"رحل جسده وبقي نوره".. قصة شاب دفع حياته ثمنًا لإنارة قريته بالغربية

الغربية - مروة شاهين:

في ظلام الليل داخل طرقات قرية محلة مسير بمركز قطور بمحافظة الغربية، حرص الشاب حازم علي شراء كشافات وأدوات إنارة الطرق، وخرج يجوب شوارع القرية، حاملا على كتفه سلم خشبي، يساعده على تسلق أعمدة الإنارة من أجل إصلاحها وتغيير التالف منها، ليعيد النور مرة أخرى إلى دروب القرية، لم يمهله القدر أن يشاهد كيف أعاد الحياة مرة أخرى للشوارع المظلمة، ليقضي نحبه ويسقط أسفل أحد أعمدة الإنارة جثة هامدة، إثر تعرضه لصعق كهربائي.

"كان نموذجا يحتذى به في العطاء والتضحية".. بهذه الكلمات بدأ أبو اليزيد إسماعيل أحد الأهالي، حديثه عن المتوفى ويدعى حازم أبو زيد، ويبلغ من العمر 24 عاما، ويعمل كهربائي، مقيم بقرية محلة مسير التابعة لمركز ومدينة قطور، بمحافظة الغربية، ودائما ما كان يحرص على المشاركة المجتمعية، وأعمال الخير بالقرية.

وأضاف أن الشاب المتوفي كان يعمل بيده على إنارة طرقات قريته "محلة مسير" التابعة لمركز قطور، بدلا من الظلام الدامس، وذلك دون انتظار أي مقابل، بجانب أنه كان يتمتع بسيرة حسنة وسمعة طيبة وسط الأهالي، كونه شخصية اجتماعية خفيفة الظل.

قبل موته بساعة، قال حازم بتصميم "لازم نعمل صيانة الصبح للمقابر"، يقول محمد أبو ريه، أحد أهالي القرية، راويا الموقف الأخير للشاب المتوفى، وكيف كان حريصا على إنارة المقابر أيضا، وعمل صيانة لها، وبعد أن اعترض أحد الشباب محاولا تأخير الموعد "طيب خلينا للعصر يا حازم" ولكنه لم يجد من حازم إلا إصرارا "هانورها يعنى هانورها"، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة ليلتها قبل أن يكمل ما عزم عليه.

مضيفا أنه جرى تشييع الجثمان في وقت متأخر من الليل، وأداء صلاة الجنازة عليه، ودفنه في مسقط رأسه، وسط حالة من الصدمة والحزن الشديد سيطرت على الأهالي، واكتست السيدات بالسواد حزنا على وفاته.

تعود أحداث الواقعة بعد أن تلقت الأجهزة الأمنية بالغربية، إخطارا من مأمور مركز شرطة قطور يفيد، بورود بلاغ من الأهالي بقرية محلة مسير، يفيد بوفاة كهربائي صعقا من أعلى أعمدة الكهرباء، بذات الناحية.

انتقلت قوة أمنية من المباحث الجنائية، وسيارة إسعاف إلى محل الواقعة وتبين من التحريات والمعاينة الأولية، وفاة شاب يدعى "حازم محمد" في العقد الثالث من العمر، صعقا بالكهرباء أثناء تغير لمبة أحد أعمدة الإنارة، مما دفعه للسقوط أرضا، وتم نقله إلى المستشفى في محاولة لإنقاذه، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة.