بين الكمسري والمصاب.. تفاصيل 8 ساعات تحقيق داخل النيابة في واقعة "قطار طنطا"
الغربية – مروة شاهين:
عقارب الساعة تقترب من الثانية ظهر الاثنين، والحركة تبدو عادية في محيط مبنى النيابة العامة بطنطا، بينما خلية نحل تعمل في الداخل، وتحضيرات معتادة لفتح جلسة التحقيق في قضية شغلت الرأي العام منذ الساعات الأولى لصباح ذلك اليوم.
مشاهد الساعات الـ8 جاءت في جلستي تحقيق داخل أروقة النيابة في طنطا، بعد الحديث عن إجبار كمسري القطار لشابين على القفز منه أثناء سيره لعدم قدرتهم على دفع ثمن التذاكر وعدم حملهم بطاقة تحقيق شخصية.
المشهد الأول.. الكمسري ينتظر
في أحد الأروقة ظهر "همام مجدي" كمسري قطار طنطا، للمرة الأولى، مستندًا على الحائط مكبلًا من يده اليمنى في "كلابش" طرفه الآخر في يد أحد رجال الأمن، انتظارًا لمثوله أمام النائب العام للتحقيق وسماع أقواله في ملابسات الواقعة.
المشهد الثاني.. أمام نائب الشعب
داخل مكتب وكيل النائب العام وقف "همام" يدلي بأقواله، مؤكدًا امتناع الشابين عن دفع قيمة تذكرة الركوب، أو منحه أوراقهما الثبوتية لتحرير المحضر اللازم.
وقال المتهم خلال التحقيقات: "أنا معملتش أي حاجة والشابين هما اللي قفزوا وفتحوا باب القطار عشان مش معاهم فلوس التذكرة، من مهام عملي حفظ الأمن والاستقرار داخل القطار والبدء في تحصيل قيمة رسوم التذاكر من الركاب المتخلفين عن الحصول على تذكرة من أبواب الحجوزات بمحطات القطارات".
ودافع عن نفسه قائلًا: "فوجئت بشابين يقفان في وسط عربة ركاب الدرجة الأولى مكيفة وسط الناس في حالة من الهرج والمرج وطالبتهما بسداد قيمه تذكرتين وامتنعا عن السداد بأسلوب غير لائق فالتزمت كوني موظفا في هيئة السكك الحديدية بإتباع إجراءات إدارية بمطالبتهما بالسداد أو تسليمهما إلى الجهات المعنية لاتخاذ شئونها ولكنهما قفزا من القطار هربًا".
وأنكر "الكمسري" أمام النيابة العامة قيامه بإجبار الشابين على القفز أو دفعهما بيده للقفز من أبواب عربة القطار، قائلًا: "احنا بشر ونعرف يعني إيه إنسانية التصرف والتعامل مع الشباب، لكنهما تسرعا في القفز إلى خارج القطار قبالة قرية دفرة عقب تحركنا من محطة قطارات طنطا العمومية".
وتابع "الكمسري: "ربنا يرحم الشاب الضحية ويسكنه فسيح جناته وأنا لم أقصد التعرض له في أي شيء ولكن هو وزميله انفعلا في الكلام معي وأرادا الخروج من القطار أمام جميع الركاب من خلال القفز أثناء سير القطار".
المشهد الثالث.. الشاب الناجي يروي تفاصيل ما حدث
على وقع الصدمة التي ألمت به دخل "أحمد سمير" الشاب الناجي بعد القفز من القطار أثناء سيره، للإدلاء بأقواله أمام النيابة خلال التحقيقات، ليبدأ حديثه بأنه لم يكن يتخيل أن يمر بتلك اللحظات العصيبة، متابعًا: "والله أنا عشت لحظات من الرعب داخل القطار والحمد لله على كل حال فقدت زميل عمري كله محمد شهيد التذكرة وربنا يرحمه ويسكنه فسيح جناته يا رب".
وأضاف الشاب الناجي في أقواله: "تعامل الكمسري معهما كان مهينًا جيدًا قائلًا: "أنا ومحمد اتعاملنا من الكمسري بإهانة شديدة"، وطلب منا خلال مروره سداد قيمة التذكرة واحنا مكانش معانا فلوس تكفي سداد قيمتها وبدأ بالنقاش معنا بصوت مرتفع، وقال لنا هتدفعوا، ولا تمشوا من القطار خالص، ولا أسلمكم للشرطة".
وأكمل الشاب الناجي أقواله مضيفًا: "أنا قفزت وزميلي رهبة من تسليمنا إلى الشرطة أو حبسنا عشان مش معانا فلوس التذكرة والكسمري أرهبنا، وأهاننا أمام ركاب القطار، وأحرجنا، وفتح لنا أبواب القطار للقفز والنزول عنوة، ولم نجد مفرًا سوى القفز، ولكني وقعت على قدمي على الأرض وصاحبي وقع أسفل عجلات القطار ولفظ أنفاسه الأخيرة أمام عيني في مشهد لم أتمكن من استيعابه حتى الآن، أنا شوفت صاحبي تحت القطر".
المشهد الرابع.. الثانية صباحًا
الإرهاق والتعب نال من الجميع، بعد 4 ساعات من التحقيق مع أطراف الواقعة، حتى قاربت الساعة على دقات الثانية صباحًا، ليصدر القرار بعدها بحبس الكمسري 4 أيام على ذمة التحقيقات واستكمالها.
المشهد الخامس.. العاشرة صباح الثلاثاء
على بُعد خطوات من مبنى النيابة العامة وقفت "مروة سمير" شقيقة الشاب الناجي "أحمد" تحاول الاطمئنان على شقيقها الذي ينتظر بالداخل المثول أمام وكيل النيابة للتحقيق.
عزاء زميل شقيقها في منطقة شبرا الخيمة كان يشغل بال "مروة" كالعديد من أفراد أسرتها الذين ذهبوا إلى هناك للمشاركة في تشييع الجثمان، فتحدثت لـ"مصراوي" مؤكدة أن وزير النقل ربما يكون في طريقه لتقديم واجب العزاء لأسرة "ضحية التذكرة" ظهر اليوم.
"مروة" أكدت أن شقيقها وصديقه لم يرتكبان أي خطأ وأنها كانا في طريقهما إلى الاسكندرية من أجل البحث عن لقمة عيش شريفة وكسب قوتهما من عرق جبينهما.
المشهد السادس.. الكمسري أمام النائب العام مجددًا
كما حدث بالأمس دخل الكمسري إلى جلسة التحقيق، منكرًا صلته بإجبار الشابين على القفز من القطار، لكنه اليوم واجه تحريات أمنية أشارت إلى اتهامه بالتورط في فتح أبواب القطار أثناء سيره أمام الشابين وإجبارهما على القفز لعدم قدرتهما على سداد قيمة التذكرة.
بمواجهة الكمسري بالتحريات أنكر وأكد في أقواله إنه قام بفتح الباب لمعرفة سبب تهدئة القطار، وأثناء ذلك قفز المجني عليهما خوفا من تسليمهم إلى الشرطة، لعدم سدادهما قيمة التذكرة.
المشهد السابع.. من النيابة إلى المستشفى
المشهد يتكرر في الاستماع إلى أقوال "احمد سمير" الشاب الناجي، لكن بقرار من النيابة بضرورة استكمال علاجه وإجراء كافة الفحوصات الطبية اللازمة له داخل مستشفى طنطا الجامعي وإخلاء سبيله من سرايا النيابة.
ليصدر بعدها التقرير الطبي من مستشفيات جامعة طنطا، بالنص على إصابة "أحمد" بسحجات وكدمات في الركبة اليسرى وأماكن متفرقة بالجسم أنه يحتاج إلى علاج أقل من 21 يومًا ما لم تحدث مضاعفات.
المشهد الأخير.. استدعاء المهندسين لتحديد سرعة القطار وقت الحادث
عقارب الساعة تقترب من الثانية ظهر الثلاثاء، وتقترب جلسة التحقيق اليوم على نهايتها قبل أن يأمر رئيس نيابة طنطا باستدعاء مهندسين من هيئة السكة الحديد لمعرفة سرعة قطار طنطا وقت الحادث.
فيديو قد يعجبك: