لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"عزة".. حكاية أم مكلومة فقدت أربعة أبناء وأصبحت عائلًا لـ9 أحفاد -صور

11:04 ص الإثنين 16 سبتمبر 2024

محافظات- مروة شاهين:

تمر بضائقة مالية أو تشعر بألم في أطرافك.. ترتفع حرارة طفلك فتظن أنك مبتلى، دعني أحدثك عن معنى الابتلاء، نظرتك عن معنى الصبر ستتغير حين تعرف قصة "عزة" تلك السيدة فقدت أربعة من أبنائها خلال بضعة سنوات، اثنان من هؤلاء الأبناء ماتا فى حادث قطاري الزقازيق الذى وقع منذ يومين، لتتولى السيدة البسيطة مسئولية رعاية 9 أطفال أيتام هم أحفادها، بعدما رحل آباؤهم وأمهاتهم.

عزة.. أو "أم السيد" كما يعرفها أهل سوق "التلات" بالزقازيق، بائعة بسيطة، تجمعت عليها الابتلاءات فرادى وتباعا، توفي زوجها.. بائع كان يعمل بجوارها في السوق، فصبرت ورأت في ولديها "السيد" و"أحمد" ما يشد عضدها، كانا رفقاء بها رغم ضيق الحال، إذ كانا يعملان أيضا في نفس السوق على فرش بسيط، بالكاد يوفر ربح البيع ما يسد رمق الأطفال، لكنهما في أعين الناس كانا أغنياء بالتعفف.

لم يدم الحال، ابتلاء جديد ضرب أركان بيت "عزة" بوفاة "السيد" و"أحمد"، لا حيلة في الموت، صبر جميل زاده قبول قضاء الله وقدره، رحل الولدين وتركا 3 أطفال تتولى الأم رعايتهم، لا شيء يؤرقها سوى سؤالهم المتكرر عن أبويهم، لا يصمت الأطفال حينما تخبرهم أن والدهم "عند ربنا" بل يفتح ذلك باب من التساؤلات لا تستطيع رد نصفها، ربما كان ذلك ما يشق على عزة من أحفادها، فلم يضنيها ضيق العيش ولا قلة المال، بقدر حرصها على رعاية الأطفال الثلاث.

قبل سنوات تزوجت "شيماء" و"هبة" من شابين بائعين متجولين في الإسماعيلية، انتقلتا سويا للعيش في مدينة التل الكبير حيث يعمل الزوجان في سوق المدينة، رغم المسافة بين الزقازيق والتل الكبير إلا أن تكاليف الانتقال بعربات قطار الدرجة الثالث قليل نسبيا، رفقة الأختين كانت تهون عليهن المسافة في طريق الذهاب إلى والدتهم لمساعدتها في البيع بالسوق، كانتا حريصتين على أن يرافقهن أطفالهن لرؤية جدتهم المسؤولة وحدها عن رعاية الأيتام الثلاث أطفال السيد وأحمد.

ينفض السوق مبكرا يوم السبت، عادت الأم وابنتيها "شيماء" و"هبة" إلى منزلها الصغير بمنطقة الإمام الشافعي بالزقازيق، خلف مقابر المبرز التي تمر عليها الأم كل يوم في طريقها لعملها تقرأ الفاتحة على أرواح الراقدين في سلام، وتدعو لهم بالرحمة، لم تعلم حينها إن دعواتها لـ "السيد" و"أحمد" ستتسع لتشمل ابنتيها أيضا.

غادرت ابنتا "عزة" عائدات إلى الإسماعيلية بعدما تناولا وجبة الغداء التي أحضرتها، و استقلتا من محطة القطار القريبة من المنزل قطار "الزقازيق- التل الكبير"، كانت عزة تنوي الخروج مساء لتشتري للأحفاد الثلاث مستلزمات المدارس، لكنها فوجئت بمن يطرق بابها ويخبرها بحادث تصادم القطار الذي تستقله ابنتيها بقطار آخر قرب منزلها.

هرعت "أم السيد" إلى مكان الحادث الذي وصفه لها أحد الجيران، يدفعها أمل زائف أن تجد ابنتيها وأحفادها بخير بين الناجيين، وقفت بين الأهالي الذين تجمعوا لمساعدة رجال الإسعاف وفرق الإنقاذ في البحث عن الضحايا داخل القطارين، لم يمهلها أحد المسعفين وقتا لتستوعب الصدمة التي حلت بها، يخبرها أنهم نقلوا جميع الضحايا للمستشفيات واخلوا القطاريين من جميع الركاب .. " ادور فين على بناتي " ليرد أحد المسعفين" شوفيهم في مستشفى الجامعة ياحاجة".

وصلت إلى باب مستشفى الزقازيق الجامعي عند مدخل قسم الطوارئ الفوضى تقود المشهد، زحام بين الأهالي على كثرتهم حضروا للتبرع بالدم لكثرة أعداد المصابين، وارتباك الفريق الطبي إثر وصول أكثر من 30 حالة مصابة جراء الحادث، وأهالي الضحايا يبحثون عن ذويهم.

تلتقط آذان السيدة الخمسينية عزة كلمات المارة وتسأل "محدش شاف بناتي يا ولاد .. بناتي كانوا في القطر ".. وبعد البحث الطويل لم تعثر عليهم، أرشدها أحد الأطباء بالبحث في مستشفى الأحرار التي تقع بالقرب من المستشفى الجامعي، حيث استقبلت حوالي 17 حالة مصابة.

وبعد ساعة ونصف من البحث لم تكل تتبع ذلك الأمل الذي تتشبث به عسى أن ترى شيماء وهبة بين المصابين، كانت إدارة المستشفى انتهت من حصر أسماء الضحايا والمصابين الذين تم استقبالهم، تخبر أحد الشباب بأسماء ابنتيها، تسأله النظر في قائمة المصابين.

يخطئ الشاب، أو ربما تعجل فيبحث عن الأسماء في كشف الضحايا لا الناجين، يقرأ الشاب أسماء البنتين ثلاثيا ثم حفيدتها "وعد"، لم تصدق، تكرر سؤال غيره عله أخطأ، فيؤكد الآخر صدق ما سمعت، "شيماء" و"هبة"، ووعد لحقوا بالسيد وأحمد.

فقدت الأم والجدة الشعور بقدميها اتكأت على الحائط، ثم هوت أرضا، صيحات ونواح ونداء على من رحلن، ترتفع صرخات تذكر الخمسة الذين رحلوا ووالدهم، كأن شريط الذكريات الأسود يضرب العقل والقلب سويا، تسأل الله الرحمة والمغفرة لهم، تذكر أحفادها التسعة بالأسم تسأل من لها ولهم بعد رحيل الأبناء.

في جنازة تليق بمقدار مصاب عزة ودع أهالي الزقازيق جثامين الضحايا الثلاث في حادث القطار إلى مثواهم الأخير، شيماء و هبة وابنتها وعد، يدعون لهم ولها بالرحمة ولهم بالمغفرة، يسألون الله أن بفرغ عليها صبرا ويثبتها أمام تلك المسؤولية، هي ترعى 3 أطفال أبناء السيد وأحمد سيكون معهم 5 آخرين أبناء شيماء وطفل آخر ابن هبة وأغلبهم بمراحل التعليم المختلفة.

كانت محطة الزقازيق، شهدت مساء السبت الماضي حادث تصادم بين قطار (281) ركاب المتجه من الزقازيق ـ الإسماعيلية، وقطار ركاب (336) المتجه من المنصورة ـ الزقازيق، نتج عنه 4 وفيات 3 من أسرة واحدة ومسن، فيما أصيب 49 مصابًا آخرين، وتماثلت 30 حالة الشفاء من المصابين في مستشفيات جامعة الزقازيق، والأحرار، وفق ما أكدته وزارة الصحة في بيان رسمي فإن 44 من المصابين مستقرة، بينما 5 حالات آخرين غير مستقرة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان