كنز من ورق في متحف الفنون.. 55 وثيقة لأحداث الإسكندرية في القرن العشرين

كتب وتصوير – محمد البدري:

حكايات لم تمت وأحداث سياسية وجرائم شغلت الرأي العام على مدار 100 عام، تفاصيل لعبت فيها الصحافة دورًا كبيرًا لتوثيق تاريخ الإسكندرية المعاصر، وظلت طي الظلال، حتى أزيح عنها الستار مؤخرًا لتروي كيف كانت الحياة في المدينة الساحلية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين.

55 ورقة صحفية نادرة من مقتنيات مكتبة البلدية بالإسكندرية، رصدت جانبًا من تاريخ المدينة، كشف عنها متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية خلال معرض "الإسكندرية في صحافة البلدية" المقام خلال نوفمبر الجاري على هامش مبادرة أيام التراث السكندري المقام بالتعاون مع المركز الفرنسي للدراسات السكندرية.

الصحافة في لوحات فنية

يقول الفنان علي سعيد مدير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، حاولنا إلقاء الضوء على الصحف النادرة في صورة فنية على الحائط داخل المتحف، مشيرًا إلى أن المعرض يعد الرابع من نوعه الذي يتم فيه إلقاء الضوء على وثائق برؤية فنية حيث تم الكشف من قبل عن مجموعة وثائق نادرة تمثل خبيئة متحف الفنون الجميلة.

وأضاف سعيد لـ"مصراوي": أن الأرشيف الصحفي الذي تم الكشف عنه يضم مجموعة من الأحداث الهامة في تاريخ المدينة رصدت في الصحف الموجودة داخل مكتبة البلدية، بالتعاون مع مجموعة من الباحثين المتخصصين في التراث، فيما قام المتحف بعرض تلك الأحداث في لوحات فنية.

مهد الصحافة في مصر

يقول الدكتور إسلام عاصم أستاذ التراث بالمعهد العالي للسياحة والفنادق، إن الإسكندرية تعتبر مهد الصحافة في مصر، وكانت كل صحيفة عربية أو أجنبية تصدر تنقل منها نسخة إلى أرشيف مكتبة البلدية التي أنشأت عام 1892 وهي أقدم مكتبة معاصرة في المدينة الساحلية قبل إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية في شكلها الحالي.

رحلة بحث

وأضاف عاصم لـ"مصراوي"، أن رحلة البحث والإعداد استمرت لنحو 3 أشهر بالاستعانة بمتطوعين متخصصين من الطلاب الجامعيين تحت إشراف الفنان على سعيد مدير متحف الفنون الجميلة، مبينًا أن فريق العمل أراد إلقاء الضوء على أهمية الصحف القديمة في توثيق الأحداث بشكل مفصل خاصة وأن مبادرة أيام التراث اهتمت بدور الصحف في نقل وقائع هامة شكلت علامات فارقة في تاريخ مصر.

وأشار إلى أن البحث في صحف القرن الماضي اعتمد على تواريخ معينة أثرت في تاريخ الإسكندرية المعاصر، وقاد البحث إلى عدد من الصحف الصادرة منذ عام 1915 بالتزامن مع بداية الحرب العالمية الأولى، وذلك نظرًا لكون الفترة السابقة لتلك الحقبة الزمنية كانت تشهد مشكلات في انتظام صدور الصحف منذ عام 1882.

أحداث فارقة

وأوضح الباحث في التراث السكندري أن المعرض لم يكتف بإلقاء الضوء على الأحداث السياسية فقط، بل شمل أيضًا عددًا من جوانب الحياة الاجتماعية في القرن الماضي، بصورة ساهمت في تصحيح بعض المعلومات المتداولة عن تواريخ وتفاصيل لأحداث تاريخية هامة، حيث قاد البحث إلى الوصول لأرشيف معاصر للحرب العالمية الأولى ثم محاولة اغتيال السلطان حسين كامل، وكذلك التفاصيل الكاملة لافتتاح عدد من المساجد الشهيرة التي ظلت قصص وتواريخ بنائها غير معروفة لسنوات.

محاولات اغتيال زعماء

تضمن الأرشيف الصحفي توثيقا شاملا لأشهر محاولتي اغتيال لزعماء وقعت في الإسكندرية، والتي استهدفت السلطان حسين كامل، والرئيس جمال عبد الناصر، وكيف تناولت الصحف تفاصيل تلك الوقائع.

جنازات ملكية

ألقى المعرض الضوء على جنازة الأمير عمر طوسون التي كانت في يناير 1944، والتي أظهرت الصحف إسهاماته سواء في حفظ التاريخ أو التطوع خلال فترة الحرب، كما وثقت جنازة الملك فيكتور إيمانويل آخر ملوك إيطاليا، والذي دفن في كنيسة سانت كاترين بمنطقة المنشية، حتى نقل رفاته منذ سنوات قليلة إلى إيطاليا.

سفاح كرموز

من بين أبرز الأحداث التي شغلت الرأي العام في القرن الماضي القصة الشهيرة لسفاح كرموز، والتي كشف المعرض عن تفاصيلها من خلال تناول الصحف في هذا الوقت بداية من إلقاء القبض عليه وحياته، وكيف كان يوقع بضحاياه واكتشاف تأثره بـ"ريا وسكينة" في دفن ضحاياه بعد مطالعته بعض الموضوعات المنشورة عن جرائمهما.

الإسكندرية في الصيف

يضم المعرض مجموعة من الأرشيف الصحفي توثق كيف كانت الإسكندرية خلال فصل الصيف في فترة ما قبل وبعد ثورة 23 يوليو 1952، ويوضح "عاصم" أن الموضوعات المنشورة في هذا الشأن كانت ثرية جدا في نقل الأوضاع الاجتماعية سواء بإلقاء الضوء على المزارات السياحية آنذاك أو بالإعلانات المتعلقة بتلك الفترة كما ساهم أيضا الكشف عنها في تخفيف حدة الموضوعات الأخرى المعروضة عن الجرائم والأحداث السياسية العصيبة.

رسالة

ويؤكد القائمون على المعرض أن ما تم الكشف عنه يعد بمثابة رسالة لكافة الجهات المعنية بالتراث والثقافة بأهمية الحفاظ على الصحف القديمة وإتاحتها كمصادر للباحثين خاصة مع ثراء تلك الوثائق بتفاصيل عن طبيعة المجتمع في هذا الوقت.