قطاع غزة محاصر بين مطرقة إسرائيل وسندان مصر
غزة/ تل أبيب - ( د ب أ):
فقدت حركة حماس التي تتولى زمام الأمور في قطاع غزة، بعزل الرئيس المصري محمد مرسي في يوليو الماضي، ما يمكن اعتباره المصدر الرئيسي لحمايتها.
عاد الجيش المصري إلى تصدر المشهد مرة أخرى، وصدر حكم بحظر جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها محمد مرسي، وهكذا، إلى جانب إسرائيل، يواصل الجيش المصري تطويق حركة حماس التي تنتمي إلى نفس تيار الإخوان المسلمين، ليصبح الموقف الآن بالنسبة لأكثر من 7ر1 مليون من سكان القطاع أكثر مأسوية من ذي قبل إن جاز التعبير.
بالنسبة للقيادة المصرية الجديدة في القاهرة كما بالنسبة لإسرائيل هناك الكثير من النقاط الخلافية، إلا أنهما اجتمعا على عدو واحد: حماس.
جدير بالذكر، أن أحد الأسباب الرئيسية التي تعهدت بسببها جماعة الإخوان المسلمين بعدم التقدم بمرشح رئاسي في انتخابات 2012 التي فاز بها محمد مرسي، متفوقا بفارق طفيف على منافسه الفريق أحمد شفيق، يكمن وفقا للجماعة في رغبتها في تفادي تكرار سيناريو حماس في غزة، وبكل تأكيد السيناريو الجزائري في التسعينيات.
من جانبه، يقول طارق اللبود وزير الاقتصاد في حكومة حماس المقالة ''قام الجيش المصري بتدمير نحو 90 في المئة من أنفاق التهريب الحدودية''، معربا عن أسفه لهذه الوضع، الذي يصب بقوة في مصلحة إسرائيل، حيث أنه هكذا تم إغلاق المصدر الرئيسي للسلاح القادم إلى القطاع. وبينما تؤكد القاهرة أن دوافعها أمنية، من أجل كبح جماح تدفق المقاتلين المتهمين بالمشاركة في هجمات الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء.
ولكن لا يتدفق عبر الأنفاق مقاتلون وسلاح فقط بل تعد مصدرا لوصول البضائع للاستهلاك اليومي مثل الوقود الرخيص ومواد البناء. التأثير على قطاع غزة واضح ومحسوس للغاية، انقطاع الكهرباء أصبح يمتد يوميا إلى أكثر من 12 ساعة، بينما تصطف السيارات في طوابير طويلة أمام محطات البنزين، مياه الشرب أصبحت نادرة ، بينما الصرف الصحي يغرق الشوارع ويلقى مباشرة إلى البحر بدون المرور على قنوات صرف.
عن هذه الأحوال يقول رجل الأعمال شادي البهتيني ''توقفت غالبية أعمال الإنشاءات، منذ 30 يونيو، واشتعلت الأسعار''. فقد نحو 80 ألف عامل وموظف أعمالهم، حيث يعرب محمد شويجك /33 عاما/ أحد الذين طالتهم الأزمة، بينما لديه أسرة مكونة من ستة افراد يعولهم، عن أسفه قائلا ''لم يعد لدي عمل منذ شهر يونيو''.
وللمفارقة العجيبة، بعد هذا الوضع أصبحت آمال الفلسطينيين في غزة معقودة على عدوهم الإسرائيلي، نظرا لأنه بينما أغلق المصريون حدودهم مع القطاع، أخذ الإسرائيليون يخففون من الحصار المفروض على القطاع منذ وصول حماس للسلطة في 2007.
هذا الأسبوع سُمِح مجددا لمواد البناء بالعبور إلى قطاع غزة شريطة استخدامها في أعمال القطاع الخاص، كما سُمِح بإنشاء محطة رفع سوف تزيد من ضخ مياه الشرب التي تصل إلى المنطقة بمعدل 10 ملايين متر مكعب سنويا.
ولكن هذه الإجراءات التحفيزية ربما تكون بمثابة ''السم في العسل'' بالنسبة لحماس، نظرا لأنه تم الاتفاق عليها بالتنسيق بين تل أبيب والقيادة الفلسطينية في حكومة السلطة الوطنية التابعة لحركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس في رام الله.
يوضح عبد المجيد سويلم بروفسير العلوم السياسية من رام الله أن ''هذا سيثير غضب حماس، لأن التحسينات تأتي عبر الضغط من جانب مصر، والرئيس الفلسطيني المعتدل محمود عباس''، مشيرا إلى أنه بهذه الطريقة، تصبح حماس خارج اللعبة، وهو هدف تسعى إسرائيل لتحقيقه، من خلال تعزيز حركة فتح في خصومتها التاريخية مع حركة حماس.
وهكذا قامت إسرائيل بزيادة عدد تراخيص البناء للفلسطينيين في الضفة الغربية إلى 48 ألف، وهو رقم ظل سريا لم تفصح عنه تل أبيب منذ اندلاع انتفاضة القدس الثانية عام 2000، وفقا لما أعلنته جريدة هآرتس الإسرائيلية.
جدير بالذكر أن إسرائيل لا تكن الكثير من التقدير للرئيس محمود عباس أبو مازن، ولكنه نجح بفضل تعاونه مع النظام الصهيوني، في تحويل الضفة الغربية إلى واحة من الاستقرار في خضم حالة الفوضى التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط.
كما عاد مفاوضوه للحديث عن إمكانية التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل، وإن كان لا يزال احتمالا بعيدا، وهو ما يمثل نوعا من التعاون لا تزال
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: