لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أغلقتها قضية "الفيل".. حكاية "محكمة النسوان" في الإسكندرية (صور)

10:22 م الأربعاء 06 فبراير 2019

الإسكندرية – محمد عامر:
"متقلقوش.. دي محكمة النسوان بتقع".. هكذا خرج الصوت المعتاد لشخص أدرك قبل غيره ما حدث، ليهدئ من روع الآخرين في أعقاب الأحداث الفجائية، ربما كان الامر بسيطًا للوهلة الأولى، ولعل هذا ما أوحي به رد فعل الأهالي في شارع فرنسا وسط الإسكندرية، لكن الحقيقة أن المبني المنهار كان أشهر محكمة شرعية في مصر.
"مصراوي" فتح ملف المبني المنهار للوقوف على تاريخه، والأسباب التي أدت إلى وصوله إلى هذا المستوى من التهميش.

إجراء روتيني..

الواحدة ظهر يوم الاثنين الماضي، قطع صوت ارتطام شديد الهدوء المعهود لشارع فرنسا وسط الإسكندرية، هرع العشرات من أصحاب محلات "الصاغة" والأقمشة بحثا عن مصدر الصوت، وإذ بشخص يقول.."متقلقوش .. دي محكمة النسوان بتنهار".
في غضون دقائق معدودة، أخلت قوات الشرطة الشارع القديم من السيارات والمارة، ووضعت حواجز حديدية حول المبنى رقم 156 الخاص بمحكمة السيدات الشرعية، كإجراء روتيني تكرر سابقًا عندما انهارت أجزاء من ذات المبنى في أغسطس الماضي.
سنوات طويلة من الإهمال تركت آثارها على جدران مبنى محكمة السيدات الشرعية أو "محكمة النسوان" كما يسميها العامة من أهالي الإسكندرية، لم يشفع له فيها كونه يمثل جزءًا هامًا من تاريخ مصر، ومدرج ضمن مجلد الحفاظ على التراث.

المحاكم الشرعية.. جزء من تاريخ الوطن
والمحاكم الشرعية، محاكم قديمة عرفتها مصر منذ الفتح الإسلامي، وكانت تنظر في جميع أنواع النزاعات المدنية والتجارية والجنائية والأحوال الشخصية، قبل أن يصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا بإلغائها عام 1955.
وحَول قرار "عبد الناصر" الذي جاء بعد واقعة القاضيان الشرعيان "الفيل وسيف" الشهيرة مبنى محكمة السيدات بشارع فرنسا إلى مبنى مهجور تسكنه الأشباح والفئران وتملأه القمامة، فيما جرى نقل الوثائق الخاصة بها لمصلحة الشهر العقاري.
سر "محكمة النسوان"
"لا يوجد تاريخ محدد لبنائه".. هكذا يقول الدكتور إسلام عاصم، نقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية والباحث في التاريخ، مشيرًا إلى أن مبنى محكمة السيدات الشرعية قد يرجع إنشائه لبدايات القرن العشرين، وهو ما يتضح من طرازه المعماري.
وحول تسميته بـ"محكمة النسوان".. أوضح عاصم أن الإسكندرية عرفت نظامين للتقاضي في ثمانينات القرن التاسع عشر هما المحاكم الشرعية للفصل في النزاعات بين المصريين وبعضهم، والمحاكم المختلطة المختصة بالنزاعات بين الأجانب والمصريين.
"ولوجود أعداد كبيرة من الجاليات الأجنبية كانت معظم النزاعات والقضايا تنظرها المحاكم المختلطة وقتها، فعادة ما يكون الطرف الثاني أجنبي، واقتصر دور المحكمة الشرعية بشكل كبير على نظر قضايا الأحوال الشخصية ومعظم المتقاضيين أمامها من السيدات.. لذا عرفت شعبيا بمحكمة النسوان".
ويضيف عاصم أن مبنى المحكمة مسجل ضمن مجلد التراث، وصدر له قرار هدم مؤخرا بسبب تدهور حالته الإنشائية وخطورته على المارة، إلا أن القرار لم يصل لجنة الحفاظ على التراث لتقوم بإخراجه من المجلد حتى الآن.
"الفيل.. ذريعة الإغلاق"
تحت "عنوان قضية العصر.. وقضية الشيخ الفيل" تناولت الصحف المصرية في 22 يونيو 1955 واقعة القبض على القاضيين "عبد القادر الفيل" و"عبد الفتاح سيف" بطلب رشوة جنسية من مطلقات من أصحاب القضايا المنظورة أمامهما.
وعاقبت المحكمة كلا من القاضيين "الفيل" و"سيف" بالأشغال الشاقة المؤبدة في وقت لاحق، وهي القضية التي أنهت المحاكم الشرعية في مصر، وتحديدًا في 1 يناير 1956، واستبدلت بالمحاكم المدنية ومحاكم الأحوال الشخصية.

ويرى نقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، أن قضية الشيخ الفيل كانت ملفقة لإلغاء المحاكم الشرعية في مصر لأسباب سياسية تتعلق بخوف الرئيس جمال عبد الناصر في هذه الفترة تحديدًا من سيطرة الإخوان المسلمين وتمددهم في تلك المحاكم، متسائلا هل معنى وجود قاضيين فاسدين أن كل القضاء فاسد؟.
ويضيف عاصم أن مبنى محكمة السيدات الشرعية أصبح لا يمثل قيمة معمارية بعدما أهمل وانهارت أجزاء منه على مدار السنوات الماضية، مطالبا بإعادة استخدام المباني القديمة المغلقة لأن غلقها سيؤدي إلى انهيارها - بحسب قوله.
مجلد التراث.. يمنع الهدم
ومن جانبها، قالت سحر شعبان، رئيس حي الجمرك، إن المبنى صادر له قرار هدم من الحي منذ عام 2004، إلا أن وجوده ضمن مجلد الحفاظ على التراث يجعل من الصعب هدمه.
وأضافت رئيس حي الجمرك، أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات التأمينية اللازمة ووضع حواجز حديدية حول مبني المحكمة لتأمين المارة، لحين عرض أزمة المبنى على لجنة الحفاظ على التراث.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان