لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- أقدم صنايعي "وابور جاز" بالإسكندرية يقاوم الزمن: "لن أغير مهنتي"

09:29 م الثلاثاء 25 سبتمبر 2018

الإسكندرية – محمد البدري:

بين أزقة منطقة اللبان العتيقة في الإسكندرية، وقف أحد سكان المنطقة الأصليين على باب محله المتواضع الذي طغى على مظهره الخارجى عتمة خلفتها السنوات الطويلة، يحمل على كاهله رائحة السنين وميراث مهنة قاربت على الاندثار أمام التطور التكنولوجي، فلا أحد إلا القليل في تلك الأيام يملك "وابور جاز" ويبحث عن من يصلحه.

اقترب "مصراوي" من المحل الأقدم من نوعه في الإسكندرية والذي بدا كأنه مشهد من فيلم كلاسيكي قديم، إذ كست آثار عادم الجاز جدرانه وتحول على مدار 88 عاما هي عمر تأسيسه منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى صورة بدت أقرب للون الأسود زينتها بقايا قطع غيار ملأت الجدارن، فيما ظلت ماكينة اللحام البدائية القديمة على موضعها فوق منضدة خشبية لا تقل عمرا عن ما حولها وكأن كل شيء لم يستعمل منذ سنوات.

بعد محاولات، تحدث الحاج على حسن، وشهرته أبو تامر، 69 عاما، عن مهنته في صيانة وابور الجاز، قائلا "ورثت المهنة عن والدي منذ 50 عاما تقريبا، وكان في المنطقة العديد من المحال المنافسة إلا أن التطور الذي يمثل أحد سنن الحياة حاصر العاملين بالمهنة على مدار سنوات وتحديدا من بعد عام 2000 حتى تراجعت رغبة الزبائن في الشراء في ظل ظهور مواقد بديلة تعتمد على الغاز بتكلفة مقاربة وبدون آثار عادم أو رائحة في البيوت"

ويرى "علي" أن أسباب تراجع المهنة ترجع إلى وجود بدائل بجودة أعلى وتكلفة أقل والمتمثلة في مواقد الغاز والكهرباء، فضلا عن انخفاض جودة مادة الجاز الموجودة بالسوق والتي لا تقارن عن مثيلتها في السنوات السابقة، إذ أن الجاز المباع حاليا يحوي كمية كبيرة من الرصاص والتي تخلف ورائها عادم أسود اللون أكثر كثافة بشكل يجعل الأهالي يرفضون استخدامه في المنازل.

يضاف إلى ما سبق ارتفاع أسعار الوابور وقطع الغيار الخاصة به بصورة جعلته أشبه بقطعة "أنتيكة" - كما وصف علي؛ مشيرا إلى أن أغلب أبناء الجيل الحالي من الشباب لا يعرفون كيفية التعامل مع وابور الجاز وبعضهم بات يعتبره مصدر خطر، حتى اقتصر بيعه داخل بعض المعارض السكندرية في صورة ديكور بقيمة تتراوح بين 200 و 300 جنيه.

بشق الأنفس يستقبل "أبو تامر" زبونا أو اثنين على مدار الشهر من أهالي المنطقة وغالبا ما يكونوا من كبار السن الذين تلازمهم أشواق الحنين إلى الأيام الخوالي، فرغم دخول الغاز الطبيعي منازل المنطقة إلا أن بضع منهم يأنسون الجلوس قرب الموقد العتيق مقابل 8 أو 10 جنيهات تكلفة الصيانة، في حين استغل صاحب المحل حيزا خاليا من المكان لعرض بعض الخضروات والجبن التقليدية لمواجهة ضيق ذات اليد.

"راض بحالي ولن أغير مهنتي" قالها الحاج علي في ختام حديثه، بمرارة غلبتها ابتسامة رضا بالرزق وتمسك بمهنة الأجداد، متابعا: لا أتمنى شيء أنا رضيت بما أنا عليه، ولم يبقى في العمر بقية لأتنقل من مكان إلى آخر كما كنت في شبابي ولم تعد لدي الصحة للعمل في مهنة أخرى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان