مشاهدات سيناوية
كتبت - سارة عرفة وسامي مجدي:
(١)
وصلنا العريش بعد رحلة استمرت نحو ثماني ساعات. في الطريق كانت الأكمنة أكثر تشددا من ذي قبل، نزلنا من الاتوبيس وأخرجنا أمتعتنا ومرر أحد جنود الجيش الكلب البوليسي على الأمتعة بعد أن وضع كل منا حقائبه أمامه، وكان عبى الجانب الآخر بعض الجنود يفتشون حقائب بعض المسافرين الشباب الذين بدا عليهم الاستياء.
(٢)
حينما وصلنا كانت الاتصالات مقطوعة، قيل لنا إن ذلك أمر طبيعي في ضوء الحملات الأمنية التي تشنها قوات الشرطة والجيش ضد العناصر ''التكفيرية'' والمسلحة خاصة في قرى الشيخ زويد. كانت الاتصالات تقطع من الفجر حتى قرب المغرب بصفة شبه يومية.
(٣)
الأوضاع في العريش هادئة والحياة تسير بشكل طبيعي. الأمر الذي اختلف هو عدم وجود سيارات دفع رباعي على الطرق إلا نادرا جدا. عرفنا أن تلك السيارات مصدر خطورة على صاحبها، حيث اعتادت الجماعات ''التكفيرية'' استخدامها في مهاجمة رجال الأمن والمنشآت الشرطية والعسكرية والحكومية.
(٤)
أغلب من قابلناهم من الأهالي سواء في المواصلات لديهم حالة من السخط من مهاجمة الجماعات المسلحة لقوات الجيش والشرطة، ويقولون إن من يفعل ذلك ليس من أبناء سيناء بل إنهم أناس قادمون من الوادي. دلل أحدهم على ذلك بأن عادل حبارة المشتبه بتورطه في عملية قتل ٢٦ جنديا مؤخرا في رفح من الشرقية، وإن أشار بعضهم إلى تورط بعض السيناويين في تلك الأعمال.
(٥)
الشيخ زويد ورفح هما الأكثر تأثرا من تلك الأحداث، حيث حظر التجوال يبدأ من الرابعة عصرا، حتى السادسة صباح اليوم التالي، خلال تلك المدة صعب جدا أن تجد من ينقلك من وإلى المدينتين. ورغم طبيعية الأوضاع في العريش، إلا أن الحال مختلف في الشيخ زويد ورفح، مثلا المنطقة أمام قسم شرطة الشيخ زويد المعروفة ب''الميدان'' مغلقة تماما منذ تفجير السيارة المفخخة قبل نحو شهرين، كذلك الأكمنة منتشرة بكثافة حول وداخل القرى. وفي رفح كان الحذر والترقب هو المسيطر على وجوه جميع من رأيناهم، وكانت الطرق أمام معسكر للأمن المركزي هناك مغلقا، والحواجز الخرسانية منتشرة بكثافة.
(٦)
''كلكو مصريين؟''، أكثر الأسئلة التي تُطرح على ركاب سيارات الأجرة، فغيّر المصري يخضع لاستجواب داخل الكمين، ويحرص السائقون على عدم ركوب أي أجنبي حتى يتجنبوا ''رزالة الأكمنة'' خاصة أكمنة الريسة والخروبة والمزرعة القريب من مطار العريش.
(٧)
حالة من السخط رصدناها لدى البعض من ''تجريف مزارع الزيتون''، حول الأكمنة الأمنية ومعسكرات الأمن المركزي ومطار العريش، كذا هدم بعض منازل ''الإرهابيين'' والهجوم على منزل الناشط إبراهيم المنيعي، الذي خرج على قناة الجزيرة وطالب بحماية دولية، وإن تفهم بعضهم أن مزارع الزيتون المتاخمة للأكمنة والمواقع التابعة للجيش والشرطة تُستخدم في شن هجمات على القوات، وأن الجيش وعد بتعويض جميع المضارين.
(٨)
أصوات الانفجارات وطلقات الرصاص تسمع بين الحين والآخر، وكنا نصحو في أغلب الأيام على خبر مقتل ضابط هنا أو مجند هناك سواء من الجيش أو الشرطة. وكان هناك قيادة أمنية حاولنا عمل حوار معها إلا أنه في كل مرة نتواصل معه يكون في المستشفى مرافقا لأحد ضابطة أو جنوده الذي لقى مصرعه أو أصيب، او في موقع تفجير من التفجيرات التي لا يكاد يمر يوم دون وقوع واحد عند أحد الأكمنة أو المنشآت الشرطية والعسكرية، خاصة مبنى المخابرات الحربية في العريش.
(٩)
حكى لنا أحد من التقيناهم كيف أن الجماعات ''التكفيرية'' روجت بأن إسرائيل هي التي سمحت بتحليق طائرات الأباتشي في قرى الشيخ زويد كالمهدية والجورة، وأنها حظرت على الجيش تحليقها مرة أخرى. قال الرجل ''إن الجيش بعد أن علم بهذا الأمر بعث بثلاث طائرات أباتشي تحلق في سماء تلك القرى في اليوم التالي مباشرة، فعرف الأهالي كذب هذه الجماعات''.
(١٠)
جميع من التقيناهم أدانوا أعمال القتل والعنف والتفجيرات التي تستهدف قوات الجيش والشرطة، وإن مازال في حلق بعض الأهالي غصة من ممارسات وزارة الداخلية - أمن الدولة- خلال عهد مبارك، كما أن بعض من تحدثوا إلينا حذروا من ممارسات ''تهين'' البدو ولا تراعي تقاليدهم وأعرافهم؛ مثلا حكى لنا أحد شباب العريش عن موقف تعرضت له نساء بدويات عند أحد الأكمنة الأمنية تمثل في أن أحد الضباط كان يصر على أن تكشف المرأة البدوية عن وجهها عند مرورها بالكمين، الامر الذي أثار حفيظة الأهالي فخاطب عواقل القبائل القيادات الأمنية وحذرت من رد فعل البدو فما كان منهم إلا أن نقلوا هذا الضابط. ''نريد ضباطا يعرفون ويحترمون عاداتنا وتقاليدنا''، هكذا قال محدثنا، والأمل يحدوه في أن يتغير الحال للأفضل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: