لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى 1919.. قصة بطولة وقعت في حي الجمرك بالإسكندرية قبل 100 عام (صور)

07:02 ص الخميس 14 مارس 2019

الإسكندرية - محمد البدري:

في الوقت الذي تكمل فيه ثورة 1919 خلال شهر مارس الجاري عامها المائة حاملة في ذاكرتها رصيدًا كبيرًا من التضحيات التي بذلها الشعب المصري من أجل الاستقلال عن الاحتلال البريطاني، كان لمدينة الإسكندرية نصيب كبير من الأحداث التي عكست صورة الحركة الوطنية في سائر أنحاء البلاد، ومن أهمها قصة بطولة جسدها أبناء المدينة الساحلية في حي الجمرك.

أحداث مروعة وثقتها ذاكرة مصر المعاصرة بمكتبة الإسكندرية، في بحث مطول أجراه الدكتور محمد رجب تمام أستاذ التاريخ والآثار المصرية والإسلامية، تروي أحداثًا وقعت في مثل هذا الشهر قبل 100 سنة في حي الجمرك بالإسكندرية، وبلغت ذروتها يوم 17 مارس 1919 لتراق على إثرها دماء بعض أبناء المدينة وتسطر ملحمة بطولية في مواجهة الاحتلال، ينقل مصراوي في السطور التالية جانبًا منها.

كيف بدأت الأحداث؟

وفقًا لما ذكره الدكتور محمد رجب تمام، عانت مصر بعد الحرب العالمية الأولى ولاسيما الإسكندرية التي كانت تتمتع بمركز حربي ممتاز، حيث كانت المدينة قاعدة مهمة للأسطول البريطاني وللعمليات الحربية في مصر، ومن ثم كانت قبضة سلطات الاحتلال على أهلها شديدة انتهكت حرماتهم وأهدرت آدميتهم وسخرتهم لخدمة الأغراض الحربية الإنجليزية في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

ما حدث في الإسكندرية جاء بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وطالب سعد زغلول وزملائه بإلغاء الأحكام العرفية والاعتراف بحق مصر في الاستقلال، والسماح له ولبعض رفاقه بالسفر إلى فرنسا لعرض قضية استقلال مصر على مؤتمر الصلح في فرساي، رفضت بريطانيا هذه المطالب وتطورت الأمور في مصر بسرعة، فأُلقي القبض على سعد زغلول وبعض زملائه ونفيهم إلى جزيرة مالطة، فتعالت صيحات الاحتجاج من كل جانب، وخرجت المظاهرات في أنحاء البلاد للتعبير عن سخطها إزاء الاحتلال البريطاني.

شهر النضال الوطني

وشهد شهر مارس عام 1919 ذروة النضال الوطني في كل المدن المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي، ففي مدينة الإسكندرية كان ميدان مسجد المرسي أبي العباس التابع لحي الجمرك، قاعدة للمتظاهرين وكانت المظاهرات تنطلق ناحية مبنى المحافظة القديم في شارع رأس التين.

طلاب الإسكندرية كلمة السر

بدأت المظاهرات عندما اتفق طلاب المدارس والمعاهد الدينية على الإضراب يوم الأربعاء 12 مارس، وبدأت التظاهرات في التحرك من ميدان أبي العباس بحي الجمرك، فأمر حكمدار الإسكندرية الأميرالاي جارفزبك والمستر إنجرام بتفريق المظاهرات تنفيذا للأمر العسكري الصادر بمنع الاجتماعات والمظاهرات، ولكن المتظاهرين لم يتفرقوا وساروا إلى ميدان محمد علي فأوقفتهم قوة من بلوك الخفر، فتفرقوا وتم القبض على 50 شخصًا واحتجازهم في أقسام المدينة.

أطياف الشعب تنضم للطلبة

وتجددت المظاهرات يوم الجمعة 14 مارس 1919 ثم يومي السبت والأحد التاليين، بمشاركة أعداد كبيرة من الطلاب والتجار والصناع وعمال السكك الحديدية والفنارات والأحواض وورش الحكومة.

يوم المواجهة.. بريطانيا تُسقط 40 قتيلاً وجريحًا مصريًا بالإسكندرية

في يوم الإثنين 17 مارس قبل مائة عام تجمعت مظاهرة كبرى من طلبة المدارس الثانوية ومدرسة محمد علي الصناعية والمعاهد الدينية والعمال، وكانت القوة الإنجليزية منتشرة في الشوارع استعدادا للتصدي للمتظاهرين، وبدأت المظاهرة من ميدان أبي العباس، وساروا إلى منطقة الأنفوشي ولكن الجنود الإنجليز منعوهم من السير، وأصر المتظاهرون على التحرك، فأطلق الجنود الإنجليز النار على المتظاهرين، فسقط منهم 16 قتيلاً و24 جريحًا، ونقل الجميع إلى الإسعاف في حالة مروعة.

قائمة الشهداء

وفقًا لما وثقته ذاكرة مصر المعاصرة، أسفرت مواجهة 17 مارس 1919 عن استشهاد كل من "منصور علي الديب، طالب عمره 13 سنة، والسيد أبو العينين، أحمد محمد السخاوي، الشافعي قاسم، حسين العزازي، والطالب عمر حسن الأفندي".

وكان من بين الضحايا 10 بحارة مقيدين بالمسافر خانة بقسم الجمرك، هم كل من "السيد عبد المجيد، الصاوي عفيفي، محمد إبراهيم، أحمد علي صالح، أحمد محمد حسان، أحمد أبو السعود، إبراهيم حسن حبيش، طه علي عامر، عبده أحمد، محمد كامل الجداوي".

"17 مارس" أيقونة مظاهرات الجمعة لمقاومة الاحتلال

أحدث تدخل القوات البريطانية استياءً شديدًا لأهل الإسكندرية فتجددت الاضطرابات في مختلف أنحاء المدينة، واعتصم سكان رأس التين داخل حيهم بعد أن أقاموا المتاريس في كل الشوارع المؤدية إليه، كما قاموا بحفرها لعرقلة سير سيارات الشرطة والجيش البريطاني، ما يعكس كيف أشعلت مظاهرات 17 مارس 1919 في حي الجمرك الحماس في نفوس أهل الإسكندرية فانطلقت المظاهرات الكبرى من ميدان أبي العباس عادة منذ هذا اليوم في كل يوم جمعة عقب الصلاة للمطالبة بسقوط الاحتلال الإنجليزي واستقلال مصر.

يوم وطني واحد لا يكفي

ويختتم الدكتور محمد رجب تمام توثيقه قائلاً: "إذا كان العيد القومي للإسكندرية يوافق يوم 26 يوليو من كل عام وهو اليوم الذي يوافق خروج الملك فاروق عام 1952 من ميناء رأس التين مستقلاً اليخت الملكي المحروسة متجهًا إلى إيطاليا، استجابة لمطالب ثورة يوليو، فإن هناك أيامًا وطنية وقومية أخرى في تاريخ الإسكندرية وخاصة في حي الجمرك، لاسيما يوم 17 مارس 1919 الذي يعد بمثابة ذكرى وطنية لأهل الحي بصفة خاصة وأهل المدينة بصفة عامة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان