إعلان

بالصور- شكّلوا ملامح بورسعيد طوال قرن ونصف.. هل يكتب التاريخ نهاية "البمبوطية"

02:18 م الإثنين 05 مارس 2018

بورسعيد – طارق الرفاعي :

"تسلم يا قنال.. يا أبورزق حلال".. "شك شك مرزوقة تعالي جمبي" على أنغام السمسمية البورسعيدية يغني "البمبوطية" ويرقصون رقصتهم الشهيرة، فمنذ افتتاح قناة السويس عام 1869 لم تكن "البمبوطية" مجرد مهنة تتميز بها المدينة، بل اعتبر "البمبوطية" كجزء من تراث المدينة الثقافي.

بدأت السفن تمر ذهابًا وإيابًا، جنوبًا وشمالًا، ولم يجد بعض الذين استقر بهم المُقام في الأرض الجديدة، مصدرًا للرزق سوى النزول بقواربهم الصغيرة إلى مجرى القناة وعرض بضائعهم على السفن العابرة.. إنهم "البمبوطية".

أطلق عليهم الإنجليز في هذا الوقت اسم "مان بوت" "Man boat" أي "رجل المركب" فحرّفها أهالي بورسعيد، إلى "بنبوطي"، وهكذا تكونت طائفة مهنة "البمبوطية".

مهنة عمرها من عمر قناة السويس، من عمر تاريخ المدينة، شهدت معها تشكيل ملامحها، وأقوى ملاحمها، إنها مهنة "البمبوطية" التي تواجه اليوم مخاطر التصفية، بعد قرار أصدرته هيئة ميناء بورسعيد، بتصفية المهنة تدريجيًا، والتي لم تعد تتماشى مع الرؤية الحديثة لمجرى القناة العالمية.

واتخذت خطوات في هذا الصدد، أولها إزالة صالات العرض الخاصة بالبمبوطية في الميناء، والتابعة لهيئة الموانئ، وتقليص صلاحية ترخيص هيئة الموانئ لهم بالعمل من 3 اعوام إلى عام واحد فقط، ما أصبح يهدد قرابة 400 أسرة بمبموطي بالتشرد، والجوع خاصة مع الانخفاض الملحوظ في أعداد السفن السياحية التي تستقبلها موانئ بورسعيد خلال السنوات السبع الأخيرة.

السياحة والارهاب

"أنا من أولاد بورسعيد وأحد المحاربين القدامى في حرب أكتوبر 1973، والوضع حاليًا مختلف تمامًا عن الأوضاع في الماضي" هكذا بدأ عبد الرازق صالح، بمبوطي،71 سنة، حديثه لـ"مصراوي" عن حال "البمبوطية".

موضحًا "البمبوطية في الماضي كانوا يربطون من 50 إلى 60 مركب في الميناء، وحاليًا لا يوجد أي مركب في الميناء، رغم وجود 72 رباط، بسبب انخفاض أعداد السفن السياحية تأثرًا بالإرهاب، والأحداث في سيناء، ونتمنى أن ينصر الله الجيش والشرطة في حربهما ضد الإرهاب للقضاء عليه".

تصريح ورسوم إضافية

وأضاف "صالح" أن تصريح هيئة الميناء في الماضي كان يستمر لمدة 3 سنوات، لكن فوجئ البمبوطية باستخراجهم التصريح لمدة 6 أشهر فقط، بدعوى انتهاء رخصته "البمبوطية" خلال 6 أشهر، وفرضوا رسومًا جديدة، رغم أن التصريح كان يستخرج في الماضي بالمجان، إلى جانب تعقيد الإجراءات.

موضحًا أنهم يطلبون اليوم استخراج صحفية حالة جنائية، وهو أمر شاق له، لأنه تجاوز السبعين عامًا، ويقف في طوابير، وينتظر عدة أيام لانتهاء الإجراءات، رغم أنه كان في الماضي أيضًا استثناء من تجاوز الـ60 عامًا من إحضار الصحيفة.

متسائلًا: "هل هذه ميناء بورسعيد؟ هل هذا مظهر لميناء؟، هل هذا شكل حضاري؟، فلقد محو آثار بورسعيد القديمة وقضوا على السور الجميل للميناء، ووضعوا بدلًا منه ممشى سياحيًا لا يستفيد منه أحد".

لسنا عشوائيات

وبنبرة حادة قال "البمبوطي العجوز" "يريدون تجميعنا في مكان صغير لا يسع سوى 5 بمبوطية ونحن أكثر من 400 بمبوطي، إنهم يريدون القضاء على المهنة ويعتبروننا من العشوائيات، مضيفًا إننا مهنة تُورث منذ حفر قناة السويس، وتوارثتها أجيال وأجيال من الأجداد، فإذا كانوا يظنوننا 400 فرد فقط، فهم مخطئين فنحن 400 أسرة كل أسرة بها على الأقل 5 أفراد، ما يعني أننا أكثر من 2000 مواطن مهددون بالموت، والفقر، والجوع والمرض".

أزمة المحال

أما فوزي عوض، البمبوطي، المخضرم، فقد تطرّق للحديث عن أزمة أخرى تواجههم، قائلًا إن هيئة الميناء كانت بدايتها في ثمانينات القرن ماضي، وكانت عبارة عن "كشك" على الشاطئ ثم أنشأوا مبنى لهم بعد ذلك، وجعلوا البمبوطية يستأجرون المحل داخل الميناء بـ350 جنيه، وظل يتزايد مقابل الإيجار حتى أصبحت أدفع 1100 جنيه الشهر الماضي، إضافة إلى مديونات، و84 جنيه فوائد كل عام.

نتعب ونشقى بلا فائدة

لم يستطع عم "فوزي" التماسك طويلًا خلال حديثه واختفى هدوءه قائلًا :"نتعب ونشقى بلا فائدة، 1200 أسرة من أين سيأكلون ويعيشون؟".

بينما قال حسن مجاهد "أحمل رخصة بمبوطي وحالنا واقف ولا نعمل، ولا أحد يسأل فينا، ويريدون طردنا، ولا نعرف ماذا نفعل".

اللجنة النقابية

من جانبه، قال عادل عبد العليم، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بميناء بورسعيد والميناء السياحي، إن هناك مشاكل عديدة يعاني منها البمبوطية من أبرزها مشكلة رخصة هيئة ميناء بورسعيد التي كانت صلاحيتها في الماضي لمدة 3 سنوات، ويتم استخراجها بالمجان، ولكن تغير الوضع حاليًا مع تغير تابعية الميناء من هيئة موانئ بورسعيد إلى المنطقة الاقتصادية، لتصبح سنة واحدة، إلى جانب فرض رسوم.

وأضاف أن المحال التي كانت مخصصة للبمبوطية في الميناء بلا إيجارات، بقرار من الوزير لعدم وجود سياحة، لحين عودة الأمور إلى طبيعتها، لكن الهيئة الاقتصادية رفضت تجديد المحال، لحين دفع الإيجارات المتأخرة بأثر رجعي، وهو أمر يفوق إمكانات البمبوطية، الذي حاول بعضهم سداد المبالغ على أقساط.

تصفية المهنة

وفجّر "عبدالعليم" مفاجأة عندما أكد أنه اطلع على قرارٍ من هيئة الميناء بتوريث رخص البمبوطي مرة واحدة فقط، لحين تصفية المهنة، متسالًا لصالح من يتم تصفية المهنة ؟

مضيفًا أنها من أقدم المهن في بورسعيد، رغم أنهم مع الدولة في أي شيء للصالح العام؟، لافتًا إلى أن المهنة جزء لا يتجزأ من مدينة بورسعيد التاريخية.

مناشدة

ولفت رئيس اللجنة النقابية إلى أن التصميم الجديد للميناء السياحي لا يتضمن وجود صالات خاصة بهيئة الميناء لاستخدام "البمبوطية"، واستبدالها بمكان صغير للبمبوطية، لا يكفي سوى 5 بمبوطية.

وناشد "عبدالعليم" المسؤولين بإنقاذ 400 بمبوطي، من خطر التشرد والفقر هم وأسرهم، خاصة وأنهم ضحّوا من أجل مصر خلال السنوات السابقة، وكانوا في الصفوف الأولى للدفاع عن الموانئ ضد أي خطر يهددها فلم يشهد الميناء السياحي أي شيء خلال الأحداث التي مرت بها مصر.. فهل هذه نهاية "البمبوطية".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان