صور وفيديو- تفاصيل ابتلاع "بئر ماء النار" لـ6 مواطنين.. ماذا حدث في "شطورة"؟

سوهاج - عمار عبدالواحد:

عقارب الساعة تشير إلى الثالثة عصر الخميس، وحرارة الشمس في تلك القرية الهادئة بمحافظة سوهاج، أجبرت الجميع على القيلولة، إلا أن "عم عبد السيد"، الرجل الستيني، كان على موعد مع قدر لم يصبه وحده، بل امتد ليشمل 5 من جيرانه دفعوا ثمن شهامتهم غاليًا.

"مصراوي" دخل إلى قرية شطورة، حيث تقبع ماكينة ري "عم عبد السيد" داخل جدران مشيدة بالطين ومسقوفة بتكعيبة من العنب والأغصان تتدلى من حولها، في موقع متميز وسط الزراعات، ببابيها الشمالي والجنوبي، وداخلها مصطبة تشبه السرير يستريح عليها الراغب في هدوء البال وصفاء الذهن، والتي تحولت إلى مقبرة ابتلعت 6 أشخاص من أبناء القرية التابعة لمركز طهطا شمالي محافظة سوهاج.

البداية.. نصيحة صديق

بخيت أحمد، شقيق أحد الضحايا، قال إن "عم عبد السيد" كأقرانه من نفس الجيل، لا يعرف للراحة طريق ولا يهاب الشمس والحرارة، أخذ يفكر كيف يتغلب على نقص مياه ماكينته الارتوازية خاصة بعد تراجع مستوى المياه الجوفية، فاقترح عليه أحد أصحابه سكب مياه نار خام "حمض الكبريتيك" داخل الماسورة لإذابة الصدأ الذي تراكم منذ عشرات السنين، فأحضر جركن منها، وأخذه وقت القيلولة وتوجه لماكينة الري التي تبعد عشرات الأمتار عن منزله، لتنفيذ المقترح لحل المشكلة.

مهمة الـ30 دقيقة

"زوجة عم عبد السيد" كانت تراقب المشهد، وظلت تنتظر عودته بعد إتمام المهمة التي لا تستغرق 30 دقيقة على أقصى تقدير، لكنه تأخر كثيرًا فتوجهت لتطمئن عليه وتعرف السبب، ووجدته ملقى على الأرض داخل البئر، فخرجت من حجرة ماكينة الري صارخة وأخذت تلوح بيديها للجيران.

وأضاف أن الجيران اندفعوا لإغاثة الملهوف، وظنوا للوهلة الأولى أن سيارة دهست شخصًا، لوقوع منازلهم بالقرب من الطريق الزراعي السريع الغربي "أسيوط - سوهاج"، وحينما رأوا الزوجة تصرخ ووصلوا إليها وجدوا الزوج جثة هامدة في بئر ماكينة الري".

الشهامة القاتلة

"الشهامة دفعت كل من يأتي إلى المكان للنزول دون تفكير إلى البئر في محاولة لإنقاذ من راحوا ضحايا دون أسباب معلومة لهم" بهذه الكلمات تحدث محمد أحمد، أحد الجيران، مضيفًا أن الشخص تلو الأخر يأتي ويشاهد المنظر فيقفز إلى قاع البئر ولا تمر الدقيقة الواحدة ويسقط ميتًا بجوار من سبقونه، حتى أصبحت البئر التي لا يتجاوز عمقها الـ5 أمتار بقطر مترين، بها 6 جثث.

الأهالي اعتقدوا وجود حية قاتلة

وأوضح "أحمد" أنه من الوهلة الأولى اعتقد الأهالي بعد مشاهدة الحادثة والجثث بعضها فوق بعض أن حية كبيرة هاجمتهم وهي سبب وفاة الجميع، إلا أن البعض اشتم رائحة نفاذة، عندها عرف الجميع، بعد سؤال الزوجة والأسرة، أن "عم عبد السيد" سكب حمض الكبريتيك المركز في ماسورة ماكينة الري وهي التي تسببت في اختناق الأشخاص الذين ماتوا داخل البئر.

للحكمة رأي آخر

السيد عبدالرحمن، أحد الجيران، قال إنه لولا حنكة وتدخل العقلاء من أهالي القرية لتفاقمت الفاجعة وتزايد عدد الجثث، إذ أن الكثير من الأهالي حاولوا النزول للبئر لاستخراج الجثث، قبل أن يصمم البعض على إغلاق باب ماكينة الري وإبلاغ الحماية المدنية لاستخراج الجثث منعًا لسقوط ضحايا آخرين.

الحماية المدنية تخلي موقع الحادث وتبدأ العمل

وأضاف "عبدالرحمن" أنه فور وصول قوات الحماية المدنية للمكان أخلت قوات الشرطة حجرة ماكينة الري التي امتلأت عن آخرها من الأهالي، وقام رجال الحماية المدنية بتفريغ إسطوانات الأكسجين داخل البئر ليتمكنوا من النزول لقاع البئر واستخراج الجثث.

وقال أحمد إبراهيم، نجل أحد الضحايا إن والده عاش شهمًا خدومًا لجيرانه، ومات في سبيل إنقاذ حياة جيرانه، مضيفًا أن الآلاف من أهالي القرية رجالاً ونساءً تجمعوا للمشاركة والمواساة في الكارثة التي ألمت بالقرية، مشيرًا إلى أن أهالي المنازل المجاورة أحضروا الملايات لستر الجثث فور استخراجها بمعرفة رجال الحماية المدنية.

كانت قرية شطورة التابعة لمركز طهطا بمحافظة سوهاج شهدت وفاة "عبد السيد محمد 60 سنة" و"عادل عبد السيد، 45 سنة" و"أحمد" 19 سنة، و"أحمد.ا" 45 سنة، و"إبراهيم" 65 سنة، و"يوسف" 19 سنة.