لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مصراوي" يرصد لحظات رحيل أهالي "فينسيا المكس": "يوما ما سوف نعود" (صور)

03:47 م السبت 10 مارس 2018

الإسكندرية – محمد البدري:

تصوير – حازم جودة:

"بيوت صغيرة متراصة على ضفتي المجرى المائي، الممتد من بحيرة مريوط حتى البحر المتوسط، قوارب خشبية صغيرة اعتاد أصحابها الخروج بشكل يومي لصيد الأسماك، بحثًا عن قوت اليوم".. تفاصيل مشهد ساحر لا يمكن أن تراه إلا في منطقة المكس بالإسكندرية.

عشاق "المكس"، أطلقوا عليها "فينيسا الإسكندرية"، نسبة إلى مدينة البندقية الشهيرة في إيطاليا، لتطبع في قلوب سكانها عشقًا امتد لعقود طويلة وازداد تعلقهم بها، كلما اقتربت ساعة الرحيل عنها، بعد أن تقرر هدم المنازل باعتبارها "عشوائيات" ضمن خطة التطوير الحضاري للمحافظة.

لا أحد يعلم على وجه اليقين تاريخ ظهور "خندق المكس" أو كما يطلقون عليه "فينسيا الإسكندرية" للحياة، إلا أنه ضم بين جدرانه مئات الحكايات والذكريات لسكان عاشوا فيها عشرات السنين، وتركوا فيها إرثًا شعبيًا للأجيال المتعاقبة، بداية النسق المعماري الفريد الذي تميزت به مبانيهم المتراصة جنبًا إلى جنب على ضفتي المجرى المائي بشكل مدرج، وصولًا إلى تجمعات الصيادين على القوارب لتجهيز شباكهم قبل الصيد.

"مصراوي" رصد جانبًا من اللحظات الأخيرة لسكان "خندق المكس" قبل نقلهم إلى مساكنهم الجديدة التي شيدتها الدولة، تاركين ورائهم مشهدًا لم يعتادوا بعد على فراقه.

"ولدت وعشت حياتي هنا".. قالها الحاج سعيد أحد الصيادين من أهالي المنطقة، مستعيدًا ذكريات شبابه وطفولته في المكان، مضيفًا: "أبواب البيوت كانت تطل على المراكب لهذا أطلقوا عليها فينيسيا حيث لم يكن على الصياد سوى أن يفتح باب منزله ليجد مركبه الصغير راسية أمامه ليبدأ عمله وسط جيرانه ورفقائه".

يضيف سعيد أنه عاش في هذا المكان أكثر من 50 سنة، مشيرًا إلى أن عمله في المنطقة أتاح له الزواج والإنجاب وتزويج بناته أيضًا، رغم ما أفصح عنه من أوضاع معيشية متدنية يمر أبناء المنطقة بسبب الأحوال الاقتصادية التي طرأت خلال السنوات السبع الأخيرة.

"عايز أشبع من المكان" بهذه العبارة لخّص الحاج عبدالرحمن ما يحمله من حنين إلى مكانه الذي قارب على وداعه، بعد أن اتخذ متكئًا بين ممرات المنطقة الضيقة المطلة على المجرى الملاحي، مشيرًا إلى أنه اعتاد رؤية هذا المشهد طيلة 40 عامًا، ولا يمكنه أن ينساه بسهولة وقرر أن يأتي بصفة يومية لنفس المكان الذي كان يغزل فيه شباك الصيد قبل أن تتغير معالم المنطقة.

على مقربة منه تواجد عدد من الشباب على ضفتي الخندق، يباشر بعضهم مهام عمله في تجهيز الأدوات وغزل شباك الصيد، فيما جلس آخرون أمام بيوتهم القديمة يلقون النظرات الأخيرة على الموقع الذي شهد اللحظات الأولى في حياتهم، آملين في العودة إليه مرة أخرى، وإن كانت آمالهم باتت مستحيلة بعد توقيعهم عقود منازلهم الجديدة.

ومرت إجراءات إخلاء منطقة خندق المكس بعدد من الأحداث منذ ديسمبر الماضي، كانت بدايتها الأزمة بين عدد من الأهالي ومسؤولي محافظة بسبب اعتراض عدد من سكان المنطقة على عدم تسليمهم عقود المساكن البديلة قبل بدء الهدم.

وتوجهت أجهزة حي العجمي بمحافظة الإسكندرية، لبدء أعمال هدم المنازل في ديسمبر الماضي، وتجمع الأهالي بعد تحضير منقولاتهم لإخلاء المنازل، إلا أنهم فوجئوا بعدم تسليمهم عقود مساكن "طلمبات المكس" البديلة التي تقرر نقلهم إليها بعد الإخلاء، ضمن مشروعات وزارة الإسكان، لتطوير العشوائيات.

وبلغت الأزمة حدتها بعد أن وصلت للتشابك بالأيدي بين الأهالي ومسؤولي تنفيذ القرار، ما أدى إلى قيام رئيس الحي بإرجاء عملية النقل إلى وقت آخر.

من ناحيته، أكد الدكتور محمد سلطان، محافظ الإسكندرية، أن قرار نقل سكان المكس، لمساكن بديلة لا رجعة فيه، وأن الدولة لن تضيع حقوق الأهالي، لافتًا إلى أن المساكن التي تم تجهيزها آدمية وآمنة، وتمت في إطار خطة الدولة لتطوير العشوائيات.

وفي وقت لاحق أعلن محافظ تسكين 45 أسرة من إجمالي 114 أسرة من سكان ترعة الخندق بالوحدات المخصصة لهم بمساكن طلمبات المكس، كما تم تخصيص سيارات نقل من حي العجمي لمساعدة الأهالي في نقل كافة متعلقاتهم إلى المساكن الجديدة، وتم البدء في هدم المساكن القديمة والآيلة للسقوط التي كانت تمثل خطورة داهمة على حياه قاطنيها عقب نقل كافة متعلقات الأسر إلى المساكن الجديدة، وهذا يأتي في إطار المشروعات القومية لتطوير العشوائيات والمناطق داهمة الخطورة، وتحسين مستوى قاطنيها.

وأكد سلطان، أن المحافظة ستستمر في أعمالها حتى تسكين باقي السكان في المساكن الجديدة بطلمات المكس والتي تبعد نحو كيلو متر عن موقعهم الأصلي، مشيرًا إلى أنه كلف علاء يوسف، رئيس حي العجمي بتسهيل كافة إجراءات انتقال السكان من المساكن القديمة الي الجديدة.

ويعد مشروع "طلمبات المكس"، أحد مشروعات وزارة الإسكان بالتسيق مع محافظة الإسكندرية و يتضمن 9 عقارات تحتوي على 215 وحدة سكنية وتبلغ مساحة الوحدة 63 مترًا، بتكلفة إجمالية قدرها 22 مليون جنيه.

ويخصص المشروع لنقل سكان منطقة "مأوى الصيادين العشوائية والواقعة على ترعة الخندق بالمكس"، والتي تمثل خطورة داهمة من الدرجة الثانية على السكان.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان