الناجون من مزلقان الموت: ''هنعيش لمين؟'' - (تحقيق بالفيديو)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
تحقيق- محمد أبو ليلة:
لم يكن الفنان الراحل أحمد زكي يعلم أن كلمته الشهيرة في فيلم ضد الحكومة ''كلنا فاسدون''.. ستكون حديث المصريين ليل نهار، كلما ظهرت حادثة قطار جديدة، حيث أصبحت تلك الكلمة متداولة، تعبيرا عن سخط البعض مما ألت إليه الأحوال في منظومة السكك الحديدية، فمنذ عام حدثت كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها 52 طفل، واليوم حدثت كارثة جديدة قتل فيها 27 شخص من عائلة واحدة وأصيب 40 أخرين من نفس العائلة.
ما حدث بالأمس في مزلقان دهشور جذب انتباه القاصي والداني، نظرا لما مثلته تلك الحادثة من حالة نفسية سيئة على أسرة فقدت ثلثي أبناءها في لمح البصر، بسبب تقاعس عامل المزلقان عن أداء واجبه، أو لعله لم يجد الأساليب الكافية التي تساعده على تنبيه المارة.. تلك الأساليب التي توفرها له الدولة.
فرح يتحول لمأتم
خرجت عائلة إسحاق فوزي من بلدتها الصغيرة بمحافظة الفيوم، متجهة إلى القاهرة لحضور حفل زفاف أحد أقربائها، استقل أفراد العائلة أتوبيس صغير "ميني باص"، عدد ركابه 28 راكبا، لكن العائلة الصعيدية شأنها شأن كل أسرة مصرية تبحث عن سعادة وقتية في حضور حفل زفاف أو احتفال، فاصطحبت معها الصغير قبل الكبير،(فاقترب الأتوبيس من 40 راكب) واتجهت إلى قاعة دار الأشغال العسكرية بالمعادي.. مكان حفل الزفاف.
"بعد ما انتهينا من الفرح ودعت كل الأسرة، وركبوا الأتوبيس راجعين للفيوم، وأنا رجعت بيتي هنا في القاهرة، لكن القدر كان أقوى من أي حد، صحيت على الخبر الحزين، أبويا وأمي أخويا وولاده وولاد خالي ماتو في الحادثة".. قالها مجدي يوسف وعينه تلمع استعدادا للبكاء على عائلته التي قرر القدر أن يفرقهما إلى الأبد.
مجدي أوضح في تصريحات خاصة لمصراوي، أنه حينما علم بالخبر ذهب مسرعا إلى دهشور مكان الحادث، ليجد الأتوبيس مدمر بالكامل بعد أن صدمه قطار البضائع المتجه إلى الوادي الجديد.
وتابع "جاءت سيارات الإسعاف، القطار كان سحب الأتوبيس أمامه لأكثر من 3 كم، رجال الحماية المدنية جابوا منشار حدادي علشان يقدروا يطلعوا الأتوبيس من القطر".
بعد الحادث قامت سيارات الإسعاف بنقل الضحايا والناجين إلى عدد من مستشفيات الجيزة، حالات الوفاة اتجهت إلى 4 جثث إلى مستشفى الشيخ زايد و11 جثة أخرى إلى مستشفى السادس من أكتوبر، وأرسلت الحالات الحرجة إلى مستشفى الهرم وأم المصرين، ومعهم بعض حالات الوفاة.
الضحايا.. أطفال
التقارير التي حصل عليها مصراوي تؤكد أن مستشفى الهرم استقبلت 34 حالة، منهم 5 حالات وافيات, منهم طفلتان (لوسندا هاني نادي 3 سنوات، وميراي صالح 13 عام) قتلا، فور اصطدام القطار بالأتوبيس.
ولا تزال مستشفى الهرم حتى الآن، تأوي بين جنباتها، 12 طفل وطفلة مصابين، من تلك الحادث، بينهم الطفلة فارينا محروس صاحبة 12 عام، والتي يقول الأطباء أن حالتها خطيرة.
أحد الأطفال الناجين من الحادثة ميرنا حنا (17 عام)، كانت تجلس في أخر الأتوبيس، "واحنا راكبين الأتوبيس وراجعين من الفرح، دخلنا في طريق الجبل، وصلنا للمزلقان، من غير أي علامات أو نور، مكناش نعرفش أن فيه قطر، قام القطر صدم في الأتوبيس ومشي بيه 3 كم، وفي الاخر راح الاتوبيس اتفجر وولع أنا لقيت نفسي عايمة في وسط الرمل".. تقول ميرنا.
الموت "سهوة"
ذهبنا للقاء الناجين من الحادث، لكن حالتهم النفسية كانت في أدنى مستوياتها، فالصدمة لا تزال تسيطر على الجميع.. إسحاق فوزي صاحب 61 عام، انقذته العناية الإلهية من الموت، لكنه أصيب بكسر في الحوض.
حاول إسحاق استرجاع تفاصيل الحادث في تصريحات خاصة لمصراوي، وقال: "كنا راجعين في الميني باص بعد ما حضرنا فرح أحد أقاربنا، كنت قاعد في أول كرسي، وعندما ذهبنا لمزلقان دهشور، لا فيه إضاءات ولا إنذارات ولا نعرف أننا داخلين على مزلقان زي ده، الأتوبيس كان معدي ومهدي السرعة سمعنا القطر خبط العربية اللي أمامنا من الكبينة بتاعتها، جاء الدور علينا، القطر شاط الأتوبيس 3 كم قدامه".
ويضيف" كنا 40 فرد من أسرة واحدة في الاتوبيس، مات أخويا ومراته وزوجة أبنه ماتت هي وأولادها الثلاثة، وأنا بنتي ماتت وبنتها طفلة 15 سنة أتوفت، ولا يزال أبنها مصاب، الحمد لله اني رميته من شباك الأتوبيس أول ما اتصدم بين القطار، حرام اللي بيحصل ده كل يوم تموت، والمرة دي ماتت أسرة كاملة، يرضي مين ده، هنعيش لمين بعد كده؟"، يقول إسحاق وعلامات الحسرة لا تفارق وجهه الحزين.
أحدى المصابات سيدة في عقدها الخمسين حدث لها كسر في الفقرات وخلع في الكتف، واشتباه بكسر قدمها وذراعيها، قالت أبنتها في تصريحات خاصة "أختي ماتت، وعمي وولاده"، لكنها في الوقت نفسه عبرت عن استياءها من بعض التقصير في المستشفى، مضيفة" من كثر الحلات المستشفى مش ملاحقين، طفلين مصابين كانوا على سرير واحد، واحدة منهم حالتها حرجة".
شقيقة والدتها المصابة، حملت الدولة المسؤولية كاملة عن وقوع الحادث، قائلة: "معقول مفيش عسكري ولا أي إشارة على المزلقان، الباقيين ماتوا؟".
حالات خطيرة
في السياق ذاته قال الدكتور سليم النمر، استشاري الجراحة بمستشفى الهرم، قال أن هناك مصابين لديهم كسر، أحدهم فقد أصبعه، نتيجة الحادث، مضيفا أن هناك 3 حالات خطيرة، وباقي الحلات مستقرة ومتوسطة.
"هناك طفل اسمه مارتن اصابته خطيرة، مصاب بنزيف في المخ، وبيشوي طفل أخر عنده عدم استقرار في العلامات الحرارية، وعنده كسر في رجليه، وهناك طفل آخر اسمه بولا، جاله اشتباه نزيف، والخامس بتاعهم يدعى بيتر لديه نزيف ويجرى له عملية جراحية".. يتابع استشاري الجراحة بالمستشفى.
الوضع لم يختلف كثير في مستشفى أم المصريين فقد استقبلت تلك المستشفى 7 حالات اصابة و7 حالات وفاة بينهم طفل ذو 3 سنوات يدعى ديفيد عماد محروس زكي.
"كل قرايبي سابوني، هعيش لمين تاني" قالتها سعاد حنين بحرقة، وتابعة ساعد صاحبة 26 عام أنه حينما أصطدم القطار بالأوتوبيس، تم تدمير الكرسي الذي كانت تجلس عليه بالكامل،" الأتوبيس اتدمر، كل اللي قدام ماتوا".
سمير جرجس (60 عام) يقول "بعد ما القطر صدمنا، لاقينا نفسنا بنطير في الجبل اللي مات مات واللي عاش عاش، فيه عربيات كانت قدامنا لكن لم تكن هناك علامات ولا أي شيئ، القطر رمانا لمسافة بعيدة، السبب الرئيسي هم العاملين في المزلقان وإهمال من الحكومة، ابني ومراتي مصابين".
لكن نجيبة معوض زوجة سمير والتي ترقد بجواره في مستشفى أم المصريين، تتذكر جيدا لحظات ما قبل الحادث، حيث تقول"وانا في الأتوبيس نزلت على الأرض أجيب زجاجة الماء أشربها، لاقيت القطر دخل فينا فجأة، حارس المزلقان انسان مهمل ربنا هيحاسبه، الأتوبيس كان بيتمرجح بينا".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: