إعلان

أصابها "رهاب الامتحانات".. "رانا" هربت من اللجنة إلى الإسكندرية

04:35 م الأربعاء 17 يناير 2018

البحيرة – أحمد نصرة:

كانت ليلة امتحان منتصف العام لمادة الدراسات الاجتماعية للشهادة الإعدادية، أمسكت "رانا" بالكتاب المدرسي وبعض الملخصات الدراسية في محاولة لاسترجاع ومذاكرة الفصول المقررة عليها، أخذت تتصفح ما بيديها وهي شاردة الذهن من صعوبة المادة التي دائما ما شكلت أرقَا لها.

رغم برودة الجو في مدينتها الساحلية تصببت "رانا" عرقا بفعل هرمون الأدرينالين الذي زاد إفرازه في دمائها نتيجة للخوف المفرط، وبمرور الوقت سيطرت هواجسها عليها تماما حتى أفقدتها القدرة على التركيز، فلا ذاكرت ولا استطاعت النوم.

صبيحة يوم الامتحان استيقظ الأب كعادته مبكرا لتوصيل ابنته إلى لجنتها بمدرسة رشيد الإعدادية بنات، لاحظ الإرهاق الشديد على وجه الابنة، وبدت الأخيرة واجمة أثناء تناول وجبة الفطور، اعتبر والدها ذلك أمرا عاديا بفعل المذاكرة واصطحبها معه حتى إذا وصلا إلى باب اللجنة انهارت الطفلة في البكاء رافضة دخول الامتحان، وسط محاولات مستمرة منه لإقناعها".

"كنت باوصل بنتي للامتحان الصبح وشفت رانا كانت بتعيط وفي حالة انهيار خايفة تدخل الامتحان، ووالدها بيحاول يطمنها ويقنعها إنها تدخل اللجنة، وبعد محاولات وافقت ودخلت المدرسة بالعافية" يروي أحد أولياء الأمور ما شاهده أمام باب اللجنة.

عقارب الساعة تشير إلى الثامنة والنصف تماما الموعد الرسمي لبدء الامتحان، بدأ ملاحظا اللجنة رقم 7 في توزيع أوراق الأسئلة، بينما أحد المقاعد خالية من الطالبات، مرت دقائق ولم تحضر الطالبة فأخطرا مراقبة الدور.

تروي مراقبة الدور شهادتها قائلة: "أبلغني الملاحظ أن هناك طالبة متغيبة لم تحضر وبسؤالي للطالبات داخل اللجنة أخبروني أنها غير منقطعة وحضرت امتحان الأمس، وبالتالي سألت إدارية اللجنة وهي ذاتها مسؤولة شؤون الطالبات بالمدرسة إن كانت تعرف الطالبة ومحاوله الاتصال بها، خشية أن تكون تخلفت بسبب تأخرها في الاستيقاظ من النوم، لكنها أجابت بعدم وجود تليفون للطالبة بالمدرسة".

وتستطرد المراقبة: "أثناء بحثي عن رقم هاتف لأي من أقارب الطالبة، ذكرت إحدى زميلاتها أنها شاهدت والدها يقف خارج اللجنة، وهنا زادت مخاوفنا وبدأنا في البحث عنها ولم نجدها، وبالرجوع إلى كاميرات المراقبة اكتشفنا خروجها من بوابة المدرسة الخلفية في تمام الساعة 8:13 دقيقة بعدما اطمأن والدها إلى دخولها أمامه".

خرجت "رانا" من البوابة الخلفية للجنة شاردة الذهن لا تدري أين تسوقها قدماها، وجدت نفسها أمام محطة القطار فاستقلته دون تفكير في طريقها نحو الإسكندرية، كانت كل ما تريده هو الابتعاد بخوفها، هبطت بمحطة المعمورة وجلست تبكي على مقاعد الانتظار دون هدف محدد لها.

مرت الساعات وانتهى وقت الامتحان ولم تعد "رانا" لمنزلها وزاد قلق أسرتها عليها فنشرت صورتها وخبر تغيبها على صفحات التواصل الاجتماعي، ولحسن الحظ شاهدها أحد أهالي المدينة وتعرف عليها أثناء جلوسها بمحطة المعمورة فاصطحبها وعاد بها لأسرتها سالمة.

"كنت خايفة ما أحلش كويس وما حسيتش بنفسي إلا وأنا باركب القطر" كانت هذه إجابة الطالبة "رانا" لأسرتها لدى عودتها مفسرة سبب امتناعها عن دخول اللجنة وهربها بهذه الطريقة لتثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول مدى فاعلية نظامنا التعليمي والحاجة إلى تطويره.

ويقول "أحمد. ط" أخصائي اجتماعي وأحد أقارب الطفلة: "رانا مستواها الدراسي جيد، وأسرتها تعاملها بشكل ممتاز للغاية، ولم يحدث أن أرهبها أحد أو هددها بسبب التعليم، وعندما تحدثت معها بعد الواقعة تأكد لي أن حرصها على تحقيق درجات جيدة هو السبب الذي جعلها تصاب بهذه الحالة من الرعب والتي أفقدتها القدرة على التصرف السليم.

ويفسر الدكتور محمد سمير أخصائي الطب النفسي، حالة الطالبة رانا قائلا: "القلق من الامتحان أحد أشكال الاضطراب النّفسي الّذي يصيب بعض الطّلاب، وهو أمر طبيعي بالنسبة للراغبين في التفوق ومحفز لهم لبذل كل طاقاتهم طالما ظل في حدود آمنة، ولكنه أحيانا يتحول إلى مرض سلبي يصيب الطّالب بهلع شديد فيفقد السيطرة على نفسه ويتخلف عن خوض الامتحان كما حدث في حالة الطالبة رانا، وهذا النوع يسمى" رهاب الامتحان" فينتاب أصحابه الخوف قبل فترة من الامتحان ويزداد تدريجا كلما اقترب الموعد، فيشعرون أنهم غير مهيئون لخوضه، ويفقدون الثقة في أنفسهم إلى أن يصابوا بالانهيار الكامل في الليلة التي تسبقه، وفي حالة ظهور هذه الأعراض على الأسرة أن تعرض الحالة على طبيب نفسي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان