هل يتولي ''الأجنبي'' منصب شيخ الأزهر؟
تقرير - محمد أبو ليلة:
أثارت تصريحات المستشار محمود الخضيري - نائب رئيس محكمة النقض الأسبق - جدلا في الآونة الأخيرة؛ حيث صرح خلال ندوة نظمها الصالون السياسي لنادي أعضاء هيئة التدريس، بالإسكندرية السبت الماضي، أنه لابد من تشكيل هيئة لكبار علماء على مستوى العالم الإسلامي ككل، تكون خاصة بشئون الأزهر الشريف ولا تقتصر على مشايخ من مصر فقط بالمذاهب المختلفة.
وأضاف في تلك الندوة أن هذه الهيئة سيكون لها حق انتخاب شيخ الأزهر الذي قد يكون من أي دولة إسلامية أخرى ولا يشترط أن يكون من مصر، علي حد قوله، وقد أوضح أن ذلك من شأنه أن يدعم الإسلام الوسطى وينهى ظاهرة التطرف بالعالم الإسلامي.
هذه العبارة التي قالها الخضيري بخصوص انتخاب شيخ الأزهر، لم تمر مرور الكرام علي البعض؛ حيث اعتبروها تدخلا في شئون مصر الداخلية، آخذين في الاعتبار المكانة التي تتمتع بها مصر بين دول العالم الإسلامي بفضل الأزهر الشريف.
لكن بغض النظر عن رفض أو موافقة البعض لتصريحات الخضيري، فالحديث يكمن حول مدي قانونية أن يصبح شيخ الأزهر من خارج مصر، خصوصا أن هذا المنصب ظل بالتعيين لسنوات طويلة ماضية، وهل هناك لوائح تنص علي انتخاب شيخ أزهر من خارج مصر أم لا ؟.
التأسيسية حائرة
لا تزال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور تناقش المواد المتعلقة بالأزهر الشريف حتى الآن، فالمادة 4 من باب المقومات الأساسية للدولة (أحد أبواب الدستور الجديد) والتي لا تزال الجمعية التأسيسية تناقشها، تنص علي أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة، مقرها القاهرة، ومجالها العالم الإسلامي، والعالم كله، تختص بالقيام على كافة شئونها، وتكفل الدولة الإعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضها ويكفل القانون ذلك، ويكون رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف هو المرجعية.
لكن الخلاف حول هذه المادة يكمن في مصطلحات بسيطة، لا تتعلق بانتخاب شيخ الأزهر من عدمه، وحينما تنتهي اللجنة من كتابة هذه المادة، ستعطي للقانون الصلاحيات التي تنظم علمية انتخاب شيخ الأزهر، وهذا القانون من المرجح أن يتم إقراراه بعد انتخاب برلمان جديد.
قانون الأزهر الجديد
نص القانون التي اقترحته مشيخة الأزهر في شهر يناير الماضي على معاملة شيخ الأزهر معاملة رئيس الوزراء في جميع الامتيازات، وينص القانون على انتخاب شيخ الأزهر من بين ثلاثة بالاقتراع السري تختارهم هيئة كبار العلماء.
كما اقترحت المشيخة أن تنتهي مدة خدمة شيخ الأزهر عند بلوغه الثمانين من عمره، بالإضافة إلى استقلالية المؤسسة الدينية عن الدولة في الوقت التي تكفل له الدولة الإمكانيات المادية لممارسة دوره.
وضعت المادة 5 من هذا القانون (الذي يعتبر قيد التنفيذ، في انتظار إقراره من مجلس الشعب القادم) شروط عدة، لابد أن تتوافر في شيخ الأزهر، أهما أن يكون مصريا من أبوين مصريين مسلمين وألا يكون قد اكتسب جنسية أي دولة أخري في أي وقت من الأوقات.
كما نصت المادة علي أن تختار هيئة كبار العلماء لهذا المنصب ثلاثة من بين أعضائها الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة بشأن شيخ الأزهر وذلك عن طريق الاقتراع السري في جلسة سرية يحضرها ثلثا عدد أعضائها ،ثم تنتخب الهيئة شيخ الأزهر من بين المرشحين الثلاثة في ذات الجلسة بطريق الاقتراع السري المباشر و يصبح شيخا للأزهر إذا حصل على الأغلبية المطلقة لعدد أصوات الحاضرين.
تاريخيا "شيخ الأزهر" مصري
في القرن السادس عشر الميلادي، وتحديدا في عصر الدولة العثمانية تم إنشاء منصب شيخ الأزهر ليتولى رئاسة علمائه، ويشرف على شئونه الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام داخل الأزهر، ومنذ ذلك التاريخ لم يتولى مشيخة الأزهر شخص "غير مصري".
فيما أضاف الدكتور أحمد عمر هاشم - أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر - أنه لم يحدث علي مر التاريخ أن تولي منصب شيخ الأزهر شخص "غير مصري"، مضيفا "رأيي أن يعين شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء، التي تتكون من علماء مصريين، وأفضل أن يصبح شيخ الأزهر مصري، ولا يوجد قانون أو لائحة تمنع أن يكون شيخ الأزهر غير مصري، وننتظر حتي انعقاد مجلس الشعب القادم ومناقشة ذلك".
"ناظر" الأزهر كان أجنبي
تقول المراجع التاريخية أنه منذ إنشاء الأزهر الشريف في القرن الرابع الهجري والقرن العاشر الميلادي كان النظام المتبع أن ينتخب من بين كبار العلماء "ناظر" يشرف على شئونه، وظل هذا النظام متبع حتى القرن السادس عشر الميلادي أبان حكم العثمانيين مصر.
كما قال الدكتور منصور الحفناوي - رئيس قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر - أنه قديما كان هناك مجلس أعلي للأزهر وهيئة كبار العلماء وكان يتم تشكيلهم من مختلف الدول الإسلامية وهذه الهيئة هي التي يتم انتخاب شيخ أو ناظر للأزهر .
وأضاف الحفناوي: "لذلك جاء في بعض الفترات أن شيخ الأزهر كان غير مصري، ولكن كان دوره مقتصر علي الأمور المتصلة بالمسجد فقط وليس له أي دخل في شئون التدريس أو جامعة الأزهر والمدارس الأزهرية، أما الآن فشيخ الأزهر هو المسئول عن كل شيء في الأزهر بما في ذلك التدريس".
واختتم "الحفناوي" حديثه قائلاً:" ما ينفعش نجيب واحد غير مصري يصبح شيخ أزهر ويكون مسئول عن المعاهد الدينية وكل الشئون الخاصة بالأزهر، ولكن هيئة كبار العلماء المشكلة حديثا كلها من مصر، كما أن قانون الذي عرضه الأزهر في يناير الماضي، كان ينص علي أن يصبح شيخ الأزهر مصري من أبوين مصريين".
فيديو قد يعجبك: