لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لا يقطف إلا بأيدي النساء.. زراعة الياسمين تنعش قرية محمد صلاح -صور

05:06 م الأحد 18 أغسطس 2024

الغربية - مروة شاهين:

قبل جنح الليل، تتحرك بعض النساء في قرية نجريج، يتلاقين عند مدخل القرية، يخرجن للعمل في وظيفة تجيدها بامتياز، تحتاج إلى أناملهن، يصلن حقل الزهور مع نزول قطرات الندى، تلك إشارة لبدء العمل، زهور الياسمين الأنثوية تأبي أن تفوح بعطرها إلا في الليل وفي حضور الندى، ولا تجود بالزيت العطري إلا على أيدي النساء.

هنا في قرية نجريج بمركز بسيون بمحافظة الغربية مسقط رأس اللاعب محمد صلاح، تغطي حقول الياسمين مساحات كبيرة، أشجار زادت زراعتها السنوات الماضية، تصطف في خطوط يفصل بينها ممرات للعبور، تنتج زهور تساهم بنحو 70% من إنتاج مصر من الزيت العطري الذي يُصدر للخارج.

تجاور الحقول على أطراف مركزي قطور وبسيون، طريق "بسيون- كفر الشيخ"، وبمستوى منخفض عنه، تهدي رائحتها التي تنقلها الريح لكل العابرين، يقودنا عبير الزهور إلى إحدى الحقول، لنلتقي بمن على أيديهن يقع الياسمين، هنا عصارة زيت بدونه لن يربح صناع العطور ولا راجت بضاعتهم.

للوصول إلى الحقل نلتزم بمنحدر غير مُعبد، تركت قطرت الندى آثارها عليه، قبل الفجر كانت النساء وبناتهن يعملن في قطف الزهور، ضوء القمر وحدة لا يكفي، لذا ترتدي كل منهن كشاف صغير مثبت على رأسها، الضوء يكفي لترى كفيها وما تجمعه، يتجولن في الممرات بين شجر الياسمين كأنهن فراشات مضيئة ترتاح زهور الياسمين برحيقها على كفوفهم.

"الورد بيفتح بالليل وقت الندى وبينزل فيه الزيت، في النهار مفيش ريحة للياسمين".. تحكي السيدة نرجس حسين بطبيعة الزهرة والسبب وراء العمل في الليل، تشير إلى ابنتها الصغيرة التي حضرت معها لمساعدتها في العمل.

تقول نرجس : "إن الندى يجعل الزهور تتفتح لتستقبل تلك القطرات، ثم تخرج رحيقها من الزيت العطري، وهو المادة الخام المطلوبة لصناعة العطور، أما السبب وراء أن العمل قاصر على النساء فهو إن تلك الزهور رقيقة لا تحتاج جهد أو خشونة الرجال، بل إلى أنامل تحسن قطافها، تجمع ما تحمله كفيها، ثم تنقله وعاء بلاستيك.

ابتعت النساء عادة أن يرتدين عباءات جلابيب تزينها الورد، ويصنعن أجواء مبهجة تخفف عنهن حر ليالي الصيف الرطبة، وطريق يمتد طوله 3 كيلو يقطعونه من القرية ذهابا وإيابا على أقدامهن، لا مجال هنا للتسابق، ذلك لا يليق بأيادي تقطف الياسمين كأنها تحمل عنه الندى، وهونا على زهرة تجود بزيت عطري وعبير يخطف الأنفاس ويعشقه الجميع.

بعد الجمع تنقل الزهور إلى قطعة كبيرة من القماش تغطي مساحة من الأرض، ينثرون الزهور لتنال نصيبا آخر من الندي، قطرات الماء القليلة تلك تحافظ على الرحيق والزيت حتى نقله إلى المصانع التي تتولى استخراج العصارة منه، لا يجب أن تلمسه المياه وإلا زبل وتحول بياضه إلى لون اسود وفسد رحيقها.

عمل النساء المنظم، تحكي عنه السيدة وفاء محمد ، تقول إن كل مجموعة من السيدات يتفقن مع صاحب الحقل، يتركه لهم ليجمعوا كل زهور الياسمين، وبيع المحصول أول بأول صباح كل يوم يقتسموا القيمة، لهن الثلثين، ولصاحب الحقل الثلث.

تضيف أن انتاج الحقل على أيدي بضع من النسوة يتراوح بين 6 إلى 7 كيلو كل ليلة، الأشجار كريمة بطبعها ولكنها تكره الطمع، الكمية ليست قليلة خاصة أن نسبة كبيرة منها هي زيت عطري خام.

تحصل كل سيدة وابنتها على مبلغ يقل عن 300 جنيه نظير عمل يمتد من 12 ليلا وحتى ظهور أشعة الشمس في الأفق، في ذلك التوقيت تغلق الزهور وتتوقف عن نثر عبيرها الساحر، ينقل صاحب الحقل الزهور إلى المصنع لتتحول إلى عجينة يخرج منها الزيت.

وفقا لبيانات الاتحاد الدولي لمصنعي العطور، تنتج مصر سنويا 6 أطنان من عجينة الياسمين، مصدر 70% من ذلك الإنتاج يخرج من محافظة الغربية وحدها وتحديدا من قرية شبرابلولة بمركز قطور التي تتميز بالعديد من مصانع استخلاص الزيوت من النباتات، ينتج كل طن من العجينة على الأقل نصف طن من زيت الياسمين الخام.

يعمل في زراعة وحصاد الياسمين نحو 50 ألف عامل بشكل مباشر وغير مباشر، توفر حقول الياسمين كل عام أكثر من 10 ملايين دولار، إذ تصدر كل انتاجها للخارج.

توسعت المزارع المحيطة بقرية شبرا بلولة وامتدت حتى وصلت لقرية نجريج التي أصبحت من أكثر قرى زراعة الياسمين، وينقل محصولها إلى مصانع الاستخلاص بقرية شبرا بلولة.

مع شروق الشمس حضر صاحب حقل الياسمين بقرية نجريح، يقول عبد الحميد سرحان،: " إن القرية أصبحت من أكبر القرى في زراعة الياسمين وتضاهي قرية شبرابلولة التي تبعد عنها حوالي 5 كيلو تقريبا، وتوفر مصدر للرزق للعديد من الأسر، سواء في الزراعة والتقليم، أو الحصاد على أيدي العاملات الماهرات.

وأضاف أن حصاد المحصول الأغلى يبدأ مع بداية فصل الصيف في شهر يونيو وينتهي في شهر ديسمبر.

وأوضح أن أفضل وقت لحصاد الياسمين في الفترة الزمنية بين منتصف الليل وحتى شروق الشمس، إذ ينقل المحصول بعد تجميعه وتوريده أول بأول إلى المصانع المخصصة لذلك.

وأكد الحاج سرحان، أن زراعة الياسمين أصبحت مجزية وتنتشر بمرور الوقت مع انتباه المزارعين إلى أهميته وتصديره للخارج، بجانب إنتاجية الفدان المرتفعة التي تصل إلى 5 سنوات.

ويصل عمر شجرة الياسمين، إلى 50 عاما، وبعد كل موسم حصاد يقلم المزارعين الأشجار وتقص الفروع، لتعود مرة أخرى في موسم الصيف لتنتج تلك الأزهار في الربيع برائحتها الذكية، وتحمل الرحيق والزيت العطري خلال أيام الصيف والخريف.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان