خبراء: التقارب المصري الروسي خطوة تأخرت سنوات طويلة
كتبت – هبه محسن:
أثارت الأنباء التي ترددت بشأن عزم مصر التعاون مع روسيا في تسليح الجيش المصري حالة من الارتياح لدى قطاعات كبيرة داخل مصر، حيث أشاد كثيرون بخطوات الإدارة المصرية في الفترة الأخيرة نحو طريق الاستقلال الوطني، خاصة بعد مواقف الأمريكية الأخيرة وقرارها بتعليق المعونات العسكرية والاقتصادية إلى مصر.
''تصحيح للمسار''
بداية، يوضح السفير إيهاب العدوي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن العلاقات المصرية الروسية قديمة وقوية جداً، وما يحدث الآن هو إعادة تصحيح للمسار مع روسيا سواء على المستوى الاقتصادي أو العسكري والسياسي.
وشدد على أهمية اتمام الصفقة العسكرية، معتبرها خطوة تأخرت سنوات طويلة، مشيرا إلى وجود تطور في العلاقات بين مصر وروسيا، الأمر الذي يصفه بأنه ''جيد جداً ويصب في مصلحة مصر بشكل كبير''.
وقال العدوي في تصريحات لمصراوي أن الأهم هو الاستمرار على هذا النهج.
وأشاد العدوي بزيارة الوفد الشعبي المصري إلى روسيا للتأكيد على أن الشعب المصري راغب في بناء علاقات جيدة مع روسيا.
وفي المقابل أشار إلى زيارة وزيري الدفاع والخارجية الروسيين وأنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتن خلال الشهر الجاري، وجميع هذه الخطوات جيدة في سبيل توطيد العلاقات بين الجانبين.
وأكد العدوي أن العلاقات مع روسيا لا يجب ان تكون على حساب علاقات مصر مع الولايات المتحدة، فلابد أن تتبنى مصر سياسة خارجية منفتحة على جميع دول العالم خاصة التي كانت لديها علاقات قوية معها، بشرط ألا تبقي مصلحة مصر رهينة لعلاقة معينة مع أي دولة عظمى وأن تتحكم هذه الدولة بأهوائها في مصلحة مصر وأمنها القومي.
خطورة القرار الأمريكي
ووصف مساعد وزير الخارجية الأسبق القرار الأمريكي بوقف المعونة الاقتصادية والعسكرية بأنه ''خطير جداً وانفرادي''، مضيفاً أن هذا القرار اتخذ فجأة وضد مصلحة مصر نظراً لأن تسليح الجيش يعتمد 90 في المئة منه على الولايات المتحدة.
ولا يعتبر العدوي في حال اتجاه مصر نحو التسليح الروسي، انها خطوة للرد على القرار الأمريكي ولكنها ستكون من وجهة نظره خطوة صحيحة متعلقة بمستقبل مصر ومصلحتها، وهو ما كان يجب فعله منذ 30 عاماً ليس فقط مع روسيا ولكن مع كثير من دول العالم، كما قال.
وأوضح أن مصر لديها منافذ عديدة لتنويع مصادر سلاحها بخلاف روسيا فهناك أيضاً الصين وكوريا وفرنسا وغيرهم وجميعها دول يمكن لمصر إقامة علاقات عسكرية جيدة معها لأنه لا يجب ''وضع كل البيض في سلة واحدة''.
وعن رد الفعل الأمريكي نحو خطوات التقارب مع روسيا، قال ان الولايات المتحدة انزعجت من هذا التقارب، وبدأت في إعادة التفكير في موقفها الأخير من مصر، ولذلك أرسلت وزير خارجيتها جون كيري للتأكيد على دعم بلاده لمصر وقد تعود العلاقات المصرية الأمريكية إلى طبيعتها في فترة لاحقة.
سياسة خارجية جديدة
اعتبرت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية والمتخصصة بالشئون الأمريكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن ما يتردد عن اتجاه مصر نحو روسيا لتنويع مصادر السلاح خطوة جيدة جداً على المستوى السياسي والعسكري أيضاً.
وقالت بكر في تصريح لمصراوي أن تنويع السلاح، يجعل وضع مصر إقليمياً ودولياً أفضلا كثيراً منه في حال الاعتماد على دولة واحدة فقط.
وتوقعت بكر أن يكون هناك تنويعا لمصادر السلاح بشكل أكبر لحدوث تغييرا جذريا في مصر بعد 30 يونيو، مضيفة أن الدولة المصرية لم تعد تقبل بالخضوع لأي ضغوط او إملاءات خارجية سواء من الولايات المتحدة أو غيرها.
وأكدت بكر أن هذه الخطوة اذا تمت، ستبدأ معها مرحلة جديدة للسياسة الخارجية المصرية وللتحالفات المصرية على مستوى العالم، وترسل رسالة للحلفاء السابقين بأن مصر لم تعد الدولة التي تقول ''نعم'' دائماً وأن القرار المصري مستقل وعلى الجميع احترامه.
ولفتت إلى أن القرار الأمريكي بالوقف الجزئي والوقتي للمعونات العسكرية والاقتصادية كان بمثابة ''جرس إنذار'' لمصر بضرورة الابتعاد عن الهيمنة الأمريكية.
وأوضحت أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل قلقتان من التقارب المصري الروسي الجديد وقد ظهر هذا القلق بزيارة وزير الخارجية الأمريكي لمصر بشكل سريع فور الإعلان عن الزيارة المرتقبة للمسئولين الروس لمصر وتغيير لغة الحوار مع الإدارة المصرية الحالية، وقد كان حديث كيري أشبه بالغزل لمصر، على حد تعبيرها.
وتوقعت أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن تتبع الولايات المتحدة في الفترة المقبلة سياسة ''الجزرة'' وليس سياسة ''العصا'' في تعاملها مع مصر.
''نقطة تحول''
ومن جانبه، قال الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التقارب المصري الروسي الجديد يعتبر خطوة جيدة جداً وستكون نقطة التحول التي تؤكد نجاح 30 يونيو.
ووصف أحمد في تصريحات لمصراوي أن التقارب المصري الروسي هو بداية طريق الاستقلال الوطني، مشددا على أن هذا يتوقف على حسن إدارة هذه الخطوة.
وأوضح أن هذه الخطوة ستكون مثمرة إذا لم يتم التعامل معها على أنها خطوة لـ''مكايدة أمريكا'' ورداً على القرار الأمريكي بتعليق المعونة.
وأضاف سيد أن مصر لابد أن يكون لديها استراتيجية واضحة في الاتجاه شرقاً وأن يدرك القائمين على إدارة البلاد أن العالم ليس فقط الغرب وأمريكا.
وأشار إلى انه ينظر إلى خطوة التقارب نحو روسيا على أنها خطوة في البداية الجديدة لمصر وفي طريق تحقيق الاستقلال الوطني، ولكن الاستقلال الكامل لن يتحقق إذا ظل الاقتصاد المصري تابعاً للغرب ومعتمداً عليه بشكل كبير.
وتابع ''تحقيق الاستقلال الوطني يعني بشكل أخر الانفتاح على جميع دول العالم دون أن يضع البيض كله في سلة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب''.
واتفق الدكتور رفعت سيد أحمد مع الآراء السابقة التي تؤكد قلق الولايات المتحدة وإسرائيل من التقارب المصري الروسي وهو أمر إيجابي ويؤكد أن مصر على الطريق الصحيح، مؤكداً أن الدليل على ذلك هي الوفود الأمريكية المتتالية لمصر والتي بدأها جون كيري بزيارته الأخيرة لمصر.
وحذر مدير مركز يافا للدراسات السياسية من محاولات الولايات المتحدة ابتزاز مصر والضغط عليها للتراجع عن تقاربها مع روسيا والاعتماد على السلاح الروسي، وقد يظهر هذا الضغط في صور عديدة.
يذكر أن وزيري الدفاع والخارجية الروسيين سيزوران القاهرة غدا لبحث سبل تطوير العلاقات بين البلدين، ويتردد أن مصر اقتربت من توقيع صفقة سلاح كبيرة مع روسيا خلال أيام.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: