"الحواوشي" قتل شيماء .. مكونات مجهولة وسعر فارق المنطق

البحيرة – أحمد نصرة:

"لقيت ربة منزل مصرعها وأصيبت ابنتيها بالتسمم إثر تناول وجبة "حواوشي"، بدمنهور، وتم تحويل الطفلتين لمركز السموم بالإسكندرية لتلقي العلاج".. قبل يومين كانت تلك الحادثة الأشهر في محافظة البحيرة، لم تكن تعرف وقتها ربة المنزل أن وجبة "الحواوشي" ستكون الأخيرة لها.

قيء، مغص، إسهال؛ بدأت أعراض التسمم الحاد تظهر على "شيماء"، 32 سنة، وطفلتيها "أسماء" 12 سنة، و"آلاء" 10 سنوات، نُقل الثلاث إلى المستشفى، لفظت الأم أنفاسها، وأصيب الطفلتين، فيما ظل القدر رحيمًا بالأب الذي أنقذ تأخره عن المنزل حياته.

قصة حزينة بالبحيرة بطلها رغيف "الحواوشي"، الذي يعشقه المصريون، يتمسكوا به رغم ما يحيطه من اتهامات وشكوك، لكن يظل سعره المتدني وسط الغلاء سببًا رئيسًا للإقبال عليه. لا تعد حالة شيماء وأسرتها هي الأولى من نوعها في البحيرة، إذ سبقتها الكثير من حالات التسمم بسبب "الحواوشي"، أقربها وفاة 6 أفراد من أسرة واحدة جرائه.

3 و5 و 10 جنيهات هي الأسعار المتداولة لرغيف "الحواوشي"، بمعظم مدن ومراكز محافظة البحيرة، وهذا التباين في السعر بحسب الحجم وليس المحتوى الذي دائمًا ما يكون واحدًا.

يتساءل سيد عبد العظيم: " أنا مش فاهم لما الرغيف رغم كل الغلا ده كله لسه بـ 3 جنيه و بـ 5 جنيه، يبقى إيه الي موجود جواه بالعقل، ده تمنه حتى مايجيبش حق العجين والبصل والغاز إلي بيتسوى بيه، بس هرجع وأقولك معدة المصريين زلط وبتهضم أي حاجة".

ويقول محمد الرويهبي، عامل: "فضلت أكتر من 15 سنة أنا وكل اللي أعرفهم بناكل حواوشي من عند محل جنبنا، ومن فترة لقينا الحكومة والصحة بيشمعوا المحل، وطلعوا من التلاجات لحمة خدوها معاهم، سمعنا بعدها إنها لحم حمير، بس الله أعلم".

ولا تقتصر خطورة الحواوشي على ما قد يحتويه من مكونات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، ولكن أيضا طريقة تصنيعه داخل آنية غيرنظيفة، وطريقة عرضه أمام مصادر التلوث المختلفة.

يقول علي سعدون، مُعلم: "اللي يشوف الأواني اللي بيتعمل فيها خلطة الحواوشي ومستوى نظافته صعب ياكل منه تاني بعدها، منتهى الإهمال في النظافة، العامل بتبقى إيديه مش نضيفة وبيجمع الخلطة في مجور كبير أو طشت من بتوع الغسيل وكل ده في وسط الشارع والتراب وعوادم السيارات، وبعد ما يتخبز بيتساب برده في الهوا لكل العوامل الملوثة دي، وفي الآخر ييجي واحد مسكين يشتريه وياكله".

في المقابل يقول "م.ن"، جزار: "مش كل الناس عندها قلة ضمير وإحنا الحمد لله بنراعي ربنا في شغلنا والحواوشي بتاعنا زي الفل ونضيف، بس زي ما بيقولوا كل حاجة بتمنها يعني رغيف بنبيعوه بخمسة جنيه أكيد نسبة اللحمة فيه هتبقى قليلة جدا، وباقي المحتويات أغلبها بصل وبهارات وتنضيف اللحمة- يقصد الدهون- اللي بنبيعها للناس" .

ويحذر الخبير البيطري، لطفي شاور، من مكونات الحواوشي، قائلا: " أفادت تقارير منظمة الصحة العالمية بأن مصنعات اللحوم تعتبر من المواد المسرطنة، وهذا التحذير بالنسبة لمن يهتمون بأدق التفاصيل فى تصنيع هذه المنتجات الغذائية، أما فى مصر فيطلق المصطلح تجاوزا على نفايات اللحوم المفرومة واللحوم المنتهية الصلاحية والحيوانات النافقة والتى يتم تحويلها فى الشكل إلى همبورجر وسجق وحواوشى وغيرها من المنتجات المتداولة بالأسواق الشعبية، فهى لا تعتبر مصنعات لحوم تندرج تحت تحذيرات منظمات الصحة العالمية لانها أسوأ من ذلك بكثير".

ويشكو عدد كبير من أهالي البحيرة من ضعف الرقابة على المطاعم ومحلات الوجبات الجاهزة، منهم أحمد عبد العال الذي تساءل: "اليومين إلي فاتوا محلات حواوشي وبيتزا كتير فتحت ومعظمهم ناس غريبة مش من البلد اللي من الصعيد واللي من الفيوم، والأكل المعروض شكله مايطمنش أبدا، فين الرقابة على المحلات دي؟"

ويتفق معه سامح عوض، قائلا: "المحل صاحب المشكلة دي أتقفل أكتر من مرة، و كل ما يتقفل بيفتح فرع جديد و بنلف في دواير، أهو عمال يرمي أي حاجة للطلبة بتوع المدارس ماحدش بيدور وراه"

من جانبه قال الدكتور جاد الله الخولي، مدير مديرية الطب البيطري للبحيرة، في تصريحات خاصة لمصراوي: "فور إخطارنا بحادث تسمم الأسرة، انتقلت لجنة من مفتشي الطب البيطرى، والصحة، بصحبة ضباط إدارة شرطة التموين بالمديرية إلى المحل الذي تم شراء الوجبة منه والتحفظ على 80 كيلو لحوم مجمدة داخله، وتم إرسالها عينات منها لفحصها بالمعامل".

وأضاف الخولي: "بصفة عامة الحملات مستمرة بصورة يومية على الجزارين ومحال الوجبات الجاهزة والحواوشي، ولكن يجب أن يكون للمواطن هو الآخر دور بعدم تعريض نفسه للخطر بشراء وجبات غير مضمون نظافتها أو مشكوك في سلامة محتوياتها".