يد كيرلس تسقي زملاءه الصائمين في عزل "كورونا" بالإسكندرية - صورة

الإسكندرية– محمد البدري:

مع رفع أذان المغرب كل يوم، يعكف الممرض "كيرلس" على المساعدة في إفطار زملائه، ويحضر لهم جرعات الماء والعصير إلى وحدة العناية المركزة بمستشفى عزل العجمي لصعوبة حركتهم بسبب بدل الوقاية من فيروس "كورونا"، ليعكس مثالًا حيًا على روح التوافق بين أفراد الفريق الطبي خلال رعاية مرضى، صنفت حالاتهم بالحرجة.

ويقول كيرلس نشأت شفيق، 27 عامًا، من قوة تمريض العناية بمستشفى العجمي، لـ"مصراوي" عن طبيعة عمله بوحدة العناية المركزة: "إنها أقصى درجات الرعاية للحالات الحرجة، وفرضت على أفراد الطاقم الطبي البقاء على مدار اليوم بجوار المرضى الذين يخضعون لعناية فائقة من خلال أجهزة التنفس الصناعي الموصولة بهم، وقد تصل فترة العمل الواحدة لفرد الطاقم الطبي إلى 18 ساعة، وهذا يعني أنه في وقت أذان المغرب لن يكون لدى البعض رفاهية ترك موقعه للإفطار".

وأضاف الممرض لـ"مصراوي": "عندما تحين ساعة الإفطار في كل يوم يتبادل زملائي أماكنهم بالتناوب فيخرج 4 أفراد في راحة لمدة 10 دقائق لتناول الإفطار، بينما يبقى الآخران في موقعهم لحين عودة زملائهم والتبديل معهم، وفي تلك اللحظة أقوم بمهمتي في مساعدة زملائي الباقين بجوار المرضي في كسر صيامهم بجرعات الماء والعصائر، لعدم استطاعتهم القيام بذلك بسبب ارتدائهم هذا الكم من المستلزمات الوقائية التي تعيق حركتهم أحيانا".

"بنفطر ونتسحر سوا".. قالها كيرلس ضاحًكا، مضيفًا أنه اعتاد عيش أجواء رمضان مع زملائه فهو لا يشرب ولا يأكل طوال نهار رمضان، حتى يحين موعد الأذان؛ ليشارك زملاءه لحظة الإفطار بعد أن يساعد المتواجدين بجوار المرضى في شرب الماء.

واستطرد الممرض قائلًا: "جميعنا هنا سواء، ولا يوجد بيننا كلمة مسلم ومسيحي، نحن فريق عمل واحد نعمل بدافع الإنسانية والقيم التي تعلمناها لرعاية مرضانا".

يتابع كيرلس: "قضيت 45 يومًا في العمل داخل مستشفى الحجر الصحي تخللتها فترات إجازة أعزل نفسي فيها عن الجميع، وقد استفدت من فترة عملي في الحجر، وزادتني خبرة".

"مستني مولود جديد نفسي أحضر لحظة وصوله".. قالها "كيرلس" معبرًا عن أمله في الخروج سالما بعد انتهاء فترة خدمته الثالثة داخل مستشفى العزل، ليرى زوجته التي اضطر لتركها أثناء فترة حملها لأداء واجبه المهني في رعاية المرضي، لافتًا إلى أنه من المقرر أن ينهي فترة خدمته خلال الأيام المقبلة ليشارك أسرته فرحة مولودهم الجديد إلا أن أصعب ما فيها هو لحظة أخذ مسحة معملية للتأكد من سلبية نتائج أفراد الطاقم الطبي لفيروس "كورونا".

ووجه كيرلس رسالة إلى المواطنين قائلًا: "نرجو منكم فقط الالتزام بقواعد الحماية الشخصية، وإجراءات التباعد الاجتماعي، حتى الآن هناك الكثيرون لا يشعرون بكم الخطر الذي نواجهه، وإذا أتيحت لأحد فرصة رؤية أي مريض قبل لحظات من وضعه على جهاز التنفس، فلن يجرؤ على نزول الشارع بعدها"، متابعا: "الأمر صعب ويحتاج منا شعورًا أكثر بالمسؤولية حتى تزول الغمة وندعو الله أن نعود بعدها لأسرنا سالمين".