جريمة قبل مدفع الإفطار.. "علي" قتل بلدياته ودفنه في الرمال بالشرقية
الشرقية - إسلام عبدالخالق:
قبل سنوات ليست بالقليلة ارتحل "جمال" من مسقط رأسه في محافظة المنيا عروس الصعيد إلى مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية؛ حيث تقلد مهام الحراسة في بعض العقارات وإحدى المدارس الخاصة هناك بعدما حظى بثقة كبيرة خاصة أن الرجل عُرف بين الجميع بسيرة طيبة رغم ظروفه القاسية.
مرت السنوات و"جمال" يكد ويتعب في عمله حتى حفظ بإتقانه في عمله مكانة رفيعة في نفوس كل من يعرفه، لكن أتت الرياح التي تعود جذورها إلى مسقط رأسه مُحملةً بما لا يسر؛ بعد أن جاء من البلد إلى المدينة الصناعية "علي" الشاب المعروف بين أهل القرية هناك بأنه عاطل لا يقوى على صد نفسه عن السرقة، كما يحمل وجهه ملامح لا يجد من يراها راحةً نفسية تشير إلى أن ذاك الشاب من غير الممكن أن يكن طيبًا كحال "جمال".
تلقف الحارس الأمين "بلدياته" وراح يعطف عليه قدر ما أمكنه، بيد أن صنائع المعروف تلك لم تقي "جمال" مصارع السوء على يد من لا يصون جميلًا أو يحفظ معروفًا، وبدأ الأمر باختفاء الدراجة البخارية المملوكة لنجل الحارس، وتبعها الأخير بأن ذهب رفقة نجله المسروق إلى الشرطة يشكو سرقته، التي تبين فيما بعد أن وراءها "علي" العاطل الذي آواه الرجل وحاول الوقوف إلى جواره في مواقف عدة.
ولأن النفوس السيئة لا يأمن مكرها حتى أصحابها، تربص "علي" وراح يكيد ويُدبر الانتقام من "جمال" بعدما تسبب البلاغ في افتضاح أمره بين أهل بلدته الذين عرفوا حقيقته وكيف أنه قد خان كل معروف وسرق من صان رابط الجيرة بينه وبين أهلية الشاب في مسقط رأسهما.
عصر اليوم الأول من شهر رمضان الماضي، وبينما يهم قرص الشمس بمغادرة صفحة السماء في المنطقة التابعة لنطاق قسم شرطة أول العاشر من رمضان حيث يحرس "جمال" عقارًا هناك تحت الإنشاء، دخل "علي" إلى المكان خلسة متربصًا به، وهناك راح يُجهز أغراض جريمته من حبالٍ وعصا خشبية، فيما كانت تكملة المشهد من زاوية صاحب الفضل على المتهم في البداية أسرته البسيطة التي كانت تستعد بتجهيز وجبة الإفطار إيذانًا بعودة "جمال" إلى المنزل الذي كانت زوجته وابنتهما الطفلة ينتظرونه هناك رفقة ابنه الأكبر الذي حضر من عمله في سيناء لأجل تناول الإفطار ولم شمل الأسرة في أول أيام الشهر الفضيل، بيد أن رب الأسرة تأخر حتى بدأت مآذن المساجد تصدح بقرآن المغرب ومن بعده الأذان دون أن يعود على غير عادته.
داخل المنزل الذي كان يقوم على حراسته، وقبل مشهد الإفطار بنحو ساعتين، دلف "جمال" لكي يطمئن على الموجودات من مواد بناء وغيرها في مشوار بسيط قصده الرجل على أمل العودة سريعًا إلى منزله لكي ينعم بدفء أسرته ويلتقي ابنه الأكبر الغائب منذ أشهر في سيناء، بيد أن يد الغدر خرجت إليه من أحد جوانب العقار الذي يحرسه؛ إذ فوجيء بـ"علي" يهوى على رأسه بعصا خشبية (شومة) جلبها خصيصًا لكي ينهي حياته، وخلال لحظات أخذ جسد الحارس صاحب الأربعة وخمسون عامًا في التهاوي أرضًا وعيناه شاخصةً لا يُصدق أن نهاية معروفه ستقابل بذاك الشر وأنه سيُقتل على يد ابن بلدته الذي سبق وحذره الكثيرون أنه ليس بمن يصون جميلًا أومعروفًا.
نهاية "جمال" لم تتوقف عن حد الضربات المتتالية التي هشمت رأسه؛ بل طال الأمر مناطق حساسة وحبال قُيد بها قبل أن يتلقى ضرباٍ متتالية جديدة سبقت إقدام المتهم "علي" على حفر الأرض هناك ودفنه أسفل العقار الموجود في المجاورة السادسة بدائرة قسم شرطة أول العاشر من رمضان، قبل أن يسرق هاتفه المحمول وحافظة نقوده ويلوذ بالفرار لساعاتٍ تبعها قطع المسافة إلى صعيد مصر، وبالتحديد مركز مطاي في محافظة المنيا حيث ألقى رجال الأمن القبض عليه هناك وتم اقتياده إلى خلف القضبان ليلقى جزاءه.
القضية التي حملت رقم 11997 جنايات قسم شرطة أول العاشر من رمضان لسنة 2023، وقُيدت برقم 3332 كلي جنوب الزقازيق لسنة 2023، قررت فيها النيابة العامة إحالة المتهم "علي ر ص" 25 سنة، عاطل، إلى المحاكمة الجنائية في محكمة جنايات الزقازيق؛ على خلفية اتهامه بقتل المجني عليه "جمال ورداني محمد علي" 55 سنة، حارس عقار ومقيم في نطاق ودائرة قسم شرطة أول العاشر من رمضان.
النيابة العامة أسندت إلى المتهم قتل المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار، وذلك بأن بيت النية وعقد العزم المصمم على قتله بدافع الانتقام وما انعقدت عليه عزائمه، حيث توجه إلى المكان الذي تيقن تواجده فيه وما أن أبصره حتى انهال عليه بعدة ضربات استقرت برأسه مستخدمًا في ذلك أداة (عصا خشبية)، ومن ثم شد على حلقه وعصره مستخدمًا في ذلك قطعة قماشية قاصدًا قتله، فأحدث ما به من إصابات موصوفة بتقرير الصفة التشريحية، التي أودت بحياته، وتخلص منه بدفنه تحت الرمال داخل عقار تحت الإنشاء وسرق هاتفه المحمول ونقوده على النحو الوارد تفصيلًا في التحقيقات.
التحريات بينت أن المتهم قد قتل المجني عليه بدافع الانتقام؛ إذ سبق وسرق المتهم دراجة بخارية ملك المجني عليه وتم فضح أمره من قبل أهالي المنطقة الذين شاهدوا الواقعة، ما أدى إلى اشتياطه غضبًا بعد فضح أمره بين معارفه - المتهم من مسقط رأس المجني عليه في إحدى محافظات الصعيد - فتربص به بالعقار الذى يعمل به وما أن أبصره حتى قتله وقيده بالحبال وتخلص من جثته بدفنها أسفل عقار تحت الإنشاء على النحو المبين في التحقيقات.
وقبل ساعات، أسدلت المحكمة، برئاسة المستشار نسيم علي بيومي رئيس المحكمة، وعضوية المستشار أحمد سويلم محمد - رئيسًا بالمحكمة -، والمستشار سامي زين العابدين عيدة والمستشار شادي المهدي عبدالرحمن، وسكرتارية يامن محمود وإسلام محجوب، الستار على القضية بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا بعدما استطلعت هيئة المحكمة الرأي الشرعي في القضية من مفتي الجمهورية.
اقرأ أيضا
"قتلوه وألقوا جثته بخرابة".. تأجيل محاكمة المتهمين في قضية الطفل رضا بالمنوفية
قتلها في السحور.. شاب يطلق الرصاص على زوجته في قنا
لماذا قتل شاب بني مزار شقيقته؟
7 محاولات لإنعاش قلبه.. تطورات الحالة الصحية للاعب أحمد رفعت (صور)
فيديو قد يعجبك: