أنامل "عم مصطفى".. وقصة ٤٢ عامًا من "العزف" على خيوط النول في البحيرة
البحيرة- أحمد نصرة:
كما لو كان عازفًا متمرسًا على إحدى الآلات الوترية، يجلس عم مصطفى، أمام نول خشبي بغرفة داخل منزله الريفي البسيط، بقرية الأبعدية، في البحيرة، تتمايل أنامله بسرعة وبراعة بين خيوطه المشدودة، ليغزل من أصوافه الملونة، لوحة فنية تروي قصة من عبق التراث.
"النول صيدليتي" بهذه العبارة استهل عم مصطفى حديثه لـ"مصراوي" قائلًا: "بلاقي راحتي في النول ولو تعبان بشتغل عليه شوية بلاقي نفسي خفيت".
ويروي "عم مصطفى" قصة تعلمه النول اليدوي: "بعد الدبلوم سنة ١٩٧٨ رحت مركز تدريب في الجمالية، اتعلمت المهنة دي في سنتين، وربنا أكرمني وطلعت الأول على الدفعة، واتعينت في الشؤون الاجتماعية في طنطا، بقوا ينتدبوني للجمعيات الخيرية عشان أعلم السيدات".
وأضاف عم مصطفى: "مهنتنا بتتطلب تركيز شديد واستخدام لأكثر من حاجة مع بعض العين واليدين والرجلين، شغلانة صعبة، ومرهقة وتتطلب صبر شديد، وللأسف مش واخدة حقها ولا لاقيه التقدير المناسب لقيمتها".صورة 3
وعن الأدوات المستخدمة، يقول "عم مصطفى": "أدوات العمل المساعدة بسيطة جدًا المشط، وهو مكون من سنون معدنية وبنستخدمه في ضم الخيوط لبعضها، والمكوك وبنستخدمه في البداية والنهاية مع القطع اللي مفيهاش تشكيلات هندسية أو رسومات".
وعن أسعار منتجاته يقول "عم مصطفى": "أسعار المتر بتختلف حسب الشغل والوقت والمجهود، ونوعية الخامات المستخدمة، ممكن لو رسمة هندسية بسيطة المتر يتباع بـ ٢٥٠ جنيه، ولو رسمة منظر طبيعي أو أشخاص يوصل لألف جنيه أو أكتر، كمان عدد الخيوط المستخدمة بتتحكم في السعر، الشغل على ٤ خيوط في السنتيمتر، غير على ٣ بس بتبقى غرزه أضيق، وبيحتاج جهد ووقت أكبر وفتل صوف أرفع وأغلى".
وتستعين العديد من الجمعيات الخيرية والجهات التنموية بأكثر من محافظة بخبرات "عم مصطفى" في تعليم السيدات الباحثات عن عمل أو مصادر للدخل، مؤكدًا وجود العديد من التجارب الناجحة في هذا المجال.
ويقول العم مصطفى: "أفضل جائزة في حياتي لما بشوف واحدة غلبانة جبتلها نول وعلمتها، وبدأت تمسك فلوس من وراه وحياتها هي وأسرتها اتغيرت للأفضل".
ويضيف ابن محافظة البحيرة: "ميزة النول الخشبي إنه بسيط ومش مكلف، ينفع الشغل عليه بخامات مختلفة اقتصادية وفاخرة، وممكن كل ست تحطه في بيتها كمصدر دخل لأسرتها، وتكون هي صاحبة العمل تشتغل في الوقت اللي عاوزاه من غير ما حد يتحكم فيها أو يجي الشغل على حساب أسرتها".
ويحرص عم مصطفى على تعليم هذه المهنة إلى ابنه أحمد فيقول: "اهتميت أعلم ابني الصنعة، عشان يحافظ عليها، أنا الحمد لله علمت أجيال وكل اللي أتمناه من ربنا إني أشوف أحمد زيهم".
ويطالب عم مصطفى بالاهتمام بهذه المهنة التي يمكن أن تحقق طفرة تنموية: "للأسف مش بنلاقي التشجيع الكافي، أتمنى إن المسؤولين ينظروا لهذه المهنة باهتمام أكتر، ليه ميكونش فيه معرض دائم بكل محافظة تتعرض فيه الأشغال اليدوية، كمان عاوزين الدولة تساعدنا وتفتح لنا أسواق خارجية".
فيديو قد يعجبك: