لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جمعية الآثار الأقدم بالشرق الأوسط.. هنا بدأت رحلة الحفاظ على تاريخ مصر (صور)

09:01 ص الخميس 26 ديسمبر 2019

الإسكندرية - محمد البدري:

على بعد خطوات من المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، توجد مؤسسة علمية ارتبط تأسيسها بتاريخ إنشاء المتحف الأقدم في تاريخ المدينة الساحلية، هي "جمعية الآثار"، التي قدمت على مدار 126 عامًا إسهامات كبيرة في الاكتشافات الأثرية من خلال عشرات العلماء والمهتمين بالآثار من مختلف الجنسيات.

"مصراوي" زار مقر جمعية الآثار التي تأسست عام 1893، بعد أيام من إعادة افتتاحها بحضور الدكتور خالد العناني وزير الآثار والسياحة، ليرصد جانبًا من تاريخ الجمعية الأقدم في مجالها بالشرق الأوسط والمصنفة ثاني أقدم مؤسسة مجتمع مدني في مصر بعد الجمعية الجغرافية المصرية بالقاهرة.

رحلة الحفاظ على آثار مصر

تقول الدكتورة منى حجاج رئيس الجمعية، خلال القرن التاسع عشر كانت حركة العمران الجديدة في الإسكندرية تسير على قدم وساق، وكانت أرض المدينة تخرج يومًا بعد يوم آثارًا، وظهر آنذاك فريقان من المثقفين أولهم يتكون من بعض القناصل وأعضاء البعثات الدبلوماسية المقيمين في الإسكندرية الذين رأوا أن هذه الآثار يجب أن تنقل إلى أوروبا لدراستها وعرضها في المتاحف المختلفـة، وراحوا ينقلون عددًا كبيرًا منها إلى دولهم حتى تكونت مجموعات ضخمة وهامــة مازالت تلقى اهتمامًا كبيرًا من المتاحف التي حفظت بها.

وتضيف حجاج، لمصراوي، كان الفريق الثاني يرى أن الآثار يجب أن تبقى في موطنها وأن تلقى من الاهتمام والحفظ والترميم ما يحميها، حتى أسس أصحاب الرأي الثاني المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية عام 1892، لحفظ تلك الآثار، لكن هؤلاء تنبهوا إلى أن الحاجة ليست فقط لمكان يحفظ الآثار، بل لمؤسسة علمية داعمة تنظم البحث العلمي لدراسة الآثار ونشرها، بجانب التمويل والإشراف على الحفائر الأثرية، بجانب الحفاظ على الآثار من التعديات والنقل للخارج فضلا عن ربط المتحف بحياة المدينة.

وتتابع حجاج: "من أجل تلك الأسباب جرى تأسيس جمعية الآثار بالإسكندرية في 7 أبريل 1893، بعد أشهر من تأسيس المتحف اليوناني الروماني، لتكون أول مؤسسة مجتمع مدني في الإسكندرية والثانية على مستوى مصر". وضمت الجمعية في عضويتها العديد من الشخصيات العامة المهتمين بماضي المدينة، منهم الأمير عمر طوسون، والقاضي جاسبر برينتون، البارون جاك دي منشا، وغيرهم.

جولة داخل أقدم جمعية للآثار في الشرق الأوسط

يقع مقر جمعية الآثار جوار المتحف اليوناني الروماني مباشرة، ويتكون من 4 طوابق أولها يحوي قاعة الاستقبال التي تضم 4 لوحات فريدة تصور انتصارات الإسكندر الأكبر يرجع تاريخها إلى عام 1675، أهدتها بلدية الإسكندرية إلى الجمعية عام 1946، فيما جرى تحويل الطابق السفلي "البدروم" إلى قاعة للمحاضرات.

وتضم قاعة الاستقبال مجموعة ضخمة من الصور الفتوغرافية للدكتور هنري ماورر، طبيب الأسنان الخاص بالملك فؤاد الذي كان واحدا من أعضاء الجمعية النشطاء، وتحوى المجموعة ما يزيد عن 4 آلاف صورة لمواقع أثرية ومناظر طبيعية داخل مصر وخارجها، التقطت في الفترة بين 1920 و 1950، وما يميز المجموعة أن بعضها يصور مواقع لا وجود لها في الوقت الحالي.

وفي الطابق الثاني تقع حجرة الاجتماعات والإدارة التي تحمل اسم الدكتور داوود عبده الذي شغل منصب أمين عام الجمعية في منتصف القرن العشرين، فيما يقع مكتبة الجمعية في الطابق الثالث وتتكون من حجرتين إحداها تحمل اسم الأمير عمر طوسون الرئيس الشرفي الأول للجمعية، وفيها مجموعة من الكتب النادرة بجانب مراجع في 14 لغة، أما الحجرة الثانية فتحمل اسم مصطفى العبادي الرئيس الشرفي الثاني، وهي مخصصة لحفظ الدوريات العلمية وتضم دوريات من 200 من المعاهد والجامعات والجمعيات يرجع تاريخها إلى عام 1818.

مرحلة تأسيس الدراسات السكندرية

شهدت السنوات الأولى للجمعية نشاطا موسعا في الفترة من 1894 إلى 1898، فيما اعتبر مرحلة تأسيس الدراسات السكندرية، وساندت الجمعية خلالها العالم "جيوسبي بوتي" مدير المتحف اليوناني الروماني في أعماله البحثية بمنطقة عمود السواري ومعبد السرابيوم حيث كشفت آثار هامة منها تمثال "عجل أبيس"، ونفذت الجمعية أعمال حفائر منطقة القباري حيث بدأت تظهر أول معالم الجبانة الغربية للإسكندرية القديمة، بالإضافة إلى تسجيل عدد من المواقع الأثرية وإنقاذها، ومنها حفائر المدرسة الإنجليزية بمنطقة الشاطبي عام 1904، بالإضافة إلى استخراج مجموعة من القطع الأثرية بأبي قير في أرض مملوكة للأمير عمر طوسون والذي استعان بخبرة عالم الآثار إفاريستو برتشيا.

تأسيس علم التنقيب عن الآثار الغارقة

ساهمت جمعية الآثار الأقدم في الشرق الأوسط في تأسيس علم التنقيب عن الآثار الغارقة في مصر، وبدأت علاقة الجمعية بالآثار الغارقة في ثلاثينيات القرن العشرين حين بادر رئيسها الشرفي الأمير عمر طوسون بالعمل على انتشال القطع المكتشفة في خليج أبو قير وإهدائها إلى المتحف اليوناني الروماني ومنها رأس الإسكندر الأكبر الشهيرة التي تعد واحدة من أهم مقتنيات المتحف.

وفي فترة التسعينيات استقبلت الجمعية عددا من شبابا الأثريين المهتمين بالتنقيب عن الآثار الغارقة حول قلعة قايتباي، ووفرت لهم معدات الغوص اللازمة بجانب تنظيم دورات تدريبية في هذا المجال، حتى أصبح لدى مصر أثريون مدربون على الغوص والتنقيب تحت الماء، وأصبحوا أنفسهم النواة التي قامت على أساسها إدارة الآثار الغارقة بالمجلس الأعلى للآثار.

وفي عام 2000 تعاونت الجمعية مع المجلس الأعلى للآثار ومعهد الآثار البحرية الأمريكي في مشروع تحويل الطابق السفلي من قلعة قايتباي إلى قاعات عرض للآثار المنتشلة من البحر ولعرض مجموعات مختلفة من الآثار.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان