خبراء يجيبون عن السؤال ..كيف تلحق مصر بركب الثورة الفرنسية ؟
كتب - أحمد عبد العزيز:
على الرغم من وجود تشابه كبير بين الثورة الفرنسية، وثورة 25 يناير، باختلاف الزمان والمكان، من حيث أسباب قيام الثورتين لوجود نظام فاسد لا ينظر إلى الفقراء، ويسعى إلى فرض سيطرته بالقوة، ديون تغرق فيها البلاد بسبب سوء إدارة السلطة، الفقير يزداد فقرًا والغني يزداد غنى، فقد استطاعت الثورة الفرنسية التي بدأت من عام 1789 واستمرت حتى 1799أن تجني ثمارها وأن تحقق خلال هذه الفترة قليل من الإنجازات، لتصل بعدها فرنسا لطفرة اقتصادية وصناعية تحاكي ما ضحى به الشعب الفرنسي في سبيل نجاح تلك الثورة، فهل تستطيع الثورة المصرية وبعد مرور عامين علي قيامها دون جديد أن تحقق أهدافها وتجني ثمارها؟!
الكوادر البشرية داعم أساسي
حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، يرى أن المقارنة بين الثورة الفرنسية والثورة المصرية صعب للغاية؛ لأن الثورة الفرنسية قامت في أواخر القرن السابع عشر، وكانت تتبع النظام الملكي، واستنفذت وقت طويل في إجراء المحاكمات.
ويكمل بأنه قد تم الحكم بالإعدام على الملك لويس السادس عشر في 21يناير 1793، وتم إصدار أول وثيقة لحقوق الإنسان بعد الثورة بـ (خمس سنوات) بالإضافة إلى أن فرنسا في ذلك الوقت لم يكن لديها كوادر سياسية رشيدة تستطيع انتشال البلاد مما هى عليه بدليل، استدعاء نابليون من منفاه لكي يحكم فرنسا.
أما الثورة المصرية فتمتلك كوادر جاهزة ومدربة تستطيع الخروج بالبلاد مما هى عليه، بالإضافة إلى أن الثورة المصرية قامت في القرن الحادي والعشرين وهناك فارق زمنى كبير بينها وبين الثورة الفرنسية، وهذا الفارق الزمني فى صالح الثورة المصرية.
وقال أبو سعدة إن الثورة المصرية تحتاج 5 سنوات كحد أقصى لتحقيق أهدافها، وهذه المدة الزمنية الكبيرة تأتي بسبب غياب التوازن السياسي داخل المجتمع المصرى، فالدكتور محمد مرسى يظن أن وصوله للحكم بانتخابات يعطيه الحق أن يفعل ما يشاء، فقد أصبحنا أمام جماعة تريد السيطرة على كل شئ، وتبرر موقفها بمقارنة الوضع في أمريكا بدعوى سيطرة النظام الجمهوري على السياسة الأمريكية.
مشيرًا إلى أن الوضع الأمريكي يختلف تماما عن الوضع المصري، فمصر الآن وفي أعقاب ثورة، أما الولايات المتحدة الأمريكية في حالة من الاستقرار منذ زمن بعيد ودعائم الديمقراطية متواجدة بها إلى حد كبير، أما الموقف المصري يتوجب على الرئيس مرسي، إرساء مبدأ المشاركة لا المغالبة حتى نشعر بنسيم الاستقرار.
وأضاف أبو سعدة أن الدستور الحالي، والتشريعات التي تصدر كل يوم تعمل على تمكين جماعة الإخوان المسلمين، وهذا معناه أن هناك حالة من عدم التوازن فالجماعة تعمل على بناء المؤسسات ولكن ''على مقاسها''، هذا بالإضافة إلى الجماعات الإسلامية والتي تعقد مؤتمرات صحفية وتكفر العلمانيين واللبراليين كل يوم، مما يؤكد وجود حالة من الفوضى السياسية وعدم الاستقرار.
مقارنة ظالمة
فى حين رفض فريد زهران، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعضو جبهه الإنقاذ الوطني، المقارنة بين الثورة المصرية والفرنسية لأنها ستكون مقارنة غير منصفة، بالإضافة إلى أن الثورة الفرنسية ظروفها تختلف كثيرا عن المصرية، أما المصريين الآن فيمارسون العملية الديمقراطية، كما أن هناك قوى وطنية تحاول تصحيح المسار وتضغط من أجل تحقيق الأفضل.
وشدد ''زهران'' على أن تظاهرات 25 يناير المقبلة والتي دعت إليها القوى الوطنية ستكون من أجل الضغط على النظام لتعديل المواد الخلافية في الدستور والتشديد على ضرورة نزاهة الانتخابات التشريعة القادمة مع ضرورة تكافؤ الفرص لكل الأحزاب المشاركة في الانتخابات.
ثلاث سنوات لتعافي الاقتصاد
أما النظام الاقتصادي فإن حال فرنسا قبل الثورة الفرنسية كان في غاية السوء، ففي عام 1788ارتفعت النفقات العامة ليبلغ عجز الموازنة العامة في فرنسا بنحو 20%، بالإضافة إلى وجود توزيع غير عادل للنفقات، بدليل حصول التعليم على نسبة أقل 2% من النفقات فرنسا، بالإضافة إلى بزخ العائلة المالكة.
ونظرا لزيادة نفقات الدولة فقد اعتمدت الدولة على القروض المالية الضخمة، لسد العجز بين النفقات والإيرادات، وهو ما أغرق البلاد في الديون، مما أدى إلى رفع الضرائب على الفقراء الكادحين لسد الديون، وساعد هذا على تفجر الثورة ضد النظام الفاسد، والقضاء عليه، وتم فتح المجال لتطور النظام الرأسمالي وتحرير الاقتصاد من رقابة الدولة وحذف الحواجز الجمركية الداخلية.
أما الاقتصاد المصري بعد الثورة، فيرى عبد الرحمن عليان، عميد معهد الاقتصاد، أنه لم يتحسن بل زاد سوءً، وقال إن عودة الاقتصاد المصري مرة أخرى لما كان عليه تحتاج إلى ثلاث سنوات.
مقارنة مستحيلة
وأضاف عليان، أن المقارنة بين الثورة الفرنسية والثورة المصرية مستحيلة؛ لأن الوضع الفرنسي يختلف كثيرا عن الوضع المصري، فرنسا كانت تحت حكم ملكي مستبد، إضافة إلى سقوط الملايين من الضحايا في الثورة الفرنسية أما الثورة المصرية ثورة سلمية اسقطت نظام مستبد وهى الآن في حالة بناء نظام جديد.
وتابع عليان يجب على الجميع التفكير في كيفية الخروج من الوضع الاقتصادي المؤسف الذي وضعنا فيه، وكيفية الوصول لما وصلت إليه دول مثل تركيا والصين والبرازيل والارجنتين.
رأس مالية متوحشة
ويضيف عليان أن طبيعة النظام الاقتصادي الحالي فهى تكرار لما حدث في الماضي ''رأس مالية متوحشة''، فهناك قرابة الـ 2000 مصنع توقفوا عن العمل بالإضافة إلى توقف السياحة بنسبة كبيرة وهى التي كانت تدعم ميزانية الدولة بأكثر من 15 مليار دولار في العام الواحد، فقد أصبح دخل السياحة لا يتعدى 6 مليارات.
وقال عليان نحتاج إلى قرابة ثلاث سنوات لكى يعود الاقتصاد المصري لما كان عليه في عهد مبارك؛ لأن مصر في عهد النظام السابق كانت في بيئة جيدة للاستثمار اما بعد الثورة فقد أصبحت الدولة في الوقت الراهن غير صالحة لجذب الاستثمارت.
وأشار عليان إلى أن عوامل مثل الاستقرار الأمني، والضرائب بالإضافة إلى الاستقرار السياسي التوافقي أصبحت حاجة ملحة يجب على النظام الحال تحقيقها كى يعود الإقتصاد المصري لما كان عليه، لأن أهم شئ بالنسبة للمستثمر هو توفير مناخ أمني جيد واستقرار سياسي لكي يأمن على أمواله.
فيديو قد يعجبك: