اغتسل بمادة كاوية ظنها ماء.. عمالة الأطفال شوهت رأس "عبدالرحمن"
البحيرة – أحمد نصرة:
توسطت الشمس كبد السماء في نهار يوم رمضاني بالغ القيظ، رغم الحرارة الشديدة وعمله الشاق ظل الطفل عبدالرحمن ذو الأحد عشر ربيعًا محافظًا على صيامه، كلما داهمه الشعور بالظمأ اجتر لعابه فلم يجد إلا حلقًا جافًا ولسانًا متخشبًا، تلفت حوله باحثًا عن بقعة ظل أو شجرة يحتمي بها ولكن من أين له ذلك داخل مزرعة لنباتات البطاطس الدرنية النامية أسفل التربة.
وسط إرهاقه ومعاناته التي تفوق احتمال طفل في عمره الغض لمحت عيناه "جركن" في أطراف المزرعة، أسرع نحوه وهو يمني نفسه أن يجده مليئًا بالماء، فالقليل منه أعلى رأسه ربما يرطب جسده ويخفف عنه بعض ما يعانيه، اختبر ثقله بحركة تلقائية ليتأكد له امتلائه فما كان منه إلا أن رفعه دون تفكير وبدأ في سكب محتواه لتبدأ مأساته مع أول قطرة لامست جسده.
لم يكن ما ظنه الطفل ماءً سوى مادة كيماوية تستخدم في الأعمال الزراعية، وبدلًا من أن تلطف حرارة رأسه أذاقته نار حارقة هي الجحيم بعينه، الذي قدر له أن يواجهه مبكرًا وهو في عمر الزهور.
يروي الطفل عبدالرحمن عصام عثمان، من قرية النجيلة، التابعة لمركز أبوالمطامير بالبحيرة، تفاصيل الواقعة قائلًا: "مقاول الأنفار قللي تعالى شغل معايا في مزرعة خوخ شغل خفيف وتحت الشجر، رحت معاه لقيته وداني مزرعة بطاطس بعيدة في الصحراء كلها شمس والجو كان حر نار وإحنا صايمين في رمضان".
ويستطرد عبدالرحمن: "بعد ما الجركن حرقني غسلوا جسمي بالمياه، وحطوني في العربية وكانت غارسة مطلعوهاش إلا بعد وقت كبير، وجابوني بعدها على بيتي في أبوالمطامير وودوني صيدلية كتبتلي علاج".
يقول مصطفى موسى أحد المتابعين للحالة: "نناشد أهل الخير بتبني حالة هذا الطفل وتوفير أطباء لمتابعة حالته، أو إتاحة علاجه في أحد المستشفيات المتخصصة لرفع العناء عنه".
"هذه المادة في الغالب حمض الكبريتيك وهي مادة كاوية وتستخدم في معالجة التربة قبل زراعة البطاطس، وكان ينبغي نقل للطفل مباشرة للمستشفى، لأن أشعة الشمس زادت من آثارها الضارة على بشرة الطفل" يوضح إبراهيم جعفر
ويقول أيمن الخطيب: "الكثير من الأسر في مركز أبوالمطامير، تلجأ لتشغيل أطفالها في سن صغيرة بسبب الجهل والفقر، وللأسف يعملون في ظروف غير ملائمة لسنهم، ويواجهون مخاطر عديدة سواء في طريقة انتقالهم داخل سيارات نقل، أو من خلال تشغيلهم في أعمال قاسية تحت الشمس الحارقة وتركهم تحت رحمة إصابات العمل المختلفة".
"لابد من تفعيل الرقابة وتنظيم حملات على طريق 71 الصحراوي ستجدون أطفال من سن 8 سنوات بنين وبنات ضحية مقاول أنفار منزوع الإنسانية كل همه جمع المال على حساب أبرياء، أناشد المسؤولين تفعيل هذا الكمين حفاظًا على الأطفال الأبرياء" يطالب أمير شحاتة من أهالي أبوالمطامير.
وتحدث عبدالباسط عمران بغضب: "يجب محاسبة كل من تسبب في هذه المأساة للطفل بداية من ذويه الذين سمحوا له بالعمل، مرورًا بمقاول الأنفار الذي يشغل أطفالًا دون السن القانونية للعمل وانتهاء بصاحب المزرعة لعدم حفظه لهذه المادة بمكان آمن، ولإهماله في علاج الطفل، كذلك يجب البحث في طبيعة هذه المادة، وإن كان استخدامها في الزراعة مصرح به أم لا" .
فيديو قد يعجبك: