اتهامات ''الفتنة'' تواجه فتوى تحريم تهنئة الأقباط قبل عيد الميلاد
كتبت – هبه محسن:
ساعات قليلة ويبدأ المسيحيون الشرقيون الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، والذي يحتفل به مسيحيو مصر هذا العام وسط أجواء قد تبدو غريبة على هم وربما تشعرهم بالقلق على مستقبلهم في مصر في ظل انطلاق عدد من الفتاوى من قبل التيارات الإسلامية التي يمس بعضها العقيدة المسيحية، كما مس البعض الآخر منها رباط الوحدة الوطنية والتي جاء آخرها بتحريم تهنئة المسيحيين بالعيد.
جدلاً كبيراً أثارته فتوى ''الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح المستقلة '' والتي تضم في عضويتها عدد قيادات التيار الإسلامي أبرزهم الدكتور محمد عبد المقصود، والشيخ محمد حسان، والدكتور ياسر البرهامي، وخيرت الشاطر، بتحريم تهنئة المسيحيين في عيد الميلاد المجيد، ولم يقتصر الأمر على الجدل فحسب، فقد أثارت تلك الفتوى غضب المسلمين والأقباط على حد سواء.
''غير شرعية''
فيقول الشيخ عبد الحميد الأطرش – أمين لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف- إن هذه الفتوى لا أساس شرعي لها، فلا يوجد في الدين الإسلامي ما يحرم تهنئة المسيحيين وحتي اليهود بأعيادهم أسوة بالرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان يحرص على التودد إلى جيرانه من اليهود والنصارى، مستنداً إلى حديث رسول الله -صلي الله على ه وسلم- ''من آذي ذمي فقد آذاني''.
وأضاف أن '' الدين الإسلامي أمرنا أن نبر النصارى وطالما يعيشون معنا ويسكنون معنا فلهم ما لنا وعلى هم ما على نا، فما بال التهنئة بالعيد''، مشيراً إلى أن النصراني له على المسلم حقان ''الجوار – الإنسانية'' وهذا يعني أن تهنئتهم بالعيد واجبة.
واستنكر أمين لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف فتوى تحريم تهنئة الأقباط، معتبراً أنها فتوى لا قيمة لها ولا تهدف إلا لفرقة الصف وإحداث الفتنة، مؤكداً أن من أصدر هذه الفتوى يسعى لإحداث البلبلة في المجتمع المصري من باب حب الظهور الإعلامي فقط.
''مضللة''
ومن جانبه، اعتبر الشيخ محمود عاشور –عضو مجمع البحوث الإسلامية-، أن هذه الفتوى ''مخالفة'' لما جاء في القرآن والسنة.
وتساءل عاشور كيف يبيح الله سبحانه وتعالى زواج المسلم من المسيحية وفي الوقت نفسه تخرج مثل هذه الفتاوى لتحرم تهنئتهم بالعيد؟ وكيف سيصرف الزوج المسلم مع زوجته النصارنية وفقاً لهذه الفتوى ''المخالفة''.
وأكد أن مثل هذه الفتاوي ليست مسئولة على الإطلاق وخرجت من مجموعة من ''الجهلاء''، ولا يهدف مطلقوها إلا لإشعال الفتن والحرائق في هذا الوطن.
تهنئة الأقباط ''بر'' وليس ''إثم''
ويرى الشيخ هاشم إسلام -عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف-،أن معايدة غير المسلمين بأعيادهم أمر مختلف عليه بين علماء الإسلام، وهناك رأيان في هذا الشأن.
فالرأي الأول يتبناه عدد من علماء الإسلام ويقضي بتحريم معايدة أصحاب الديانات الأخرى بأعيادهم الدينية لأنهم يعتبرونه إقرار لعقيدة مخالفة، أما الرأي الثاني والذي يتبناه عدد آخر من العلماء وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي فيبيح تهنئة الأقباط وغيرهم من باب البر بهم، وهذا الرأي في سعة ومرونة.
وأضاف إسلام أن الأقباط مواطنون يعيشون بجوار المسلمين في دولة واحدة ولهم نفس الحقوق والواجبات ويتمتعون بحقوق المواطنة وتهنئتهم بأعيادهم من هذا المنطلق لا يعتبر إثمًا.
التهنئة لا تُنقص الدين
وأوضح الشيخ سالم عبد الجليل - وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة سابقاً- أن يتفق مع رأي الدكتور يوسف القرضاوي الذي أباح تهنئة الأقباط بأعيادهم استناداً إلى ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية بهذا الشأن.
وأضاف أن الفتوى التي صدرت مؤخراً بهذا الشأن ربما تكون استندت إلى فتاوى قديمة من عصور مضت، ولكن على الجميع أن يدركوا أن الفتاوى تتغير بتغير الزمان والمكان والظروف الداعية إليها.
وشدد عبد الجليل على أن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم لا تؤثر في صحة الاعتقاد ولا تُنقص الدين، ولا داعي لإبراز مثل هذه الفتاوي التي وردت سلفاً في سياق مختلف.
يذكر أن الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي أصدرت فتوى تحريم التهنئة هي هيئة دينية مستقلة تسعى -وفقاً لتوصيفها- إلى حماية الحقوق والحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية بما يتناسب مع مبادئ الفكر الإسلامي وإحياء وظيفة العلماء في مساعدة صانعي القرار على تحقيق الإصلاح، وتضم في عضويتها عدد قيادات التيار الإسلامي من أبرزهم الدكتور محمد عبد المقصود –الشيخ السلفي- والشيخ محمد حسان –الشيخ السلفي- الدكتور ياسر البرهامي –نائب رئيس الدعوة السلفية- والمهندس خيرت الشاطر –نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين-
فيديو قد يعجبك: