اسمها يعني "بيت الخال".. "بدخلو" قرية تحتضن بين تلالها تاريخًا طويلًا وتقاليد عريقة -صور
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
الوادي الجديد – محمد الباريسي:
تقع قرية "بدخلو" في مركز الداخلة بالوادي الجديد، على بعد 21 كيلومترًا إلى الشمال من مدينة موط. هذه القرية الصغيرة، التي تحتضن بين تلالها تاريخًا طويلًا وتقاليد عريقة، تعد واحدة من أهم القرى التاريخية في الواحات المصرية. منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، تظل بدخلو محط اهتمام المؤرخين والباحثين في التراث الواحاتي.
أصول تاريخية تعود للعصور الوسطى
قال بهجت إبراهيم، مدير عام الآثار بالوادي الجديد الأسبق، إن أول ذكر لقرية بدخلو يعود إلى المؤرخ المصري ابن دقماق (1349-1407)، الذي ذكرها ضمن قائمته التي ضمت 24 قرية في الواحات. وفقًا له، كانت القرية تشتهر بزراعة العنب والأرز، واسمها مشتق من "بيت خلو" الذي يعني بيت الخال، العالم الألماني فرانك بليس أشار إلى أن هذا الاسم قد يعني "بيت الخال" بلغة العصر.
وأوضح بهجت، أن أقدم الآثار المادية في بدخلو تعود لعام 1783 ميلادية (1197 هـ)، وقد أظهرت استطلاعات بليس أن ثلاث عائلات في القرية يعود أصلها إلى العصر الروماني، أبرزها عائلة الشيخ سيف الدين التي جاءت من وادي النيل الأعلى في بداية القرن الثامن عشر.
محطات تاريخية هامة
يقول محمود عبد ربه، الباحث في التراث والتاريخ الواحاتي بالوادي الجديد، إنه منذ بداية القرن التاسع عشر، جرى ذكر بدخلو في عدة مصادر غربية، منها الرحالة الإيطالي برناردينو دروفيتي عام 1819 والبريطاني جون جاردنر ويلكينسون الذي زار الواحات الداخلة في عام 1825، كما ذكرها المستكشف الألماني جيرهارد روهلفس عام 1874، واصفًا موقعها بين التلال وحدائق النخيل، وذكر أن عدد سكانها بلغ 2400 نسمة، مع حوالي 8000 شجرة نخيل وأشجار زيتون.
أضاف عبد ربه، أنه في عام 1908، قام رسام الخرائط البريطاني هيو جون ليويلين بادنيل بزيارة القرية، وذكر أن عدد سكانها بلغ 583 نسمة وفقًا لإحصاءات عام 1897، في تلك الفترة، كانت الزراعة هي الحرفة الرئيسية لسكان القرية، حيث تزرع بشكل رئيسي البرتقال، الليمون، الزيتون، والمشمش في بساتينها الخصبة.
التراث العمراني لبدخلو
تقول المهندسة إيمان حسين، مدير التخطيط العمراني بالوادي الجديد، إنه تتميز بدخلو بتراث معماري فريد، حيث تشبه مبانيها القديمة تلك التي تعود للقرون الوسطى، كما هو الحال في قرية القصر القريبة، رغم أن العديد من المباني تعرضت للدمار على مر العصور، إلا أن أبرز معالم القرية، مثل المسجد القديم ومئذنته، ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
وأوضحت أن المئذنة، التي يبلغ ارتفاعها 15 مترًا، تتكون من قاعدة مربعة وبنية فوقية مستديرة. أما المسجد، فهو بسيط التصميم، يحتوي على محراب ومنبر مصنوعين من الخشب، وسقفه يعتمد على جذوع النخيل والجريد، البيوت القديمة في القرية تتألف من طابقين أو ثلاثة، وتتميز بواجهاتها المزينة بالطوب متعدد الألوان ونوافذها الصغيرة. تراسات المنازل العلوية محاطة بجريد النخيل، مما يعكس الطابع التقليدي للحياة الريفية في الواحات.
المدافن والتقاليد الجنائزية
يقول محمود عبد ربه، جامع التراث الواحاتي، إنه على التل الجنوبي الغربي للقرية، توجد مدافن السكان، والتي تعود معظمها إلى العهد العثماني. المدافن تتميز بتصميم فريد، حيث تحتوي على قبور قبة مربعة للشيوخ، وغالبًا ما تشمل هذه القبور فناءً محاطًا بجدار من الطوب، هذه القبور تعتبر شاهدًا على التراث الديني والجنائزي للقرية، حيث تمثل القبة رمزًا للتقديس والاحترام.
الزراعة في بدخلو: قلب الاقتصاد المحلي
يقول الدكتور عادل عجمي، وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد الأسبق، إنه رغم أن بدخلو قرية صغيرة، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على الزراعة، التي تشكل قلب الاقتصاد المحلي. في بساتين القرية، يجري زراعة البرتقال، الليمون، الزيتون، والمشمش، والتي تعد المحاصيل الرئيسية، تتميز هذه البساتين بالاستقلالية النسبيّة، حيث تتوزع المزارع حول القرية وتشكل واحة خضراء في قلب الصحراء.
القرية القديمة نفسها تقع في الشمال، حيث تتمركز المباني المبنية على طراز القرون الوسطى، رغم الدمار الذي لحق بالعديد منها، إلا أن بعض المباني ما زالت قائمة، مما يجعلها نقطة جذب للباحثين في التراث والتاريخ.
الحكايات الشعبية والعادات التقليدية
يؤكد محمود عبد ربه، جامع التراث الواحاتي، إن تاريخ بدخلو يحفل بالعديد من الحكايات الشعبية التي تناقلتها الأجيال، يرتبط العديد من هذه الحكايات بحياة البدو والشيوخ الذين عاشوا في القرية وقادوا مجتمعها على مر العصور، من بين هذه الحكايات، قصص عن شجاعة الشيوخ وحكمتهم في إدارة شؤون القرية، فضلاً عن الأساطير المتعلقة بالروحانيات التي كانت جزءًا من الموروث الثقافي للقرية.
ويشير إلى إنه في المناسبات الاجتماعية والدينية، يتجمع أهالي القرية في المسجد القديم للصلاة والاحتفال بالأعياد. العادات التقليدية مثل تجهيز الموائد الكبيرة وتقديم الأطعمة المحلية في هذه المناسبات تعكس روح التضامن والتكاتف بين أفراد المجتمع.
بدخلو اليوم
وأكد مجدى الطماوي، رئيس مركز الداخلة السابق، إنه في الوقت الحالي، لا تزال بدخلو تحتفظ بجزء كبير من تراثها وعاداتها، ورغم التطور العمراني الذي شهدته المنطقة، إلا أن القرية القديمة والمباني التراثية تظل شاهدًا على عراقة هذه القرية، التلال المحيطة ببدخلو وحدائق النخيل تمنحها طابعًا فريدًا، يجعلها مكانًا مثاليًا لمحبي التاريخ والطبيعة على حد سواء وبها حاليا منطقة سياحية تراثية ترفيهية.
ومن أشهر الشخصيات البارزة من أبناء القرية هي الدكتورة حنان مجدي، خريجة البرنامج الرئاسي للقيادة وتشغل حاليا منصب نائب محافظ الوادي الجديد.
تظل بدخلو، بتراثها العريق وحكاياتها الشعبية جوهرة من جواهر الواحات الداخلة، ومن خلال الحفاظ على هذه التقاليد والموروثات، تظل القرية متصلة بجذورها التاريخية، معبرة عن هوية أهل الواحات التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ المصري.
فيديو قد يعجبك: