إعلان

ليس مجرد ذباب.. "مصراوي" يحقق في كارثة بيئية على شاطئ الدخيلة- (مستندات وصور)

04:00 م الأربعاء 04 سبتمبر 2019

الإسكندرية – محمد عامر:

في أغسطس الماضي، استيقظ أهالي منطقة الدخيلة على كارثة بيئية، تمثلت في ظهور كثيف لديدان بيضاء وأسماك نافقة، غطت رمال الشاطئ الواقع غرب الإسكندرية.

"الديدان عبارة عن طور من أطوار الذباب المنزلي".. هكذا أكد علماء معهد علوم البحار والمصايد في تقريرهم النهائي عن أسباب هذه الظاهرة الغريبة، وغير المسبوقة.

لم يقتنع أهالي الدخيلة بما ذكرته اللجنة العلمية لوسائل الإعلام عن الديدان، مؤكدين أن الأمر أخطر بكثير، وأنهم يواجهون كارثة بيئية وصحية محققة بسبب الصرف الصحي.

لجنة علمية

كارثة الديدان التي تعرض له الشاطئ المطل على البحر المتوسط، أثارت مخاوف الجميع، ما دفع النائب مصطفى الطلخاوي، عضو مجلس النواب عن دائرة الدخيلة إلى تقديم طلب إحاطة عاجل، محذرًا من انتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين.

وردًا على طلب "الطلخاوي"، ترأس اللواء جمال رشاد، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية لجنة علمية لمعاينة وفحص أسباب الظاهرة.

اللجنة ضمت ممثلين من 6 جهات هي "جهاز شئون البيئة، إدارة البيئة بالمحافظة، نواب البرلمان، مديرية الصحة، شركة الصرف الصحي، معهد علوم البحار، الإدارة المركزية للنظافة".

تقرير كارثي

وكشف التقرير الرسمي للجنة العلمية – حصل مصراوي على نسخة منه- عن كارثة بيئية، بعدما كشفت المعاينة عن وجود "ديدان وحشرات وكابوريا نافقة"، وتمثل الخطر الأكبر في وجود بيارات ومواسير صرف صحي غير معالج تصب في البحر مباشرة.

ووفقا للتقرير الموجه لمحافظة الإسكندرية، جرى رصد "بيارة" صرف صحي غرب الشاطئ، تحيط بها رمال رطبة، ما يدل على وجود تسريب منها على البحر.

وفي الاتجاه الغربي خلف بيوت الأهالي، رصدت اللجنة قيام بعض المنازل بالصرف مباشرة على مياه البحر، فضلا عن وجود أكثر من "بيارة" تصب في البحر أيضا- بحسب التقرير.

صرف غير معالج

ويعد أخطر ما تضمنه التقرير هو وجود ماسورتين للصرف الصحي - قطر الواحدة 60 سم - تقوم بالتخلص من الصرف الخام غير المعالج القادم من مناطق الهانوفيل ومساكن طلعت مصطفى وما حولها مباشرة على البحر.

ولفت التقرير إلى رصد وجود مخلفات للسفن القادمة من وإلى ميناء الدخيلة، وهو ما يعني أن ظهور الديدان مشكلة تتعلق بالصرف الصحي- بحسب التقرير.

أرض الهيش

كارثة الصرف الصحي بشاطئ الدخيلة، كشف تفاصيلها النائب حسن خير الله، عضو مجلس النواب عن المنطقة، قائلا: "هناك 3 محطات لرفع مياه الصرف الصحي الزائدة هي "ونيس وطلعت مصطفى وص2" تصب في محطة المعالجة المعروفة "بأرض الهيش" في أم زغيو.

وأشار خير الله، إلى أن محطة أرض الهيش أصبحت في حالة متردية وآيلة للسقوط واقتصرت طاقتها الاستيعابية على معالجة 55 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي يوميا.

وفجر عضو مجلس النواب مفاجأة قائلا: "المحطة تستقبل كميات زائدة عن طاقتها الاستيعابية ما يدفعها إلى إلقاء نحو 40 ألف متر مكعب من الصرف الصحي يوميا دون معالجة على بحر الدخيلة مباشرة عبر ماسورة قديمة بها شروخ ما يتسبب في تلوث مياه البحر ويشكل خطورة على المباني بالمنطقة أيضا".

ولحل الأزمة، أوضح خير الله، أن المحافظة وضعت 3 حلول هي عمل مصب جديد "ماسورة" بقطر 900 مم بكورنيش الدخيلة، ورفع كفاءة محطة أرض الهيش لمعالجة المياه بالكامل، وتحويل محطات الرفع الثلاث لمحطة المعالجة بالكيلو 21".

الأهالي يعترضون

ومع بدء المحافظة مطلع العام الماضي في تنفيذ مشروع "مصب خط الفائض 900 مم بكورنيش الدخيلة"، اعترض الأهالي استكماله رغم تأكيدات المسئولين أن مياه الصرف الناتجة عنه ستكون معالجة وغير ضارة.

وأبدى الأهالي تخوفهم من تلوث مياه البحر- وهي المنطقة التي تستخدم للصيد والاصطياف – مطالبين بنقل مسار المشروع ليصب داخل ميناء الدخيلة كما كان مقررًا، فضلا عن ما ذكروه من خطورة أعمال الحفر على منازلهم.

اجتماع الأزمة

وأمام اعتراض الأهالي، عقد اجتماع تنسيقي بديوان عام المحافظة في مايو 2018 ، برئاسة اللواء هشام شادي، سكرتير عام المحافظة- وقتها- لمناقشة معوقات استكمال تنفيذ مصب خط الفائض 900 مم بكورنيش الدخيلة.

ووفقا لمحضر الاجتماع – حصل مصراوي على نسخة منه- قال اللواء محمود نافع، رئيس مجلس إدارة شركة الصرف الصحي، إن الأهالي قاموا باعتراض مقاول المشروع، مشيرًا إلى أن المساحة المتبقية لاستكمال المشروع هي 120 متر.

وأضاف رئيس شركة الصرف الصحي، أن المشروع يشمل رفع كفاءة محطة معالجة أرض الهيش، فضلا عن مخاطبة وزارة الإسكان والمرافق لتوفير مبلغ 29 مليون جنيه لتحويل تصرفات المياه الزائدة من محطات رفع " ونيس، طلعت مصطفى، ص 2" إلى محطة المعالجة بمنطقة الكيلو 21.

وبدوره، أوضح المهندس إبراهيم منصور، رئيس منطقة الإسكندرية الجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي، في كلمته خلال الاجتماع، أن خط الفائض سيمتد بطول 6 أمتار فقط داخل البحر.

وأضاف منصور، أن مد مصب خط الفائض – المقرر إنشائه بعد حاجز الأمواج داخل البحر يعتبر مشروع جديد بتكلفة جديدة، ما يتطلب زيادة طول مواسير الصرف إلى 150 متر ويحتاج إلى دراسة- بحسب قوله.

دراسة بيئية

وخلال الاجتماع، أبدى المحامي حاتم عبد المنعم، وكيلا عن مالك أحد المنازل التي سيمر الخط بجوارها، اعتراضه على المشروع لكونه يسبب ضررًا لجميع الأهالي والصيادين.

وأشار عبد المنعم، إلى أن عرض الشارع الذي سيمر به الخط صغير وعمق الحفر كبير ما يشكل خطورة داهمة على العقارات، مقترحًا توصيل المواسير القديمة بجوار سور ميناء الدخيلة.

وعاود المحامي تأكيده على اعتراض الأهالي على تنفيذ المشروع بوضعه الحالي، مطالبا بتقديم دراسة بيئية موافق عليها من جهاز شئون البيئة والجهات المعنية.

توصيات لم تنفذ

وأوصى الاجتماع بتنفيذ أربعة مقترحات أبرزها قيام شركة الصرف الصحي برفع كفاءة محطة معالجة أرض الهيش بنهاية شهر يونيو 2018- وهو الأمر الذي لم ينفذ لنقص الاعتمادات المالية.

وتضمنت التوصيات، قيام الجهاز التنفيذي لمشروعات مياه الشرب بمد خط الفائض بماسورة لصب مياه الصرف الصحي المعالجة داخل البحر، لأقصى مدى، وفقا للمواصفات الفنية.

كما أوصى الاجتماع بإعداد دراسة مد خط الفائض 900 مم لما بعد حاجز الأمواج على أن تدرج في خطة موازنة 2018/2019، فضلا عن تدبير الموارد المالية بشأن نقل تصرفات المياه الزائدة من محطات رفع مياه الصرف الصحي الثلاث المشار إليها من محطة معالجة أرض الهيش، إلى محطة معالجة الكيلو 21.

غرق العجمي

وفي طلب إحاطة عاجل للمهندس مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قدمه النائب مصطفى الطلخاوي، جرى المطالبة بسرعة تدبير اعتماد مالي لتحويل مسار محطات الرفع الثلاث من محطة معالجة أرض الهيش إلى وحدة معالجة الكيلو 21، وذلك تفاديا لكارثة بيئية.

ووصف الطلخاوي، محطة معالجة أرض الهيش بمنطقة "أم زغيو" بأنها في حالة متردية جدا وعلى وشك الانهيار، محذرًا أنه في حالة توقفها ستؤدي إلى غرق منطقة العجمي والدخيلة بأكملها بمياه الصرف الصحي.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن التأخر في تدبير الموارد المالية بشأن نقل مسار تصرفات المياه من المحطات الثلاث سيؤدي إلى كارثة بيئية خطيرة ومؤكدة.

أكثر بحار العالم تلوثا

وأمام وضع حالي كارثي، ومشروع مرتقب أكثر خطورة، يظل البحر المتوسط أكثر بحار العالم تلوثًا لوجود شواطئ لـ 22 دولة تطل عليه، ولانغلاقه شبه التام، فلا تتجدد مياهه إلا بعد مرور ما يقرب من 80 عامًا عبر منفذين رئيسيين هما مضيق جبل طارق، وعرضه نحو 14 كيلومتراً، وقناة السويس.

وكشف برنامج الأمم المتحدة للبيئة "U N EP" عن إلقاء 650 مليون طن من مياه الصرف الصحي سنويا في البحر المتوسط، 70% منها تصرف دون معالجة، فضلا عن مئات الأطنان من الملوثات الأخرى كالزيوت المعدنية والرصاص والفوسفات.

يذكر أن البحر المتوسط يغطي أكثر من 2.5 مليون كيلو متر مربع، ويبلغ متوسط عمقه 1500 متر فقط، ويصل طول سواحله إلى نحو 46.000 كيلومتر، وتضم البلدان المتوسطية 425 مليون نسمة من السكان، إلى جانب 170 مليون سائح يفدون إليها كل عام.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان