بابا نويل على أرصفة الزقازيق يشكو البرد.. يبحث عن الكريسماس (صور)
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
الشرقية - ياسمين عزت:
في أجواء شديدة البرودة قبيل ساعات من استقبال العام الجديد، جلس العم مصطفى العراقي، الرجل السبعيني، على أحد أرصفة مدينة الزقازيق، عارضًا بضاعته البسيطة من "الآراجوز" ودمى "بابا نويل".
لم يكن خروجه هذه المرة سعيًا فقط وراء الرزق. كان الرجل البالغ من العمر 76 عامًا يبحث عن بهجة في وجوه المحتفلين، تسعد قلبًا مرت عليه السنون بأيامها الثقال.
"الآراجوز ده شغلي وعيشتي"، قالها الرجل بابتسامة خافتة، في حديثه لـ مصراوي، بينما كانت يداه ترتعشان من البرد.
منذ سنوات طويلة، اختار العم مصطفى هذه الحرفة ليقتات منها. يُحضِّر عرائسه من أدوات بسيطة، ثم يجوب بها شوارع الشرقية والموالد الشعبية، يجمع بضعة جنيهات تكفي احتياجاته وتُدخل السرور على أسرته الصغيرة.
كما كل مرة، خرج من منزله في منطقة الحسينية، الواقعة بأطراف مدينة الزقازيق، قاطعًا مسافة طويلة إلى ميدان طلعت حرب بوسط المدينة. افترش الأرض ببضاعته في هذا الموقع الذي طالما شهد ازدحامًا بالأطفال وأسرهم خلال مواسم الأعياد، لكنه وجد نفسه وحيدًا وسط الشارع الذي خلا من الحركة المعتادة.. خلا من الحياة.
على الأرض، جلس العم مصطفى ليلته يحاول ترتيب بضاعته على عجل، متجاهلًا برودة الرصيف التي تسللت إلى عظامه. المارة قليلون، ونادرًا ما يلقي أحدهم نظرة على العرائس أو دمى "بابا نويل" البلاستيكية الصغيرة. بينما لا يزال هو محتفظًا ببهجته ينادي: "بابا نويل.. شجرة الكريسماس.. فرّحوا ولادكم!".
بين الحين والآخر، يقترب طفل ممسكًا بيد والدته. ينظر إلى العرائس بعينين واسعتين قبل أن تشده والدته سريعًا. كان العم مصطفى يبتسم بحب، رغم خيبة الأمل التي تخفيها عيناه. "زمان كانوا بيقفوا بالعشرات.. النهارده مفيش حد"، قالها بصوت يحمل حزنه.
في حديثه، أشار العم مصطفى إلى أيامه الماضية وكيف كان يسافر بين المحافظات ليبيع بضاعته. "اشتغلت في كل مكان.. الموالد، الشوارع، حتى الأفراح".
العمل بالنسبة ليس مجرد وسيلة لكسب المال، بل طريقة للعيش وسط الناس، لرؤية فرحتهم، ولإضفاء لمسة من السعادة على حياتهم.
هكذا كان الوضع لسنوات طوال حتى غابت الفرحة شيئًا فشيئًا بفعل الأزمات والضغوط التي لامسها العم مصطفى في ملامح الناس في الشارع. "مش عارف.. هل الناس خايفة من البرد؟ ولا مفيش فلوس؟!.. أسعار اللي بابيعه قليلة.. مش أسعار يعني.. بس واضح كده إن جيوب الناس ما عدش فيها حتى القليل اللي يكفي تمن اللي ببيعه".
"مهما حصل.. هنزل".
البقاء في المنزل عند العم مصطفى لا يعني سوى الوحدة، والوحدة موت في فلسفته.
"هفضل كده أنزل وأدور ع الدوشة.. الأهم.. أشوف الناس، وأكلمهم، ويكلموني"، هكذا ختم حديثه بابتسامة ودودة.
تركته عدسة مصراوي بينما بدأت الأضواء تتلاشى والبرد يشتد، وظل هو في مكانه جالسًا. ربما لن يبيع شيئًا اليوم، لكنه يأمل أن تحمل له الليالي القادمة دفئًا وفرحة وزحمة وبهجة.
فيديو قد يعجبك: