إعلان

المسرح الروماني بالإسكندرية.. جمع بين السياسة والعلوم والموسيقى قبل 1600 سنة (صور)

09:49 م الإثنين 01 أغسطس 2022

الإسكندرية - محمد البدري:

بعد توقف استمر 3 سنوات بسبب جائحة كورونا، يستعد المسرح الروماني الأثري، لعودة مهرجانه الفني الصيفي، خلال أغسطس الجاري، ليضيء الساحة الفنية بمزيج من عروض موسيقية معاصرة وطابع تاريخي تمتد جذوره لعصور الازدهار الأولى لمدينة الإسكندرية.

ويستعرض مصراوي في السطور التالية جانبا من تاريخ المسرح الروماني أو كما لقبه مكتشفوه بـ"المدرج الروماني" وفقا لمراجع تاريخية وخبراء متخصصين، لرصد بعض خبايا المبنى الأثرى الفريد الذي اختلفت الآراء حول وظيفته الأساسية حتى أكدت الدراسات أنه جمع بين مجالات الفن والسياسة والعلوم في مكان واحد على أرض الإسكندرية.

محاولة بحث عن مقبرة الإسكندر قادت لاكتشافه

تؤكد المراجع التاريخية أن موقع المسرح الروماني أكتشغ بالصدفة، إذ كان الهدف الأساسي الكشف عن مقبرة الإسكندر الأكبر علي اعتقاد انه كوم الديماس أي كوم الجثمان، وبدأت أعمال الحفر و التنقيب بمنطقة كوم الدكة الأثرية منذ 1960 بالتعاون مع مصلحة الآثار الممثلة في المتحف اليوناني الروماني و المركز البولندي لآثار البحر المتوسط عقب صدور قرار إزالة التل الذي كان يحجب المنطقة.

وتشير دراسة تاريخية للباحثة منى عبد الله، إلى أنه جرى رفع ونقل حوالي 40 ألف متر مكعب من التراب والحجارة خلال أعمال التنقيب، والتي قادت للكشف عن أهم معالم المنطقة وهو شارع المسرح الذي يبلغ طوله داخل حدود المنطقة 186 مترا والمدرج الروماني بالإضافة إلى الصهريج والحمام الروماني والحي السكني القديم.

الوحيد من نوعه في مصر

يعتبر المدرج الروماني - المسرح الروماني - الأثر الوحيد من المباني الدائرية في مصر، ويرجع تاريخ تأسيسه إلى أوائل القرن الرابع الميلادي وظل مستخدما حتى العصر الإسلامي مرورا بالعصر الروماني والبيزنطي.

تصميم حدوة الحصان

بحسب ما جرى اكتشافه من قبل البعثات الأثرية، صمم المسرح علي شكل حدوة حصان أو حرف U ، وكان يتكون المسرح في بدايته من 16 صفا في العصر الروماني و مدخلين من الشمال و الجنوب و أجزاء من مقاعد رخامية و أجزاء معمارية أخرى مستخدمة من قبل في مباني وغطي بقبة كبيرة من الطوب الأحمر كانت تستند من الأمام علي عمودين كبيرين، ثم خفض عدد المدرجات إلى 13 صفا في العصر البيزنطي بعد إضافة مقصورات لعلية القوم و مجموعة من الأعمدة من الرخام و الجرانيت المختلف الألوان.

هل استخدم كساحة قتال؟

وفقا لكتاب آثار الإسكندرية القديمة للدكتور عزت قادوس، رئيس قسم الآثار والدراسات اليونانية والرومانية الأسبق بجامعة الإسكندرية، اختلفت الآراء حول استخدامات المسرح الروماني نظرا للتعديلات التي مرت على تكوينه المعماري خلال عدة عصور، ومن بينها بأنه كان يستخدم كساحة قتال على غرار الساحات الرومانية الشهيرة في هذا الوقت وخاصة الشكل الدائري للمقاعد المحيطة بالساحة، إلا أن الباحث رفض ذلك الرأي لأن المباني يفترض أن تكون ذات مساحة متسعة بما يسمح بقيام المنازلات كما لم يتم العثور على أي أثر لأسوار تحمي المشاهدين من حدة النزالات والتي تعزل الساحة عن الصف الأول.

كيف استخدمه الرومان في الفن؟

ووفقا لأستاذ الآثار والدراسات اليونانية والرومانية بجامعة الإسكندرية كان يعتقد في بداية الاكتشاف أن المبنى كان يستخدم لتقديم عروض تمثيل حيث اعتبر الدعامتين المربعتين كانتا لحمل المسرح إلا أن أحدها كانت تحمل نقشا يؤكد أنها كانت مكشوفة من جميع الجهات، كما يعيب هذا الرأي أن وجود خشبة المسرح باتجاه الغرب يحجب المدخل الرئيسي الوحيد، بينا كان المقترح لخشبة المسرح أن تكون عكس الدرج.

وبالعودة إلى الدراسات المقارنة بينه وبين المسارح المشابهة، التي اكتشفت في عدد من الدول اتضح أن مبني المسرح عادة ما يكون على شكل حرف " "C، أو نصف دائرة حتى يتمكن الجالسون على الأطراف من المشاهدة، ما جعل أغلب الباحثين يفضلون تسميته بـ"المدرج الروماني".

قاعة اجتماعات سياسية ومقر للحزب الحاكم

أشارت أعمال التنقيب إلى أن أحد الفرضيات لاستخدام المسرح الروماني تدل على أنه كان قاعة اجتماعات سياسية، حيث عثر على شعار الدولة البيزنطية أو أنه كان مقرا للحزب الحاكم في نفس الوقت.

زلزال وحزب أخضر ومجلس مدينة

وكشفت دراسات أجريت مع أعمال التنقيب أن المبنى جرى استخدامه كمجلس للمدينة بعد زلزال وقع عام 535 ميلادية، أدى إلى هدم عدد من الأعمدة، كما عثر على نقوش بمدرجات المسرح تتمنى "الحظ والنصر" للحزب الأخضر مرة ولشخص يدعى أنتيدوروس مرة أخرى ما يبين الصفة السياسية للمبنى في العصر البيزنطي.

قاعة محاضرات علمية

وفقا للدكتور إسلام عاصم ، أستاذ مساعد التراث بالمعهد العالي للسياحة، نقيب المرشدين السياحيين السابق، يعتقد أن المدرج الروماني كان يستخدم أيضا خلال القرون الأولى كمكان لتلقى العلم وذلك بعد اكتشاف 21 قاعة محاضرات صغيرة حول المدرج فيما رفع من احتمال أن يكون المدرج الرئيسي هو القاعة الكبرى لتقديم المحاضرات العلمية.

صالة موسيقية

ويؤكد أستاذ مساعد التراث وجود شواهد على أن المسرح استخدم في بدايته كصالة موسيقية "أوديون" استنادا إلى وجود الأعمدة حيث كان المبنى مسقوفا وهي إحدى خصائص المعمارية للأوديون، مشيرا إلى ما ذكر في كتاب آثار الإسكندرية القديمة عن العثور على نقش آخر يتمنى الفوز والحظ لأحد الذين اشتركوا في أحد المسابقات الموسيقية التي أقيمت بالمدرج، وهي عادة رومانية بأن تجرى المسابقات الفنية في مبان الأودويون.

وأوضح أنه تبين من تصميم المبنى أن الموقع جرت دراسته وقت الإنشاء بحيث تحمل الرياح الصوت فتصدم بالجدار الغربي ليرتد صدى الصوت وهذا ضمن خصائص التصميم الهندسي، وبالتالي فإن الجالسين على المدرجات الجانبين يستطيعون سماع الموسيقى عكس لو كان البناء مسرحا لأن الرؤية ستكون أصعب في حالة وجود خشبة مسرح للتمثيل.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان