إعلان

"الرطل من بوب بقرش".. كيف أسقط ثوار المنيا هيبة الاحتلال البريطاني في ملحمة "الدم والعسل"؟

03:14 م السبت 18 مارس 2023

المنيا- جمال محمد:

تحل اليوم الذكرى 104 لملحمة "الدم والعسل" والتي شارك خلالها أبناء عروس الصعيد المنياوية في ثورة 1919 المجيدة، وسطروا التاريخ بدمائهم، بعد أن أوقفوا قطار الإنجليز وقتلوا جنوده بمحطة قطارات ديرمواس، لتصبح بعد ذلك تلك البطولات عيداً قومياً لأبناء المحافظة البالغ تعدادها 6 ملايين نسمة.

"مصراوي" يلقي الضوء على مشاركة أبناء المنيا في ثورة 1919 والتي قادها الزعيم الدكتور خليل أبو زيد ابن مركز ديرمواس والذي تم إعدامه فيما بعد هو وعدداً من قادة الثورة بالمحافظة، إذ كان "أبو زيد " شخصية ملتزمة وقيادية ودارسا في جامعة أكسفورد بلندن بكلية الزراعة، وظل هناك أكثر من 8 سنوات منذ 1910 حتى 1919 رغبة من والده العمدة "ابو زيد بك على"، وبعد عودته لمصر رأى أن الحرية في مصر عامة والصعيد على وجه الخصوص منقوصة، والاستعمار المستبد ينهب خيرات أبناء البلد، فاهتم كثيرًا بالشؤون السياسية وأًصبح أحد السياسيين المتابعين عن قرب زعيم الأمة سعد زغلول، وظل يترقب الأمور حتى قاد أبناء عروس الصعيد في ثورتهم مستغلاً تحدثه الإنجليزية بطلاقة.
وفي يوم 18 مارس 1919 علم خلال أبو زيد باشتعال الثورة في مصر، وبدء تحرك الثوار في العديد من محافظات وجه بحري، وحينها علم أن هناك قطاراً للإنجليز على وشك الوصول إلى محافظة المنيا وبالتحديد محطة "ديرمواس"، فقرر أبو زيد أن يتوجه على رأس حشد يضم 4 آلاف مواطن تقريبًا، إلى المحطة وقطع شريط السكة الحديد عليهم، وبالفعل تفاوض مع مسؤولي السكة الحديد المصريين، وتمكنوا جميعاً من السيطرة على "الأسطوانة" والتي بدونها يتوقف أي قطار ولا يستطيع عبور المحطة، وجرى توقف القطار القادم من الجنوب، ومتجه إلى القاهرة وبه عدد من الضباط الإنجليز ومفتش السجون الإنجليزي "بوب".
عند توقف القطار في محطة قطارات ديرمواس بأقصى جنوبي المنيا، بدأ قائد ثورة 1919 في المنيا خليل أبو زيد التحدث إلى الانجليز، وكان هو الوحيد من بين الحضور حينها الذي يجيد اللغة الإنجليزية بطلاقها بعد أن قضى 8 سنوات في انجلترا، وأصر على عدم مغادرة القطار قبل الاستماع لمطالبهم، وبعد مناوشات كثيرة مع ضباط الإحتلال قام أحد الضباط بإطلاق الرصاص في الهواء، ما أثار غضب المواطنين من أبناء ديرماس وجعلهم يقفزون على القطار من كل جانب، ونشبت الاشتباكات التي انتهت بمقتل مفتش السجون الانجليزية و 7 جنود آخرين، وجندي آخر ألقى بنفسه في مفحمة القطار، فيما سالت دماء بعض الثوار على قضبان السكك الحديدية واختلطت بشحنات العسل الأسود التي كانت معبأة في "البلاليص" من قبل بعض التجار، لتسمى ملحمة المنيا في الثورة تاريخياً باسم " ملحمة الدم والعسل "، فيما أخذ بعض الثوار جثمان مفتش الجون الإنجليزية ووضعوه على سيارة كارو وجابوا به المدينة مرددين هتاف: "الرطل من بوب بقرش بقرش ".

الانتصار الذي حققه أبناء المنيا في ثورة 1919 وقتلهم لمفتش السجون الإنجليزية لم يمر مرور الكرام، وعقب الأحداث بعشرة أيام، وصل أسطول كبير من الضباط والجنود الإنجليز إلى ديرمواس واستقبلهم البطل الدكتور خليل أبو زيد دون الافصاح عن هويته، لأنه كان من ضمن المطلوب ضبطهم ومحاكمتهم، فوقف وتحدث معهم وأقنعهم بأن الوقت الذي وصلوا فيه لن يجدوا أحدا موجوداً في منازلهم لأن جميع أبناء المركز من المزارعين، ويعملون في الأراضي الزراعية، وطلب أن يعرف منهم أسماء المطلوبين لديهم، وفوجىء باسمه في مقدمة أسماء الكشف، فقام بحفظ الأسماء، وأبلغ كافة المطلوبين ونجح في تهريبهم بإحدى المناطق الجبلية، فيما اكتشفت قوات الانجليز حيلة "أبو زيد" في اليوم الثاني وبدأت في ارتكاب أعمال عنف ضد جميع الأهالي والسيدات، ما جعله يسلم نفسه هو وكافة المطلوبين البالغ عددهم 91 مناضلا تقريبا، وجرى محاكمتهم عسكرياً في مديرية أسيوط، حيث كان مركز ديرمواس يتبعها أسيوط إداريا حينها، وتم الحكم بالاعدام شنقًا لجميع المضبوطين، وبعد تخفيف الأحكام عن البعض، تم تنفيذ حكم الإعدام لـ "خليل" وهو في الثامنة والعشرون من عمره، و35 آخرين وتم تخفيف الاحكام لباقي المتهمين للسجن لسنوات مختلفة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان