إعلان

وُلد بمرض نادر وفقد أمه وأشقاءه الخمسة.. محمد قصة كفاح أنصفتها نتيجة الثانوية

01:59 م الجمعة 13 يوليو 2018

البحيرة – أحمد نصرة:

لو أراد أحد الروائيين نسج شخصية تراجيدية أبدع القدر في صب تداعياته عليها لربما عجز خياله أن يرسم حالة تحاكي الطفل "محمد عبدالرحيم" ابن قرية باغوص، بمركز أبوالمطامير، بالبحيرة في بؤسه وشقائه.

ولد "محمد" بمرض خلقي أفقده القدرة على المشي وسبب له إعوجاجًا في أطرافه الأربعة، وخلًلا بأجهزة جسده.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فاختطف الموت خمسة من أشقائه قبل أن تلحق بهم أمه ليبقى وحيدًا يصارع عجزه، مفتقدا للحضن الأقدر على تخفيف آلامه.

لم تقتصر المعوقات أمام محمد على مرضه وعجزه البدني، أو صدماته النفسية بفقدان أغلى ما يملك ولكن أصرت الحياة على إضافة ضلع ثالث يحاصره، ويزيده عناء فوق عناء وهو الفقر المدقع، فالأب يعمل أجيرًا باليومية وهو إلى جانب مصاريف محمد مطالب بالإنفاق على أسرة كبيرة مكونة من زوجته الثانية و5 أبناء منها، ظروف بالغة التعقيد اجتمعت لتجعل من مجرد التفكير في خروج هذا الطفل من منزله ليتعلم شطحة غير منطقية، ولكن كانت إرادة هذا البطل أقوى وأقدر على صنع المعجزة، وهو ما أثبته على أرض الواقع بنجاحه في الثانوية العامة بنسبة 73.7% "أدبي" متفوقًا على الكثير من أقرانه ممن يفوقونه حظًا وظروفا.

قال محمد: " طلعت لقيت نفسي بحب التعليم، كنت بطلع معاه من همومي، تعبت كتير في رحلة الدراسة، مجرد الذهاب للمدرسة كان مشكلة لازم حد يشيلني ويحطني على توك توك، وبعدين حد يشيلني ويدخلني المدرسة، وأبويا على قد حاله ما يقدرش على المصاريف دي كلها، وولاد الحلال بيساعدوا بس مش دايما متوفرين"

ويستطرد محمد :" الظروف بقت أصعب بعد ما دخلت الثانوي، المسافة زادت بيني وبين المدرسة، حوالي 30 كيلو مترًا من قريتي لغاية مركز أبوالمطامير، مصاريف وتعب، وكتير كنت بأروح من المدرسة مجروح بسبب ظروف مرضي لأن العضم بيقطع الجلد الخارجي، بس الحمد لله ربنا مش بينسى عباده، واحد ابن حلال اتبرع بكرسي متحرك سهل الأمور عليا شوية" .

ويكمل محمد: " مفيش كلية محددة في بالي إللي يجيبه ربنا كويس، بس مش عاوزها بعيدة علشان ظروفي، وعلشان ما أتعبش والدي في المصاريف يعني هكتب أي حاجة تجيلي في دمنهور أو الإسكندرية"

يلتقط عبدالرحيم والد محمد أطراف الحديث ويقول: " في الثانوي حاولت أقدمله في نظام الدمج، عشان يبقى أسهل عليه شوية، بس بعد ما عمل اختبار قياس القدرات، طلعت نسبة الذكاء 80 فقالولي مش هينفع يدخل لأن لازم نسبة الذكاء تقل عن 60، ابنك شخص عادي ويقدر يعتمد على نفسه، فدخلته النظام العادي والحمد لله أديه نجح فيه".

ويكمل الأب: " نناشد المسؤولين الوقوف جانب محمد ومساعدته في خطواته المستقبلية للتخفيف عنه ومساعدته، وكفاية العذاب والمعاناة اللي شافها ورغم كده صمد وقاوم، إحنا ومحمد كلنا مهددين نبات في الشارع مش قادرين ندفع الإيجار، والمالك أعطانا مهلة أسبوعين، كان فيه فاعل خير اتبرع بقطعة أرض 60 متر قسمناها أوض بالطوب بس مش عارفين نسقفها ولا نجيبلها أبواب وشبابيك ".

ويقول أحمد محفرش من أهل قرية محمد وأحد المتابعين لحالته: "عرفت حالة محمد وهو في الصف الثالث الإعدادي، وأذهلني بكفاحه وقوة إرادته رغم الظروف التي لا يحتملها أي إنسان، وهو حافظ للقرآن الكريم ومنتظم في صلاته، تحدى الظروف وإرهاق السفر اليومى لمدرسته، هو باختصار نموذج للإرادة والكفاح، وحلم حياته أن يرد الجميل لوالده الذي جاهد في تربيته ونأمل من المسؤولين تقدير هذا البطل وتكريمه بما يليق به".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان