رقص وعزل ومحاكم.. قصة 14 شهرا من النزاع بين جامعة السويس ومنى البرنس
السويس - حسام الدين أحمد:
بعد أكثر من عام أثارت خلاله الدكتورة منى البرنس مدرس الأدب الإنجليزي في كلية الآداب جامعة السويس، أنهت الجامعة الجدل وأصدرت قرارها بعزل البرنس من وظيفتها بعد ظهورها في صور وفيديوهات نشرتها على صفحتها الرسمية على "فيس بوك" قبل عام، تظهر فيها ترقص مرة بملابس السباحة، وأخرى بجلباب بلدي.
رقص ومايوه
في الأسبوع الأول من أبريل العام الماضي نشرت برنس، فيديو أثار الجدل ظهرت فيه ترتدي جلبابًا وترقص على أغنية لنانسي عجرم، فوق سطح منزلها في الفيوم.
بدأ الأمر بانتقاد من طلابها، وسرعان ما تحول إلى هجوم، خاصة أن الفيديو سبقه بـ5 أيام صور على صفحتها الشخصية ظهرت فيها وهي ترتدي ملابس البحر "مايوه"، تطور الهجوم إلى حملة من الطلاب تطالب بوقفها عن التدريس في الجامعة، ورد عليها بعض طلابها في منشورات على "فيس بوك"، بأنها تحرض على الفسق والفجور.
أعقب غضب الطلاب قرار الدكتور ماهر مصباح رئيس الجامعة السابق بإحالتها للتحقيق بسبب مخالفاتها وإخلالها بواجباتها الوظيفية.
قال رئيس الجامعة آن ذاك: "إن ما احتواه الفيديو من رقص، يمثل إخلال بواجباتها الوظيفية ومخالفة لقانون تنظيم الجامعات الذي وضع شروطًا ومواصفات لعضو هيئة التدريس".
وقف عن التدريس
وأضاف الدكتور مصباح أن "برنس"، أوقفت عن التدريس لمدة شهرين بسبب نتائج امتحانات الطلاب وإخلالها بواجباتها الدراسية، والمتمثلة في تدني نتائج نجاح الطلاب في مادتها بقسم اللغة الإنجليزية، والتي تراوحت بين صفر و30% فقط كحد أقصى للنجاح.
وذكر أيضًا أنها انقطعت عن التدريس في الجامعة قبل عامين لسفرها لدولتي أمريكا وإسبانيا في مهمات علمية، ووفقًا للقانون كانت تتقاضى مستحقاتها المالية وراتبها، لكنها لم تقدم أية أبحاث علمية عن تلك الفترة.
أجرت الشئون القانونية بالجامعة تحقيقًا مع "البرنس"، بعد قرار الإحالة بـ3 أيام، واستكمل المحققون بالجامعة التحقيق معها في جلسة أخرى بعد 10 أيام، وانتهوا بقرار إحالتها لمجلس التأديب.
شارع الهرم
بالتزامن مع استكمال التحقيق وقرار إحالتها لمجلس التأديب، نشرت البرنس فيديو جديد ردًا على الإجراءات التي اتخذت معها، ظهرت فيه ترقص مرة أخرى ولكن داخل منزلها وعلقت عليه بأنها تنشر ذلك المقطع لتؤكد أنها لا تخاف أي تحقيقات أو إجراءات وأن من حقها أن ترقص متى تشاء.
في غضون ذلك اتخذت القضية منحى آخر، عندما أصدرت لجنة الحريات بنقابة المحامين بيانًا اعتبرت فيه أن مكان الدكتورة شارع الهرم وليس التدريس في الجامعة، وفي اليوم التالي اتهم محمد صلاح عجاج وكيل نقابة المحامين الدكتورة منى، بازدراء الأديان، والتحريض على الفسق والفجور، والاعتداء عليه بالسب والقذف بمجمع نيابات محاكم السويس.
وذكر صلاح أنه كان متواجد يوم 6 أبريل العام الماضي بنيابة السويس، للتقدم ببلاغ ضد الدكتورة يتهمها فيه بازدراء الأديان والتحريض على الفسق، وتصادف أثناء ذلك تواجد البرنس، لتحرير محضر تتهم فيه محرر صحفي بتجاوز خصوصيتها والحصول على صورها الخاصة من صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وفيديوهات لها، ونشرها في موقع إخباري.
ويقول صلاح: "اتجهت نحوي وسألتني عن شخصيتي ثم انهالت عليا بسيل من السباب والشتائم، والألفاظ الخارجة".
خطابات بعلم الوصول
هدأ الضجيج الذي أحدثته البرنس بضع أسابيع، وفي منتصف أغسطس الماضي نشرت صورة منشور صادر من الجامعة يفيد بإيقافها عن العمل، إلا أن الدكتورة منى إدوارد عميد كلية الآداب بجامعة السويس، قالت إنه لا صحة لوقف البرنس عن العمل وأكدت أنها محولة إلى مجلس تأديب والذي لم يعقد حتى ذلك الحين.
وكشفت إدوارد عن أن المنشور التي وضعته الدكتورة منى البرنس، صدر بداية الأزمة، وأنها قد كلفت عقب ذلك بأعمال إدارية ولم تنفذها، عقب إحالتها لمجلس التأديب عقب فيديو الرقص وظهورها في برامج "التوك شو" والإساءة للجامعة.
وذكرت عميد آداب أيضًا أن مجلس التأديب أرسل أكثر من خطاب بعلم الوصول على عنوان الدكتورة المقيد لدى الجامعة لإخطارها بموعد المجلس لكن لم يستدل عليها.
في الشهور التسعة التي سبقت عقد جلسة مجلس التأديب، لم تهتم منى البرنس كثيرًا بما يحدث في الجامعة باستثناء منشورات تحدثت فيها متهمة طلاب الجامعات بالفهم المحدود وعدم الإدراك، الناتج عن إهمال القراءة والتثقيف بشكل عام، والأعمال الأدبية بشكل خاص، مع ذكرها أهمية تدريس نصوص أدبية مستوحاة من قصص دينية.
إضافة إلى ذلك أعلنت البرنس ترشحها لرئاسة الجمهورية، وبحسب ما ذكرت في وسائل الإعلام فقد تجولت في مدن وضواحي المحروسة لنشر فكرها وإقناع الناخبين باختيارها، إلا انها لم تستطع تحقيق الحد الأدنى من استمارات التأييد للمشاركة في ماراثون الانتخابات.
إلا ان ذلك لم يمنعها من تهنئة الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية بفترة ثانية، وفي نفس فيديو التهنئة طالب من الرئيس تعيين نائبين إضافيين له الأولى سيدة للشئون الداخلية والمحليات والثاني قبطي، ورشحت نفسها للرئيس لتكون هي النائبة السيدة على أن يمدها بمساعد من الأكفاء ذوي الخبرات بمؤسسة الرئاسة، بينما زكت رجل الأعمال نجيب ساويرس ليكون هو النائب المسيحي للرئيس ذلك في حال "وافق ساويرس" على حد قولها في الفيديو.
خمس ساعات
بحسب مصدر مسؤول في جامعة السويس فإن جلسة التحقيق التي عقدها مجلس التأديب منتصف مايو الماضي، استمرت خمس ساعات، برئاسة الدكتور أسامة مسعود نائب رئيس الجامعة، وبحضور نائب رئيس مجلس الدولة، وأستاذ بكلية حقوق.
كان من بين الاتهامات الموجهة للبرنس الخروج عن التوصيف العلمي للمقررات الدراسية بالمخالفة وازدراء الأديان، والإساءة على الجامعة، والإخلال بواجباتها الوظيفية.
انتهت جلسة التحقيق وقررت عزل البرنس من وظيفتها، ورفعت تقريرها للدكتور سيد الشرقاوي رئيس جامعة السويس.
كسر المقدسات
وأفاد التقرير الذي تسلمته الجامعة، بأن قرار عزل "البرنس" جاء بعد نتيجة خروجها عن التوصيف العلمي للمقررات الدراسية، ونشر أفكار هدامة والدعوة إلى تعظيم الشيطان، والدعوة إلى كسر المقدسات واستبعادها لصالح سلطان العقل البشري في تحديد مصيره، مع انكار المعلوم من الدين بالضرورة، في صورة الحساب والجنة والنار.
بالإضافة إلى الخروج على النظام العام المصري الذي يقوم على الشريعة الإسلامية، وعلى القانون والنظام في دعوة فوضوية متسترة برداء التخليل الأدبي لنصوص مقارنة مع غبلاغ النيابة العامة للتحقيق فيما قد يشكله ذلك من مخالفات جنائية.
بناء على قرار المجلس، قرر رئيس الجامعة عزل مدرس آداب اللغة الإنجليزية، "مصراوي" حاول التواصل مع البرنس إلا أن هاتفها كان مغلقًا باستمرار، وفيما بعد رفضت الرد على اتصالات الإعلاميين والصحفيين، وكتبت قبل أيام منشور على صفحتها ردًا على قرار عزلها جاء فيه:
" في سابقة هي الأولى من نوعها في مصر والعالم العربي، والعالم بأجمعه، عزل استاذة جامعة من وظيفتها، ليس لكونها مرتشية، أو متحرشة جنسيًا بطلابها وزملائها، أو تفرض بيع ملزمات وكتب قص ولزق على طلابها، أو تسرّب امتحانات، أو تعطي دروسًا خاصة لطلابها، أو لغيابها لأسابيع عن قاعات التدريس، عزل أستاذة جامعة من وظيفتها بسبب صور للأستاذة بالمايوه وفيديو رقص بجلابية على صفحة "فيس بوك" الخاصة بها.. إلى اللقاء في المحكمة يا جامعة السويس".
ثم كتبت منشورًا آخر قبل يومين قالت فيه: "أنا لم ارتكب أي مخالفة جنائية، ولم أقم بتصرف يعاقب عليه القانون المصري، ولا خالفت لائحة الجامعة الفضفاضة فيما يخص بعبارة حسن السير والسلوك".
وأضافت في منشورها أن الدولة ممثلة في الجامعة الحكومية قررت عزلها من وظيفتها مع ضمان حقها في المعاش أو المكافأة، "ما يعني في النهاية أنه تم انهاء خدمتي مبكرًا" تقول البرنس وأشارت إلى أنها ستكمل حلهما بالترشح للرئاسة قائلة: "على ما أعتقد لا يمنع ذلك من محاولتي الترشح لرئاسة مصر لاحقًا في 2022".
فيديو قد يعجبك: