قصر الاتحادية من السلمية إلى دوائر العنف
كتبت – مي حليم :
جاء وصف مؤسسة الرئاسة لحصار التيارات الإسلامية للمحكمة الدستورية العليا بالتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، ورد فعل الداخلية المتراخي على منع القضاة من دخول المحكمة وممارسة عملهم بها، دافعا لاستكمال مسلسل حصار المؤسسسات واستخدام سياسة الضغط في المجتمع المصري لتحقيق المطالب وتغيير القرارات.
تغيرت على أثر تلك الردود وهذه الأفعال التي تم استنكارها محليا ودوليا بوصلة معارضي الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي في 22 نوفمبر 2012 من التظاهر بميدان التحرير إلى الاعتصام والتظاهر أمام الاتحادية ؛ لإثناء الرئيس عن قراره إضافة للتراجع عن عرض مشروع الدستور للاستفتاء، لينضم قصر الرئاسة لقائمة المؤسسات التي تم محاصرتها في 2012.
نظام الحكم وحصار القصر
لم يرى النظام الحاكم التظاهر السلمي للمعارضين أمام قصر الرئاسة بنفس العين التي رأى بها من قبل حصارمؤيديه من جماعة الإخوان المسلمين لمقر المحكمة الدستورية العليا بأنه أمر (عادي) وحق يكفله الدستور والقانون للمواطنين ولكنه حصر الرؤية في كيفية التخلص من هذا الحصار بأي وسيلة تبعد عن التراجع عن قراره على الرغم من النداءات المتكررة من عقلاء المجتمع المصري للرئيس مرسي بضرورة التراجع واللجوء للحوار، وضرب الأمثلة بعدول الرئيس عبد الناصر والسادات عن قرارات عام 1956 و1977 نزولا على رغبة المعارضة وخوفا على المجتمع من التمزق.
لم يلتفت النظام الحاكم للعواقب التي من الممكن أن تترتب على تجاهل المعتصمين أمام القصر كما لم يأخذ ردود الفعل الدولية واستقالة مساعديه ومستشاريه من مؤسسة الرئاسة اعتراضا على إصدار الإعلان الدستوري الذي تسبب في هذا الحصار واشتعال الأوضاع عين الاعتبار، مستخدما نفس الطريقة التي لجأ لها نظام مبارك في موقعة الجمل للتخلص من الثورة مما أدى لاندلاع (أحداث الاتحادية ) الدامية في شهر محرم من السنة الهجرية، وديسمبر من عام 2012، والتي راح ضحيتها خمسة قتلى من بينهم الحسينى أبو ضيف (مصور جريدة الفجر) من صفوف المعتصمين و644مصاب .
توابع الحصار
وعلى الرغم من تنوع ردود الأفعال والتداعيات المستنكرة التي أعقبت أحداث الاتحادية الدامية على كافة الأصعدة المحلية والدولية باختلاف طرق التعبيرعنها إلا أنها جميعا أكدت أن نظام مرسي بقراراته المتضاربة المتعنتة قد أخرج الثورة من مسارها السلمي وانجرف بها إلى دوامات العنف والانقسام والحرب الأهلية ،وأن سياسة فرض الرأي والأمر الواقع التي يستخدمها سوف تؤدي للإطاحة به من الحكم يوما من الأيام .
ولعل أهم ردود الأفعال التي دعمت هذا الرأي كانت مجلة ''إيكونوميست'' البريطانية والتي قالت:'' أن مصر الدولة الأكبر من حيث عدد السكان والأثقل سياسيًا في الشرق الأوسط أصبحت على شفا حرب أهلية طويلة وأن انحدارها إلى الديكتاتورية المقنعة ليس بالبعيد عن تلك التي تمت الإطاحة بها، ولكن هذه المرة بزي إسلامي''.
كما ظهر دعما آخر لهذا الرأي محليا في كلمت للروائي بهاء طاهر حين قال:'' إن مرسى يخوض حرباً ضد الشعب واصفا المشهد حول قصر الإتحادية بأنة مشهد مرعب ومخيف ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل هذا البلد مادام العنصر المتحكم فيه يتخذ من العنف والقتل منهجاً ، مؤكدا أن العنف يبدأ بالكلام ''.
أما أهم التداعيات التي جسدت نموذجا واقعيا لإرهاصات الحروب الأهلية بالبلاد كانت محاولة القوى الثورية بمدينة المحلة إغلاق مجلس المدينة وتشكيل مجلس لإنقاذ الثورة واعلان استقلالهم عن باقي الجمهورية إلا أن تلك المحاولة قد تحولت من النار المشتعلة إلى رماد أسفلها تحت ضغط الحرص على مصلحة الوطن، إلا أن احتمال تكرارها في ظل النظام الحالي لازال قائما .
فيديو قد يعجبك: