بأيديها صنعت الحياة.. "دعاء" امرأة فى السويس تحدت الإعاقة بالفن -صور
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
السويس- حسام الدين أحمد:
تعصف بنا الحياة، وتضعنا في مواجهة حقيقية أمام أنفسنا، نحاط بالخيبات والإحباط وفقدان الطموح، أمور قد تدفعنا إلى حافة الحياة، والهروب أو بالأحرى الانسحاب وترك الدنيا، هكذا كانت حياة "دعاء" لولا أن الله هيأ لها الأسباب والدعم لتعود وتُبدع في صناعة أشكال من الريزين.
خرجت "دعاء" من محنتها بالإبداع والفن، هي الآن تعرض منتجاتها من أعمال الديكور، فتجد إقبالا من العملاء عليها، حجز مسبق وطلبات لقطع تحمل طابع شخصي، كانت حريصة أن تضع فيها لمسة جمالية تجعل من يراها يدرك أنها صنعت له وحده وبحب، وكأن فيها جزء من روحه.
إزالة فقرتين
قبل عامين كانت حياة "دعاء إبراهيم" في السويس هادئة، أم لأربعة أطفال أكبرهم بالصف الأول الإعدادي، وأصغرهم رضيع لم يتم عامه الأول بعد، تتعرض لحادث سقوط، "بعد الحادث كنت محتاجه اعمل عملية، اشيل فقرتين من العمود الفقري"، تحكي عن طبيعة العملية التي خضعت لها في سبتمبر 2022.
حقن جذور الأعصاب
بعد العملية تعافت الأم، وعادت للحركة على قدميها مرة أخرى، لكن بألم شديد مصاحب لكل خطوة سواء كانت مشي أو صعود الدرج، ألم كان أشد وطأة مما كانت تعانيه قبل إزالة الفقرات.
وتقول دعاء لـ"مصراوي": "اضطريت اعمل عملية تانية دون تدخل جراحي، حقن جذور الأعصاب وإجراء تردد حراري".
يجرى أطباء العظام تلك العمليات لقتل الألم، لكن خطأ طبي ارتكبه الطبيب جعلها تودع الحركة وتفقد الإحساس بقدميها وتقضي حياتها على كرسي متحرك.
ألوان باهتة
ضاقت الدنيا في عيني دعاء وبهتت كل ألوانها، لم تعد ترى قيمة للحياة، عاجزة حتى عن تلبية احتياجات طفلها الرضيع، دموعها تسبق بكاءه، انهيار نفسي وسقوط لا نجاة منه إلا بالإيمان والأمل.
هنا كان دور "هيثم أحمد"، الزوج والأب لأربعة أطفال وأمهم التي كانت بمثابة ابنته "البكرية"، استطاع أن يعيدها إلى الطريق مرة أخرى بعدما شتتها الحزن والألم على فقدان الحركة والاحتياج والاعتياد على استخدام كرسي متحرك.
لست أقل منهم
"أنتِ مؤمنة والله لا يبتلى إلا لحكمة لا نعلمها، ولست أقل ممكن يتحرك ويعيش وينجز ويحقق آمال وطموحات وهو على كرسي متحرك".. تخبرنا دعاء بما كان يقوله زوجها، ذكرها بأيام تعلمت فيها أشغال "الهاند ميد" وكيف كانت تبدع فيها بصناعة الحلي والإكسسوار من الخرز، بحثت "دعاء" عن وسيلة للعودة إلى ذلك المجال الذي يشهد تطورا مستمرا، حتى وجدت ضالتها في الريزين.
باب العودة
الريزين مادة كيميائية سائلة شفافة، أشهر أنواعه وأكثرها شيوعا في مجال الديكورات والإكسسوار الريزين الأيبوكسي، وعند خلطه بمادة المصلب، وصبه في قوالب يأخذ شكلها، بمظهر زجاجي عالي الشفافية لكنه قوي ويصعب كسره، وجدت دعاء ضالتها في تلك المادة رغم صعوبة التعامل معها في البداية وضرورة اتباع إجراءات للسلامة حتى لا تتضرر من المواد الكيميائية والأبخرة الناتجة عن التفاعل.
تجربة
اشتري "هيثم" الخامات والقوالب السيلكون لتستخدمها "دعاء" في صب الريزين، كان ذلك على سبيل التجربة، لكنه انبهر عندما رأى النتيجة وصنع يديها، كل قطعة تحمل قدرا من الفن وطابع شخصي.
بين الألوان والأشكال
رغم حالة "دعاء" الصحية، إلا أن تشجيع زوجها "هيثم" أنساها ما ألم بها، قاومت وتحملت تجلس أرضا بين الألوان والخامات وقوالب الأشكال، تخلط مادة الريزين بالمُصلب وفق نسب تعرفها جيدا، سريعا ترتدي الماسك الطبي، لتقي نفسها أدخنة تفاعل المواد، تضع حروف لتكون أسم، وأشكال لامعة منفذة بطباعة الفينيل، تضيف جزء صغيرا يحمل ذكرى وحياة سابقة في القالب، وبعد ساعات تخرج تحفة فنية قيمتها المعنوية كبيرة لصانعها وأكبر لمن صنعتها من أجله.
ميداليات
تقول "دعاء"، إن أول قطعة نفذتها بالريزين كانت ميدالية على شكل حرف، ثم اشترت قوالب مختلفة الأشكال، أعلنت عن مشغولاتها، فوجدت إقبال عليها، ثم توالت عليها الطلبات الخاصة، مثل حفظ ورد مجفف في قالب ريزين، أو صورة بعد معالجتها، خطابات قديمة، وقطعة معدنية محفور عليها.
حبل سري واختبار حمل
وكان أكثر الأشياء غرابة طلب منها زبائنها حفظها في شكل قالب هي مشبك حبل سري جف وانفصل عن الرضيع، واختبار حمل ومعهم أول صورة للطفل خماسية الأبعاد قبل أن يتم عمره الرحمي في بطن أمه.
أعمال "دعاء" الفنية وصلت إلى الخارج، تلقت طلبات خاصة من مصريين مقيمين في فرنسا وفي تركيا، ورغم تنوع الأشكال والديكورات في تلك البلاد، إلا أن بصمة "دعاء" وجودة المنتج جعلهم يفضلون صنع يديها عن ما تنتجه المصانع والشركات.
فيديو قد يعجبك: