أن ساعدها أستاذ جامعي في التقدم بأوراقها إلى المعهد العالي للسياحة والفنادق، الذي جرى قبولها فيه مؤخرًا، لتبدأ رحلة جديدة من الكفاح.

حُلم البرلمان 

وتأمل مها في الترشح مستقبلاً لمجلس النواب بعد إنهائها دراستها بالحصول على درجة البكالوريوس في السياحة والفنادق، مشيرة إلى أن الفكرة بدرت إليها بعد إلحاح من بعض الأشخاص الداعمين لها، والذين رأوا فيها نموذجًا ناجحًا للكفاح والمثابرة وتحقيق الذات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان