بالصور ..كفر طهرمس.. عندما تتحول الأشجار إلى أعمدة خرسانية

تقرير- نادر هشام ومحمد عبد الحليم:

 كفر طهرمس... ارتبطت كلمة '' كفر'' فى أذهان المصريين بمساحات واسعة من الأراضى الزراعية، تتخللها مسطحات مائية، ومزارع لتربية الحيوانات والدواجن، وكان هذا هو الحال فى ''طهرمس'' إلى أن امتدت أيادى ملاك الأراضى الزراعية وقاموا بالتعدى عليها وتبويرها، ومن ثم البناء عليها بدون تراخيص... وبدون مرافق... فى محاولة منهم لفرض واقع على حى بولاق الدكرور التابع لمحافظة الجيزة، فيرخص لهم بعد البناء ويضطر لإدخال المرافق إليهم، فأصبح مكان كل شجرة عمودًا خرسانيًّا حاملاً لأسقف وأدوار بدلاً من حمل الشجرة لأوراق وأزهار.

 انتقل فريق ''مصراوى'' إلى ''كفر طهرمس'' فى إطار جولاته للمناطق العشوائية فى القاهرة الكبرى، والتقى بعدد من أهالى المنطقة.

 في البداية أوضح الحاج محمد عبد الله- صاحب برج فى شارع الريحان-، أن الكل يستسهل هنا المخالفة فى المبانى أو البناء بدون ترخيص، ويعتمدون على استعمال نظام الممارسة فى الكهرباء، ثم يقومون بدفع 5 آلاف جنيه عن الشقة المخالفة فيدخل فيها عداد الكهرباء، وبمجرد صدور وصل باسم مالك الشقة، فأصبح وضعه قانونيًّا ولا يحتاج لترخيص أو مصالحة مع الحى.

 وتقول السيدة نورا ''48 عامًا''- والتى يوجد منزلها فى شارع خاتم المرسلين- أنهم قاموا بالبناء على الأراضى الزراعية نتيجة عدم وجود مسكن لهم، وكذلك فعل الكثيرين من أهالى المنطقة، ولكنها تشكى من سوء المرافق فالصرف الصحى قاموا بتوصيله بالجهود الذاتية، والمياه تأتى إليهم من خلال الطرومبات، والكهرباء يدفعونها بنظام الممارسة 440 جنيهًا كل ثلاثة أشهر، وتشتكى من أكوام القمامة ومخلفات البناء التى تتكدس فى الطرقات، وتقول: '' نريد أن نعيش فى مكان نظيف به مرافق''، مؤكدة على أنهم قاموا بعقد مصالحة مع الحى ودفعوا 6 آلاف جنيهًا مقابل تقنين أوضاعهم.

 أما الشيخ عبد النبى عبد العزيز- صاحب مسجد العزيز بالله التابع للجمعية الشرعية-، فيطالب شركة الكهرباء بأن تقوم بتركيب عدادات لأن نظام الممارسة يكلفهم الكثير، وعند سؤاله عن المبلغ الذى يتم دفعه كممارسة لكهرباء المسجد والذى يوجد به عدة تكيفات، فأكد على أن المسجد لا يدفع له أى شئ، والكهرباء الداخلة إليه مسروقة.

ويوضح أحمد صبرى حسين- أحد سكان شارع خلف المساكن- أن شركة الكهرباء جاءت وعملت على تقوية الخطوط لازدياد الضغط عليها نتيجة المبانى الجديدة، ولكنها رفضت أن تقوم بعمل عدادات لهم.

وبرر صاحب محل الوليد للرخام والجرانيت ما يفعله الأهالى من انتهاك واضح للأراضى الزراعية بأنهم يعلمون أن المنطقة ستدخل كردون المبانى قريبًا فلذلك قاموا بالبناء، وأكد على موظفين المرافق يعلمون أنهم يسرقون المياه ويتغاضون عن ذلك لأن بعض الذين يبنون ليهم معارف فى شركات المياه والكهرباء، واستشهد بواقعة حدثت منذ أيام عندما كان الأهالى يحفرون الأرض من أجل الوصول إلى ماسورة المياه الرئيسية لتوصيل وصلات فرعية لهم فلم يجدوها، فمرت سيارة تابعة لشركة المياه وأبلغتهم عن المكان الصحيح وغادرت.

وعند سؤاله عن عملية البيع والشراء فى المنطقة، فأكد على أن هناك الكثير من الشباب الذى يريد أن يتزوج ووجود شقق بمثل هذه الأسعار- حتى وإن كانت مخالفة والمرافق بها غير جيدة- فإنها فرصة لهم.

وأثناء جولة فريق ''مصراوى'' لاحظ أنه على امتداد  الطريق الدائرى يوجد الكثير من الأبراج التى توجد عليها إعلانات كبيرة الحجم عن شقق للبيع، وبالرغم من أنها مخالفة، إلا أنه لا أحدًا من المسؤولين فى الحى أو المحافظة تحرك أو وضع تحذيرًا لمن يأتون لشرائها.

وبالرغم من تعهد حكومة الدكتور هشام قنديل بعدم توصيل المرافق إلى البيوت التى بنيت على الأراضى الزراعية، إلا أن المرافق تصل إليهم عن طريق السرقات، وبتستر واضح من مفتشى الحى ووزارتى الزراعة ، وتغض وزارة المرافق الطرف نهائيًّا عن سرقة المياه، على عكس وزارة الكهرباء التى تحاول استغلال الموقف بفرض نظام الممارسة وتحصيل مبالغ كبيرة من المخالفين ، وهذا ما أكده لنا سكان المنطقة فى نهاية جولتنا.