عاش رواج المهنة ورفض إغراءات اليونان.. حكاية عم عبدالله وفانوس الحنطور - فيديو وصور

البحيرة - أحمد نصرة:

مرتكزًا إلى جدار منزله المتهالك، جلس عم عبدالله في زاويته البسيطة، بإحدى أزقة مدينة دمنهور، منهمكًا في لحام أحد الفوانيس العتيقة المخصصة للحناطير، في خلفية المشهد ينطلق صوت سيدة الغناء العربي، صادرًا من هاتفه البسيط وهي تشدو بإحدى أغانيها لتضفي المزيد من عبق الماضي على المكان.

مهنة تراجعت رويدًا مع التناقص المطرد في عدد الحناطير، حتى كادت تندثر تمامًا، لولا حفاظ عم عبدالله عليها ليصبح الصانع الأخير لفانوس الحنطور في محافظة البحيرة.

يقول عبدالله 67 عامًا: " اتعلمت المهنة دي من وأنا طفل، زمان مكنتش بلاحق على الشغل، إنما دلوقتي البحيرة كلها مفيهاش غير 4 أو 5 حناطير، وبشتغل أكثر مع أصحاب الحناطير الإسكندرانية، إللي شغالين في السياحة".

" فيه ناس مفكرة فوانيس الحناطير كلها زي بعضها، وهو أي فانوس بيتحط وخلاص، لكن الحقيقة إن الفوانيس طرز مختلفة إنجليزي وايطالي وفرنساوي، حسب المكان اللي جاية منه، ومش أي حد كان بيعرف يصنع الطرز المختلفة" يوضح عم عبدالله بعض من تفاصيل مهنته العتيقة

ومع تراجع الطلب على فوانيس الحنطور اضطر عم عبدالله إلى البحث عن مجال جديد يرتزق منه، مستغلًا مهاراته في اللحام.

يقول عبدالله: " كل فين وفين لما حد بييجي يطلب فانوس حنطور، ومينفعش أقعد من غير شغل دلوقتي بقيت بعمل فوانيس رمضان، وبلحم التحف والمعادن".

ويستطرد عبدالله: " اللحام بالقصدير فن، ومش أي حد يتقال عليه صنايعي كويس، وإللي بيفرق واحد عن التاني هو الفينيش، فيه حد بيلحم وفي الآخر ميبانش إن فيه لحام، وواحد بيستخدم قصدير كتير أكتر من اللازم وتطلع الحاجة مشوهة".

ويكمل: "وأنا في شبابي جالي واحد يوناني عمل شغل عندي، ولما خلصت الشغل انبهر بيه، وقالي تعالى معايا اليونان هتشتغل في ورشة هناك وهتاخد أضعاف دخلك هنا، بس رفضت لأني مرتبط ببلدي هنا ومعرفش أبعد عنها".

و يواجه عبدالله مخاطرًا صحية في مهنته بسبب تعرضه لقدر كبير من الأدخنة الناجمة عن اللحام، يقول: " ساعات باخد النفس بالعافية، بس هعمل إيه، ده أكل عيشي ومينفعش بعد العمر ده كله أشتغل حاجة تانية".

ويختتم عم عبدالله حديثه قائلا: " كان نفسي ألاقي حد أعلمه المهنة دي، لكنها خلاص بتندثر، ومفيش غير عدد يتعد على الصوابع في مصر كلها إللي شغال فيها".