لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

المصالح الاقتصادية.. سر التقارب بين الولايات المتحدة وإيران

12:46 م الخميس 03 أكتوبر 2013

بيروت - (الأناضول):

بينما كان العالم يقف "مذهولا" أمام مفاجأة المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني ، والتي هزت الشرق الاوسط الذي كان ينتظر ضربة تأديبية وعد بها أوباما ضد نظام الأسد عقابا له على قتل نحو 1500 سوري خنقا" بغاز " السارين " ورسالة للنظام الإيراني الذي يطور سلاحه النووي ، كانت الشبكة الأولى في التلفزيون الاسرائيلي تعلن يوم الاحد 29 سبتمبر 2013 " تهديدا " من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالتخلي عن الطريق الدبلوماسية في حال لم يكن الهدف من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني تفكيك هذا البرنامج ، وقوله إن" اسرائيل تعتبر نفسها في حل من التزاماتها في هذه العملية الدبلوماسية بين العالم الغربي وإيران".

وفسرت مراسلة الشبكة الإسرائيلية ذلك بانه يعني أن" اسرائيل قد تقرر عندها مهاجمة إيران بمفردها "، وأشارت الشبكة في الوقت نفسه الى نتيجة استفتاء افاد ان 78% من الاسرائيليين يعتبرون روحاني غير صادق في كلامه عن الرغبة في التوصل الى حل للملف النووي الإيراني ، كما يرى 69 % أن واشنطن لن تنجح بالتوصل الى اتفاق مع طهران حول هذا الموضوع .

وفي اليوم ذاته ، أكد السفير الاميركي في تل أبيب دان شابيرو أن" لإسرائيل والولايات المتحدة اهدافا" متطابقة بكل ما يتعلق بإيران ، وكلتاهما تسعيان الى منع إيران من حيازة سلاح نووي ، ومتفقتان على انه ينبغي حل المشكلة بوسائل دبلوماسية ، وهما متحدتان حول الموقف بان على النظام الإيراني أن يثبت من خلال تنفيذ خطوات حقيقية ما قاله بكلمات جميلة " على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني بشأن السلاح النووي خلال خطابه في الامم المتحدة . وشدد السفير الاميركي على أن " هذه الخطوات من شأنها ان تؤدي الى اتفاق هام يضمن الا يكون لدى إيران سلاح نووي".

أزمة ثقة متبادلة

في اليوم التالي أي الاثنين في 30 سبتمبر تم اللقاء في واشنطن بين الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء الاسرائيلي ، وأبلغ نتنياهو أوباما فى اللقاء" ان العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على إيران حققت انجازات كثيرة ، وهو يحذر من ان تذهب هذه الانجازات سدى ، لذلك فهو يطالب بتشديدها ".

وأكد نتنياهو ان " ايمان اسرائيل الحازم هو انه إذا واصلت إيران التقدم في برنامجها النووي خلال المفاوضات ، ان تكثف العقوبات " وبعدما اشار الى ان إيران ملتزمة تدمير اسرائيل وقد سبق أن هدد بذلك الرئيس الإيراني السابق احمدي نجاد مرات عدة ، افاد ان " الامتحان المطلق لأي اتفاق مع إيران بالنسبة لإسرائيل هو ما اذا كانت ستقبل بتفكيك برنامجها النووي العسكري ".

واعلن نتنياهو انه لا يرفض المسار الدبلوماسي بشكل كامل ، لكنه يرى انه يحب ان يستند الى افعال من جانب إيران وليس الى اقوال فقط ، ويجب ان تكون هناك افعال تعطي المجتمع الدولي الثقة انهم ينفذون تعهداتهم الدولية كاملة ، وانهم لن يكونوا في وضع يسمح لهم بالحصول على الاسلحة النووية " .

وهكذا بدأت حالة "عدم الثقة" بالنظام الإيراني من الجانب الاسرائيلي، وقد حاول أوباما طمأنة نتنياهو الى انه " لا يزال على موقفه الاساسي الرافض لملكية إيران قدرة عسكرية نووية ، وهو يشاطره الرأي منذ توليه منصبه في ضرورة عدم امتلاك إيران للسلاح النووي ". مشيرا" الى ان " هذا الامر ضروري للأمن الاميركي والاسرائيلي وللأمن العالمي".

وقال أوباما امام رئيس الوزراء الاسرائيلي في البيت الابيض " ان اي اتفاق يتم التواصل اليه لازمة البرنامج النووي الإيراني ، يجب ان يتطلب اعلى مقاييس التحقق من تطبيقه ، وذلك من اجل تخفيف العقوبات الذي اعتقد ان إيران تتطلع اليه"، مؤكدا " لن نتخلى عن خيارات ، بما فيها الخيارات العسكرية بالنسبة لضمان عدم حصول إيران على الاسلحة النووية ، الامر الذي سيسبب اضطرابات في المنطقة ، ويمكن لاحقا" ان يهدد الولايات المتحدة".

واذا كان الرئيس حسن روحاني قد سارع للإعلان عن انتصاره بعد " مكالمة الغزل السياسي" مع أوباما ، ليستقبل استقبال الفاتحين في طهران ، فانه بدوره تعرض لسلسلة انتقادات أهمها من قائد الحرس الثوري (الباسدران) الجنرال محمد علي جعفري الذي وجه اليه تحذيرا" ، واصفا" محادثته الهاتفية التاريخية والتي حصلت لأول مرة منذ نحو 34 سنه ، بانها "خطأ تكتيكي".

ومع ضياع "الثقة" او تشتتها، او التشكيك بها او غيابها ، قد تبدأ المفاوضات مع إيران في وقت مبكر ولكن لا يعرف احد متى تنتهي ، لإنجاز اتفاق واضح وتفصيلي وشامل ، وربما يستغرق ذلك طوال مدة ثلاث سنوات ،اي المدة المتبقية لولاية الرئيس حسن روحاني ، الامر الذي يبرز اهمية وخطورة عامل الوقت الذي قد تستغله مراكز قوى مهمة داخل النظام الاسلامي في إيران ، وخصوصا" من يكون منها قد وافق مرغما" ومضطرا" على الحوار ، وذلك من اجل العودة الى متابعة تنفيذا المشروع الاساسي للجمهورية الاسلامية على امل ان تحصل مستجدات اقليمية ودولية قد تساعدها على تحقيق هدفها .

مهما كانت التطورات ، فان الاتصال الاول حصل بين الرئيسين أوباما وروحاني ، واطلق دينامية جديدة امامها محطات واستحقاقات كثيرة قبل ان تنتهي بتغيير وجه المنطقة ، كما يأمل المفرطون في التفاؤل، فالاتصال الحدث لا يعدو كونه خطوة لتبادل حسن النيات ، لقد وقف الرئيسان عند خط الانطلاق ، والطريق طويل لإيجاد تسويات للقضايا العالقة بين الولايات المتحدة وإيران .

والمهم ان الطرفين يبديان استعدادا" لإطلاق عجلة الدبلوماسية ، الية وحيدة لحل هذه القضايا حلا شاملا" ، أو على الاقل وسيلة لإدارة الصراع وتنظيم الخلافات وضبط قواعدها لئلا تشكل تهديدا" للسلم الدولي والمصالح الدولية المتشابكة ومصالح الاقليم ، الى ان تنضج الظروف لإبرام الصفقة الكبرى.

الثورة السورية

اذا كانت الثورة السورية التي اندلعت في مارس 2011 ضد نظام بشار الاسد قد افشلت رؤية إيران التاريخية في ولادة " شرق اوسط اسلامي" في المنطقة على انقاض الانظمة التي سقطت نتيجة ثورات الربيع العربي، وهي تواجه حاليا" التحدي الكبير في احتمال خسارة الحليف السوري الذي اعتمدت عليه طويلا لتوسيع دائرة نفوذها الاقليمي ،فان التقارب الاميركي الإيراني في اطار حل سياسي دولي للازمة السورية ، قد يعطي طهران دورا" محوريا" في الاقليم ، من شانه ان يخدم الاستراتيجية الاميركية في المنطقة، بما سيرسخ " مطواعية" دول الاقليم بسبب حاجتها الى ضمانات اميركية ، في مواجهة الطموحات الإيرانية وسياسات التدخل والتخريب الممتدة من افغانستان الى لبنان عبر دول الخليج والعراق وسوريا.

ولا شك في أن المرونة الإيرانية التي بدأت مع انتخاب حسن روحاني رئيسا" للجمهورية الاسلامية ، وتعمدت من قبل المرشد الاعلى علي خامنئي عندما اعطى روحاني " الضوء الاخضر " لفتح باب الحوار مع اميركا وتحديدا" مع رئيسها باراك أوباما وفريقه ، واعطى تعليماته الى الحرس الثوري والجيش للتجاوب مع نصائح الرئيس، كل ذلك حصل بعدما ادرك النظام الإيراني انه لا يستطيع الاستمرار الى ما شاء الله في معركة ضد اخصامه بل اعدائه في الدول العربية الاسلامية ، والاسلامية غير العربية الذين تقودهم الولايات المتحدة الاميركية ، خصوصا" وان سوريا حليفته الرئيسية في المنطقة ، هي قلب المعركة.

لا سيما بعدما اصبح مصيرها مرتبطا" ب" لعبة الامم " والتي تتحكم بها مصالح مشتركة للاعبين الكبار ، الأمر الذي قد يدفع المنطقة اما الى حرب مذهبية شاملة لن تفيد منها إيران، بل ربما تكون ابرز الخاسرين فيها وهم كثر ، واما الى تسوية يدفعه (اي النظام الاسلامي الإيراني ) الى التخلي قسرا" عن مشروعه الاقليمي بالسيطرة على قلب العالم العربي من خلال محور طهران – بغداد – دمشق – بيروت ، بالإضافة الى تحديد سقف مقبول دوليا" لمشروعه النووي.

المصالح الاقتصادية

هل تأتي التطورات السياسية خدمة للمصالح الاقتصادية؟

اذا كانت إيران تتطلع باهتمام كبير إلى تسوية تلغي العقوبات المفروضة عليها والتي ساهمت بتدهور كبير في اقتصادها الوطني حتى اصبح الشعب الإيراني يعاني من خطورة وضع معيشته المتفاقم ، فان لدى الولايات المتحدة ايضا" متاعب اقتصادية وازمات مالية ، حتى اصبح لدى الشعب الاميركي حساسية ضد الحروب وارتفاع تكلفتها الباهظة، خصوصا" بعد تجربتي العراق وافغانستان ، ولا يستبعد المراقبون ان يكون عجز الرئيس أوباما الفاضح عن تنفيذ تهديده بضربة عسكرية ضد النظام السوري عقوبة له على قتل نحو1500 سوري خنقا" بغاز "السارين"، يعود الى خوفه من خطورة انعكاس ذلك ماليا" على الاقتصاد الاميركي.

ولكن يتساءل المراقبون في الوقت نفسه اذا كان ذلك صحيحا" كيف سيواجه التحدي الإيراني في حال اضطر الى توجيه ضربة عسكرية كما وعد حليفه نتنياهو ؟..

الشارع الإيراني الذي صوت بنسبة 51% للرئيس حسن روحاني، يعلق امالا" كبيرة على قدرته كسياسي معتدل يستطيع ان ينفتح على دول العالم وخصوصا" الولايات المتحدة ودول أوروبا، تمهيدا" لإلغاء العقوبات المفروضة على إيران والعمل لعودة الازدهار الاقتصادي الى البلاد وتحسين مستوى معيشة الإيرانيين .

لقد ضربت العقوبات الاقتصاد الإيراني منذ عدة سنوات ، وادت الى تراجع اسعار النفط الايرانى بأكثر من النصف ، وذلك من 100 مليار دولار الى اقل من 50 مليارا" في العامين الماضيين 2011-2012 ، وادت التحولات الجيوسياسية التي تعيشها طهران الى انهيار متواصل للريال الإيراني الذي وصل سعر صرفه الى 40 الف الف ريال مقابل الدولار الاميركي بعدما كان في حدود 12500 ريال .

ويعترف الرئيس روحاني ان بلاده تواجه اعلى معدل للتضخم في المنطقة وربما في العالم باسره ، اذا تشير بيانات رسمية الى أن هذا المعدل بلغ 45 في المئة في منتصف العام 2013، الامر الذي يزيد الضغط على الاسر الإيرانية المثقلة بالأعباء ويسلط الضوء على صعوبة المهمة التي ورثها من الرئيس السابق احمدي نجاد، مؤكدا" فشل كل سياساته الاقتصادية .

واكد روحاني ان قسما" كبيرا" من المشاكل التي تعاني منها إيران تعود الى اداء الحكومة السابقة، وقسما اخر يعود الى الضغوط الخارجية الظالمة.

ووفق تقرير للبنك المركزي الإيراني ، فان 47 مليون إيراني من بين 70 مليون نسمه تحت خط الفقر ، ويمثل دخلهم اليومي اقل من 4 دولارات للفرد ، أي اكثر من 67% من الشعب الإيراني.

ويبدو ان العقوبات ليست وحدها التي الحقت الضرر بالشعب الإيراني ، بل هناك أيضا" خطة اصلاح الدعم الحكومي التي قدمها الرئيس السابق نجاد بنهاية العام 2010 ، لتخفيف الضغط على اموال الدولة عن طريق اقتطاع عشرات المليارات من الدولارات المخصصة لدعم المواد الغذائية والوقود ، وقد تسببت تلك السياسة في زيادة اسعار الطاقة والغذاء ، والعديد من المنتجات التي تراجع الطلب الاستهلاكي عليها ، ما ادى الى تسريح عدد من العمال في المصانع ووقف انتاجها.

وفي الوقت نفسه انخفض الحد الادنى للأجور من حيث القيمة الحقيقية ، ففي العام 2010 كان يتجاوز 300 مليون ريال في الشهر ، اي ما يعادل 275 دولارا" ، ومع مستويات التضخم العالية ، اصبح بالعملة الإيرانية يبلغ حاليا" 487 مليون ريال، ولكنه انخفض بالدولار الى ما يعادل 134 دولارا" ، اي ان الاجور خسرت اكثر من نصف قيمتها .

اضافة الى ذلك ، يواجه الرئيس روحاني مشكلة تفاقم الديون التي أرهقت الاقتصاد الوطني بعد ان توقفت إيران عن تسديد الاقساط المترتبة عليها ، وقد وصف البنك الدولي وضع قروضه لإيران في فئة "القروض المتعثرة" مع العلم ان حجم هذه الديون حتى منتصف العام 2013 بلغ 697 مليون دولار.

تبقى الاشارة الى ان الإيرانيين بحدسهم تعلموا أن يكونوا حذرين بما يأملوه من السياسيين ، ولكن يبدو أن اللهجة المنفتحة للرئيس حسن روحاني تعدهم خيرا" ، فرغم رفضه تعليق تخصيب اليورانيوم ، فقد اكد امكانية وجود اتفاق يرضي الغرب ويمكن إيران من تطوير ابحاثها النووية لأغراض سلمية في الوقت نفسه، وما يتمناه الإيرانيون ان يستطيع الرئيس روحاني تخفيف وطأة العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان