إعلان

50 عامًا من الكفاح أمام الفرن.. قصة أشهر طاهية أسماك على بحيرة قارون

12:44 م الأحد 01 أبريل 2018

الفيوم – حسين فتحي :

عينان ضيّقتان في وجه نحتته تجارب الحياة، تتشح بسواد الحشمة، فيما يُخضّب يديها المتشققتين سواد ردّة السمك المشوي، إنها "أم حامد" أشهر طاهية سمك على ساحل بحيرة قارون.

اشتهرت المرأة السبيعينية، بين زائري المناطق السياحية، سواء كانوا أجانب أم مصريون من مختلف الطبقات الاجتماعية، ووصل صيتها إلى فناني ومشاهير مصر، الذين اعتادوا تناول الأسماك من يديها على اختلاف أنواعها، وتباين أذواقهم.. "نفسها حلو" كما يقولون.

قابلناها في بيتها ومصنعها، إنها هانم منصور عبيد, 74 سنة, تقيم بقرية شكشوك, الواقعة على ساحل بحيرة قارون, لتحكي لنا قصتها، التي بدأت مع تصنيع الأسماك منذ أكثر من 50 عامًا، بمنزلها بقرية شكشوك.

قالت "أم حامد" وهي جالسة أمام الفرن "توفي زوجي وترك لي ولد وبنت، عانيت معهما، وفي سبيل تربيتهما ذقت المرّ، وتحملت مصاعب العمل، واتخذت من صناعة بلاطة الفرن البلدي، وبيع القش، مهنة استرزق منها وطفليّ، وبعد عدة سنوات، افتتح مطعم أسماك بالقرية وطلب مني صاحبه تجهيز الأسماك لزبائنه في منزلي، بعيدًا عن المحل.

أضافت "الحاجة" لــ"مصراوي": بدأت بتجهيز كيلو السمك البلطي والموسى والبوري، وهي الأسماك التي كانت منتشرة في بحيرة قارون، مقابل 5 قروش للكيلو، ومن هنا فُتحت لي بوّابة رزق جديدة، عوضتني الكثير من سنوات الشقاء وسط الطين.

وتابعت "زبائني من نجوم الفن والتمثيل، يأتون إلى فنادق الفيوم، ويطلبون الأسماك مني، ويُحبون من يدي "طاجن البوري، وثعبان السمك، والجمبري المقلي" إلى جانب الأرز، والعيش البلدي، والسلاطات والذي منه، وأستخدم فرني البلدي في تسوية الوجبات.

وأوضحت "كنت أُجهّز أكثر من 150 كيلو من مختلف أنواع الأسماك يوميًا، أذابت السنين الفرن البلدي، لكنها لم تذب يديّ، واستبدلته أخيرًا بـ"البوتاجاز".

نجحت "أم حامد" في تربية طفليها، فتزوّج ابنها حامد، وابنتها نجيّة، لكن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة دائمًا، إذ توفيت زوجة الابن، "كانت ست طيبة" هكذا قالت الأم في أسى، وسافر الابن للعمل بدولة الإمارات، تاركًا أطفاله لجدتهم الكهلة، التي ما إن انتهت من تربية طفليها، حتى أهديت بتربية أحفادها، الذين يشغلونها كثيرًا عن عملها، الذي تحرص كل الحرص على استمراره، بابًا مفتوحًا للرزق.

لفتت "أم حامد" إلى أن بعض زبائنها يطلبون تجهيز وجبات الأسماك، ليأخذونها معهم إلى أوروبا، والدول العربية، قبل ساعات من سفرهم، لتكون طازجة عند الوصول، ويقدمونها كهدايا لأصدقائهم في الخارج، الذين يُعجبون كثيرًا بها، ويأتون هم وغيرهم على صيت الرائحة والمذاق الحُلو.

وقالت "السمك زمان كنا بنطلعه من بحيرة قارون بالجاروف، كانت الناس بتشوي، وتقلي بالشكاير، لكن سبحان مغير الأحوال، بقى كل واحد بيحاول يادوب يدبر ثمن كيلو سمك لأسرته، بسبب تلوث البحيرة، وغلاء الأسعار.

وأصبحت أسعار كليو سمك الموسى بــ 70 جنيهًا، بعد ما كان بـ5 جنيهات، والبلطي بــ30 جنيهًا، والبوري بــ50 جنيهًا، أما الجمبري فخلاص، معدش يطلع من البحيرة.

والمفاجأة كانت أن "أم حامد" لا تأكل السمك إطلاقًا، رغم عملها في طهيه منذ أكثر من 50 عامًا، وتُفضل عليه "الدجاج البلدي" و"البط" من تربية يديها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان