بالصور .. بحيرة عين الصيرة تغرق فى الصرف الصحى
تقرير - سوزان حسنى:
تصوير - إسلام الشرنوبي:
اشتهرت مصر بين دول العالم بمياهها المعدنية والكبريتية وجوها الجاف الخالى من الرطوبة وماتحتويه تربتها من رمال وطمى صالح لعلاج الأمراض العديدة، كما تتعدد شواطئها ومياه بحارها بما لها من خواص طبيعية مميزة.
وانتشرت فى مصر العيون الكبريتية والمعدنية التى تمتاز بتركيبها الكيميائى الفريد، والذى يفوق فى نسبته جميع العيون الكبريتية والمعدنية فى العالم، علاوة على توافر الطمى فى برك هذه العيون الكبريتية بما له من خواص علاجية تشفى العديد من أمراض العظام وأمراض الجهاز الهضمى والجهاز التنفسى والأمراض الجلدية وغيرها.
فعلى مقربة من المشروعات الثقافية التى تشرف عليها منظمة اليونسكو، ومقابر البساتين تقع بحيرة عين الصيرة على مساحة 30 فدان بمصر القديمة،والتى ظهرت إثر حدوث زلزال 1926 ، و اشتهرت بمياهها النقية الطبيعية التي تندفع من جوف الأرض، لتكون الشفاء من كل داء والوقاية من الأمراض، ومزار علاجى وسياحى للجميع من داخل وخارج مصر.
وبالرغم من الأهمية الكبرى لهذه العين، إلا أنها تعانى منذ زمن بعيد من غرقها فى مياة الصرف الصحى، وفى 2010 كان الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة قد طرح مشروعاً فورياً لاجراء التطهير الكامل لعمق بحيرة عين الصيرة وعلاج كيميائي لمياه البحيرة والاستفادة بها.
ومن بعده جاء وزير الثقافة السابق فاروق حسنى ليعلن عن إقامة متحفاً سيكون واحداً من أكبر متاحف الحضارة في العالم''على حد قوله''والمقام على مساحة 33 فداناً على ضفاف بحيرة عين الصيرة، ويضم 50 ألف قطعة تم اختيارها بعناية لتحكي لقطات من الحياة المصرية.
وحتى الآن لا حياة لمن تنادى ويبقى الحال كما هو عليه.. مما دفع''مصراوي'' للتوجه لبحيرة عين الصيرة لتسليط الضوء عليها مرة أخرى لعل''القدر'' يستجيب لنداءنا هذه المرة بعيداً عن تصريحات المسئولين.
يرى''كامل مختار و''هيثم أحمد'' المقيمين بمنطقة عين الصيرة أن هذه البحيرة لم تستغل بشكل صحيح فى علاج المرضى، كما أن المقيمين بالمنطقة قاموا بإدخال الصرف الصحى عليها ،وكذلك النادى المجاور لها مؤكدين أن هذا الأمر ليس بالجديد وإنما منذ فترة تصل إلى ما يقرب من 30 عاماً،إضافة إلى استخدامها فى سقاية الغنم واستحمام الحيوانات بها، مؤكدين أن السبب فى ذلك يرجع إلى المعاناة من الجهل والمرض والفقر الذى تسبب فى عدم القدرة على إدخال المجارى للبيوت.
واتفق معهم فى ذلك أيضاً''ناصر تركى'' و''عبده عيسى'' من سكان المنطقة ،موضحين أن مياه الصرف الصحى هذه لم تصل فقط إلى بحيرة عين الصيرة وإنما أيضاً للخيالة والتى كانت لها نفس ظروف نشأة عين الصيرة عندما انفجرت من الجبل لتظهر هذه العيون ،مؤكدين أنه بمجرد المرور بجانب البحيرة لا تتحمل الوقوف لدقائق بسبب الرائحة الكريهة المنبعثة منها،وعندما توصلنا للمسئولين لحل هذه الأزمة لم نجد أى تحرك حيال الأزمة،والتى تفاقمت إلى أبعد الحدود حينما ارتفع منسوب البحيرة بعد ذلك ، مضيفين أنه إذا وجدت مثل هذه العيون فى بلاد أخرى ستجد من يحميها من هذه الملوثات ،وهو ما أدى إلى مغادرة المتضررين للمنطقة ،إضافة إلى المقيميمن بترب البساتين ،التى أغرقتها مياه البحيرة قبل ذلك.
إلا أن أقوال حارس البحيرة جاءت مخالفة تماماً للأقوال السابقة ، فأكد لنا''حامد محمود'' حارس البحيرة أن بحيرة عين الصيرة تعد ضمن المحميات الطبيعية،نظراً لموقعها الجغرافى الذى يؤكد ذلك ، وأنها تخلو تماماً من اختلاط الصرف الصحى بها،متابعاً أن مالكها حصل عليها وفقاً لعقد تم إجراءه مع وزارة الأوقاف، وبسبب زيادة منسوبها تم التفكير فى عمل صرف خاص لها يتم دخوله على الصرف الصحى للمنطقة إلا أن الفكرة لم تفلح نتيجة إرتفاع ملوحتها ،التى كانت ستؤدى إلى تلف مواسير الصرف الصحى ،ومن هنا تم التوجه إلى عمل سور لها يحيط بها من الخارج حتى لا تؤثر على سكان المنطقة.
بينما اختلف معه''محمد فوزى'' أحد سكان العشش المطلة على البحيرة قائلاً أن البحيرة لا تعد ضمن أملاك وزارة الأوقاف ،وبالتالى لم تؤجرها الوزارة لأنها شىء ربانى، مؤكداً أن مياهها مياه كبريتية، وليس لها علاقة بأى نهر أو بحر، وأنها لا تزال حتى الآن تستخدم فى علاج أقدام الأفراد، مضيفاً بأن وضعها الآن اختلف كل الاختلاف عما كانت عليه فى السابق حينما استخدمت لعلاج الكثير من الأمراض.
وعن أسباب دخول الصرف الصحى لهذه المياه أوضح''محمد'' أن هذه العشش لم يدخلها الصرف الصحى رغم مناداتنا للمسئولين لإدخاله للمنطقة، إلا أن الأمر لم يلقى له أى بال على اعتبار أنها تصنف كعشوائيات، وبالتالى اضطر السكان اللجوء لهذا الأمر حتى نتمكن من الحياة .
وعندما توجه''مصراوي'' للمسئولين كانت المفاجأة من أحد مسئولي السياحة العلاجية - والذى رفض ذكر اسمه - أن البحيرة حالياً لا تصلح لأى شىء بعد أن أصبحت ملتقى للقمامة ومياه الصرف الصحى وغيرها من الأمورالتى تسببت فى تدميرها،وذلك بعكس ما كان عليه الوضع سابقاً.
فيما أكدت لنا رشا العزيزى المسئول الإعلامى بمكتب وزير السياحة أن الوزارة تدعو للاهتمام بالبحيرة ،مشيرةً إلى ضرورة تنقيتها لوضعها على قائمة البحيرات التى تستخدم للرحلات الاستشفائية والسياحة العلاجية.
وأكدت العزيزي أن الدور الأساسى للوزارة فى هذا الإطار يتمثل فى الترويج لمصر فى الخارج وجلب وتنظيم الرحلات السياحية وبالتالى استخدامها فى الرحلات الاستشفائية للسياح.
أما فيما يخص إزالة الملوثات منها فهذه مسئولية تقع على أفراد بعينها كمحافظ المنطقة ورئيس الحى او الوزارة التابعة لها البحيرة.
وبسؤال محمد عبد العزيز مسئول قطاع القاهرة التاريخية بوزارة الآثار نفى لنا أنها تتبع وزارة الآثار ،وأن نتواصل مع المسئولين بمتحف الحضارة التابع لوزارة الآثار
فتوجهنا للمهندس أحمد سعد مدير عام شئون المناطق الآثرية بقطاع المشروعات الذي أكد لنا أن الوزارة لم تؤكد لهم حتى الآن رؤيتها بخصوص البحيرة ، مشيراً إلى أنه على الرغم من الأهمية الكبرى لهذه البحيرة والتى تصنف ضمن البحيرات الكبريتية ،إلا أنها لم تلقى أى اهتمام منذ زمن بعيد، والسبب فى ذلك يرجع إلى الدولة التى لم تلقى أى بال ليس فقط لهذه البحيرة وإنما أيضاً لأشياء كثيرة لابد من إصلاحها فى المجتمع.
ووفقاً لما تردد من أقوال لمعظم سكان المنطقة و حارس البحيرة بأنها مؤجرة لمالك يدعى''عمرو الطحاوى''،توجه''مصراوي'' لوزارة الأوقاف لنستوضح منها الأمر ولكن وجدنا المتحدث الإعلامى يمتنع عن الرد بعد أن وعدنا ببحث الموضع والتأكد من المعلومة.
وفى نهاية التقرير نظل حائرين معكم من المسئول عن بحيرة عين الصيرة ومن يتحمل الإنتهاك الذي يحدث بها بعد أن تنصلت منها جميع الجهات المعنية ،ويبقى السؤال الأهم إلى متى سيظل الإستهتار والإهمال يطال أغلب مناحى حياتنا بما فيها مواردنا الطبيعية ،وإلى متى سيظل المسئولون لا يحركون ساكناً وتظل تصريحاتهم راكدة كالصرف الصحى الراكد فى بحيرة عين الصيرة.
فيديو قد يعجبك: