الحبيب الجفري: بابا الإسكندرية رفض صكوك الغفران لهذه الأسباب
السويس حسام الدين أحمد:
قال الداعية اليمني الحبيب على الجفري، إن النسبية المطلقة في الأخلاق والتي نعيشها في العصر الحالي تحتاج أن نرهق عقولنا بالتفكير فيها وكيفية مواجهتها، لافتًا إلى أنه عندما كانت الاخلاق تمثل ثوابت، كان التلاعب بها يتمثل في ادعائها ثم مخالفتها.
وأشار الحبيب على الجفري، إلى أن النبي الكريم محمد، حدثنا عن 3 مفاهيم تتعلق بالأخلاق، الأول هو التفاضل في الأفعال الأخلاقية، والثاني التقرب إلى الله، والثالث هو المتصل بمفهوم الجمال والحق والعدل، وهي مفاهيم متغايرة ومتطابقة.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جامعة السويس بعنوان "خير الناس أنفعهم للناس" في القاعة الكبرى بكلية الآداب، بحضور الدكتور السيد الشرقاوي رئيس الجامعة، وعمداء الكليات، وجمهور من طلاب الجامعة، في إطار فعاليات الموسم الثقافي الثاني لجامعة السويس.
وبدأ الجفري حديثه في الندوة بسؤال الطلاب، حول المقصود بخير الناس والخيرية بصفة عامة، موضحًا أن جلاء المفهوم يحتاج إلى نظرة للتاريخ، وتأثر الخير والأخلاق برغبات النفوس على مدى العصور السابقة.
وذكر الداعية اليمني أن العصور الوسطى شهدت مشكلات وصراعات في أوروبا بين الكنيسة الأوروبية والتي تمثل السلطة الدينية في الفاتيكان، وبين الملوك والأمراء والطرف الثالث هما النبلاء الإقطاعيين، وكان صراعًا مستترًا، فالنبلاء تارة يستميلون الكنيسة وتارة أخرى ينحازون للملوك.
وأضاف "الجفري"، أن الصراعات سفكت الكثير من الدماء، وبمرور الوقت خرج ما عرف باسم صكوك غفران وصكوك حرمان، وكانت وسيلة الكنيسة لخداع العامة من الناس والاستيلاء على أموالهم باسم الدين.
وتابع "الجفري" أن بابا روما أثناء ذلك بعث برسول إلى بابا الإسكندرية في مصر، وعندما وصل سفير روما إلى مصر لم يتحدث إليه بابا الإسكندرية ويرحب به كما هو معتاد، إنما أخبره أن هناك أزمة مالية في مصر، وأنه يبحث في الانجيل عن نص يتيح له ويبيح بيع صكوك الغفران لكنه لم يجد.
واستكمل الجفري، إن رجل الدين المسيحي الذي تسلح بالعلم والأخلاق كان يعلم بما يحدث في أوروبا وعلم أن الزيارة الهدف منها التآمر على مصر وشعبها باسم الدين.
وأشار الداعية اليمني، إلى أنه بعد انقضاء تلك المرحلة اندلعت حرب الثلاثين عامًا وكانت في البداية قائمة على صراع ديني، مات فيها قرابة 8 ملايين نسمة، كانوا نصف ألمانيا من الذكور في ذلك الوقت، وسرعان ما تحولت الحرب إلى صراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى، وفي تلك المرحلة ضج الناس وصاروا ينظرون للخطاب الديني على أنه خطاب تحكمي، وبمرو الوقت شكل ذلك خطرًا على ديانة الناس وإيمانهم بالله، بسبب التلاعب والاستقواء على الآخرين باسم الدين، والتكفير واستحالة الدم، وهي نفس الفكرة، التي كانت بداية عصر الإصلاح أو ما يسمى التعارض بين الفضيلة والسعادة.
واستطرد "الجفري"، أن الفكرة بدأت تنمو إلى أن جاء عصر النهضة والتنوير والحداثة التي فصلت كليا مفهوم الفضيلة عن الثوابت، حتى اعتبر السياسيين والفلاسفة في ذلك العصر بأوروبا أن الفضيلة هي ما يسعد الشخص وأن الخيرية هي ما يعجبه، وأن لكل فرد معايير خاصة يجب أن يسير عليها بشكل فردي، وهو ما أضاع المنظومة القيمية للشخصية.
وأوضح "الجفري"، أن العالم الآن يدخل في مرحلة الفراغ الفلسفي، وفي ظل حالة الاستهلاك الثقافي والفكري تأثر العرب كثيرا بما أثير في عصر التنوير والحداثة لتطبيقه، ولا ندرك أن ما بعد الحداثة هو مرحلة "آيلة للسقوط" بفعل الهدم الذاتي الذي تتوافر عناصره.
وأكد الداعية اليمني، "إننا في أمس الحاجة إلى الشيخ المبدع والمثقف المبدع، وتعلم كيفية الاختلاف، ومواجهة أنفسنا الأمارة بالسوء في معركة تغيير المعايير، حتى لا تصبح الفضيلة الخيرية حملًا على الانسان ويصبح المعروف منكر، والمنكر معروفا".
وضرب "الحبيب" مثالا بالمعيار في السابق حينما كان من يشرب الخمر هو على باطل، والآن يُنظر إليه على أنه متحرر ومتقدم ومتطور، مدللًا أن فكرة المجتمع هي ما يساعد الإنسان وإما يُعينه على نفسه أو يُعين نفسه عليه.
فيديو قد يعجبك: