إعلان

شاهدًا على تضحيات الدم.. "النصب التاريخي" في المحمودية ينتظر قبلة الحياة - صور

11:04 ص الأربعاء 20 نوفمبر 2019

البحيرة – أحمد نصرة:

أراد محمد علي تحقيق طفرة في منظومتي الري والملاحة النهرية، فلجأ إلى تطوير الترع القائمة وشق ترعًا جديدة، كانت واحدة من أهمها وأبرزها ترعة المحمودية التي بدأت أعمال حفرها في أبريل 1817 و أطلق عليها هذا الإسم تكريمًا للسلطان العثماني محمود، وفي 24 يناير سنة 1820، حضر الباشا افتتاح الترعة بصحبة ابنه إبراهيم وجعل لها نصبًا تذكاريًا لازال في موضعه على مدخلها من ناحية مصب فرع النيل برشيد بمدينة المحمودية ، بيد أنه يواجه إهمالًا جسيمًا يهدده بالانهيار.

في البداية يصف الباحث الأثري سمير عبد ربه، النصب التذكاري قائلًا: "عبارة عن قبة بأسفلها لوح من الرخام الأبيض يكتنفه 3 أعمدة أسطوانية ينتهي كل منهما بتاج زخرفي، ويعلو اللوح الرخامي الرئيسي نصًا منقوشًا باللغة التركية بحروف عربية بارزة بخط فارسي، وفي الواجهة جامة بيضاوية الشكل حافتها مشرشرة وبداخلها توقيع السلطان العثماني محمود خان، وعلى يساره توقيع آخر نصه "الغازي محمد علي" وفوق هاذين التوقيعين نقوش زخرفية تتدلى من يمينه ويساره تشكل فروع نخيل تخرج منها ثمار البلح".

ويقول مصطفى عبد المنعم، مدرس التصميم بجامعة الأزهر: "النص الموجود على النصب عبارة عن قصيدة شعرية باللغة التركية مكونة من 21 سطر، موقعة باسم الشاعر التركي، عزت ملا أفندى تمدح وتمجد السلطان العثماني محمود خان، وكانت هناك ترجمتان له بالعربية والإنجليزية، ولكنهما للأسف طمستا، كما يعاني البناء تدهورًا شديدًا وسقط الهلال الذى يعلو قبته وأصبح المكان خربا بعد أن كانت تحيطه في السابق حديقة جميلة".

و تضمن كتاب تاريخ خليج الإسكندرية القديم و ترعة المحمودية للأمير عمر طوسون ترجمة نثرية لأبيات الشعر التركية الموجودة على النصب كالتالي:

"قد أجرى السلطان محمود خان النيل من الرحمانية إلى الإسكندرية، فيا له من خير عميم اكتسبت به مصر فيض الرحمة وبذلك نال البحر والنيل نصيبهما من بحر جود هذا السلطان الأعظم، ولو رأى الإسكندر هذا الصنيع لحمده وأثنى على مسديه ،واعترف بأن لطائف هذا السلطان الأعظم التي أحيت موات هذه الأرض وجعلتها وهي حفنة من التراب تعطي كل هذا الخير، وإن السماء مهما جادت على الأرض بصيبها المدرار لا تساوي إلا صبابة قليلة من بحر إحسانه، ولو منح عبد كنز خسرو الزاخر لما بلغ عشر معشار جوده، هو من ملكٍ يبذل كل وزير من وزرائه كنوز الأموال في سبيل تنفيذ أمره ،وإن حجتي التي أثبت بها دعواي هي ذكر اسم محمد علي باشا ذي القدرة الحيدرية، فها هو ذا قد قام بهذا الخير العميم باسم ملك العالم الذي جلب به دعاءً مستجابًا، إن ذلك الملك هو بحر الهمة فليكن مطمئنًا، وليكن أعداؤه الشبيهة بالموجات الحقيرة في اضطراب، من أجل ذلك قلت (أنا عزت):تاريخها الشبيه بالجوهر "فتح محمود خان فتحًا عظيمًا بأن جعل للنيل فرعًا كرمًا".

ويقول الأثري والمؤرخ البحراوي محمود الحشاش: " لا تقتصر أهمية هذا النصب على قيمته التاريخية فحسب، ولكن لأنه شاهدًا على فصل من كفاح وتضحية المصريين ،بعد أن بلغ عدد من ماتوا أثناء الحفر نحو 12 ألفًا بسبب الظروف السيئة للعمل وتفشي وباء الطاعون".

ويذكر الجبرتي مبلغ ما قاساه الفلاحون من الأهوال في حفر الترعة وكثره من مات منهم من الشدائد: " أمر الباشا حكام الجهات في الأرياف في جمع الفلاحين للعمل فأخذوا في جمعهم فكانوا يربطونهم قطارات بالحبال، ومات الكثير منهم من البرد والتعب كل من سقط أهالوا عليه من تراب الحفر، والمرة الأولى كانت وفاتهم من شدة البرد وهذه المرة من شدة الحر وقلة المياه".

ووفقًا تقرير سابق صادر عن قطاع المشروعات بوزارة الآثار فإن اللوحة الأثرية من مادة الرخام ومساحتها 392 سم طول ×121 سم عرض، وعليها 20 سطرا وتنتهى بنصف دائرة، حيث تتضمن طغراء وشكل نباتى وأفرع نباتية ملونة بلون أزرق قديم.

وأشار التقرير إلى أن اللوحة مثبتة داخل تكوين معماري عبارة عن قاعدة دائرية عليها قبة حديثة تحملها 3 أعمدة تمثل 3 أوجه لمثلث متساوي الأضلاع، وعلى أحد أوجه المثلث مثبتة اللوحة الأثرية ومدهونة بطلاء حديث على الجانبين لا بد من إزالته.

وطبقا للتقرير فإن المكان بالكامل يحتاج إلى تأهيل وتخطيط جديد ليكون بالصورة المشرفة التي تليق بمكانة الأثر، كما أن التكوين المعماري الجديد يحتاج إلى مرمات أسفل القبة الحديثة والكورنيش الفاصل بين الأعمدة والقبة، ولا بد من عمل طبقة تجهيز جديدة لإعادة كتابة الترجمة على وجه المثلث الثاني خلف اللوحة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان