أبرز الأزمات التي واجهتها لجنة الخمسين لتعديل الدستور
كتب ــ عمرو والي:
أيام قليلة تفصلنا عن التصويت النهائي على الدستور الجديد، والذي استمرت لجنة الخمسين المنوطة بتعديله في العمل عليه لمدة 60 يوم عمل منذ سبتمبر الماضي، وفق ما حددته خارطة الطريق، على أن تنتهى الاثنين المقبل، وشهدت اللجنة على مدار عملها عدد من الأزمات، نستعرضها في السطور التالية.
واعلن محمد سلماوي المتحدث باسم لجنة الخمسين، في مؤتمر صحفي، أن المواد الكاملة للدستور بلغت 241 مادة منهم 51 في المقومات الاساسية و58 في الحقوق والحريات و132 مادة في نظام الحكم وهناك 39 مادة مستحدثة .
خلافات تنظيمية
وكانت أولى الأزمات في مرحلة اختيار أعضاء اللجنة حول المعايير التي أعلنتها الرئاسة وتسبب ذلك في انقسام بين مختلف الفئات حول عدد المقاعد لكل منهم، واعترض وقتها عدد من الأحزاب وممثلو التيار الإسلامي، والمرأة، وشباب الثورة، والنقابات العمالية وغيرهم .
وشكل مكان انعقاد الجلسات أزمة أخرة بسبب خلافات حول المادة الرابعة من اللائحة الداخلية والتي نصت على عقد الجلسات بمجلس الشورى أو انعقادها بمكان مقترح من هيئة مكتبها وتم حسم الأمر بالالتزام بنص قرار رئيس الجمهورية وعقدها بالشورى.
ومع عقد اللجنة جلساتها نشبت بعض الاختلافات حول اختيار مقرري اللجان الفرعية وأعضائها، تبعها سرية جلسات التصويت على المواد الخلافية وحجبه عن الرأي العام واستبعاد الأعضاء الاحتياطيين من حضور المناقشات الخاصة بمواد الدستور في الجلسة العامة للتصويت المبدئي ووصل إلى إقدام البعض علي الاستقالة.
وقد عُقدت عدد من الجلسات لمحاولة إيجاد حلول لها دون جدوي حيث أعرب الاحتياطيين عن استيائهم بسبب أسلوب تعامل اللجنة معهم، والذى وصفوه بالمرفوض خاصة فيما يتعلق بملاحظاتهم على المواد التي لم تلق أي اهتمام.
دعوى تكرار البطلان
وواجهت اللجنة أزمة متكررة تمثلت في تهديدها بالبطلان بعد عدد من الدعاوى القضائية ضدها منها بسبب أعمال اللجان الفرعية المنبثقة لمخالفتها بيان وزير الدفاع والإعلان الدستوري، ومنها من منطلق تكليفها بتعديل الدستور 2012 والذى صدرت أحكام ببطلان لجنة تأسيسه من الأصل، وأخرى بوجود شخصيات داخلها تواجه بعض الشبهات بالإضافة إلى الجدل القانوني والدستوري حول مدة عمل اللجنة وهل هي 60 يومًا كما أشار الإعلان الدستوري، أم 60 يوم عمل حسب نص القرار التنفيذي.
وجاءت هذه الدعاوى القضائية بعد قرار محكمة القضاء الإداري، بتأييد تشكيل لجنة الخمسين، وأكدت أنه صدر متفقا مع صحيح حكم القانون والإعلان الدستوري .
مواد خلافية
وجاءت المواد الخلافية بالدستور لتشكل أبرز المعوقات التي عانت منها اللجنة ويمكن تفنيدها كما يلي :
ـ المادة 219 : والتي نصت في الدستور المعطل على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة"، حيث تمسك حزب النور السلفي بها وهدد مرات بالانسحاب من اللجنة نتج عنها حالة من الشد والجذب انتهت بالاستقرار علي حذفها بعد التوافق مع النور والإبقاء على المادة الثانية كما هي .
ـ الضرائب التصاعدية: التي شهدت جدلا واسعا وتأجلت مناقشتها أكثر من مرة تم حسمها بوضع نص توافقي دون أن تكون بالنظام الضرائب الرئيسي أو أن يتم تحديد الجهات التي تطبق عليها وتركها للقانون.
ـ إلغاء نسبة العمال وفلاحين: وتسبب في حالة من الجدل بين فريق رأي أهمية إلغاءها نتيجة التحايل عليها وعدم التمثيل الحقيقي لهم، في حين اعتبرها آخرون خطا أحمرا لا يجوز المساس به وسط تهديد بحشد الفئتين بـ لا للتصويت على الدستور .
ـ توزيع النسب: وشملت توزيع المقاعد على الفئات المهمشة ونتيجة للخلافات المتعددة تم رفض مبدأ الكوتة، والاكتفاء بوضع نسبة 5 في المئة من أعضاء مجلس الشعب بالتعيين على اعتبار أنها ستكون تعويضاً للفئات المهمشة.
ـ إلغاء مجلس الشورى: وشهد حالة من الانقسام بين القوى السياسية بعد جلسة عاصفة استمرت حوالي 5 ساعات شهدت خلافات حادة بين الأعضاء، حيث حظي القرار بموافقة 23 عضوًا مقابل 19 صوتًا. وسط اقتراحات من حزب الوفد بنص انتقالي يعطي مجلس الشعب المقبل إنشاء غرفة برلمانية ثانية بعد 5 سنوات .
ـ أزمة الديباجة: وهو الاقتراح الذى تمسك به حزب النور، واعتبرته الكنائس الثلاث نقطة فاصلة في استمرارها بلجنة الخمسين، حيث يصر الحزب السلفي علي وضع تفسير كلمة مبادئ في الديباجة وحذف كلمة مدنية الدولة، وهو الموقف الذى يؤيده أيضا الأزهر، ولم تصل المشكلة إلى حل نهائي .
ـ المحاكمات العسكرية للمدنيين: وهى من اكثر المواد الخلافية التي تسبب إقرارها في غضب القوى الثورية بعد نقاشات بدأت بتشكيل لجنة مصغرة تضم في عضويتها مندوبين عن وزارة الدفاع -بخلاف ممثل القوات المسلحة بلجنة الخمسين- لمناقشة المادة، وانتهاءً بلقاء رئيس لجنة الخمسين بوزير الدفاع لمناقشتها.
ـ مواد السلطة القضائية: فنشبت معركة القضاء التأديبي، بين النيابة الإدارية، ومجلس الدولة ، حيث هددت النيابة الإدارية بوقف العمل والامتناع عن الإشراف علي الدستور إن لم يستجب لمطالبها، التي اعتبرها مجلس الدولة مجرد مطالب فئوية .
ـ النظام الانتخابي: فبعد خلافات داخل اللجنة حول تحديده في الدستور أو تركه لقانون يصدره رئيس الجمهورية حسمت الخمسين الأمر بإقرار وضع مادة انتقالية تتيح إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام الثلثين للفردي وثلث للقائمة على أن يأخذ بها رئيس الجمهورية خلال إعداد قانون الانتخابات في ضوء ما انتهت إليه اللجنة ، الأمر الذى ترتب عليه انسحاب محمود بدر ممثل " تمرد".
"ظاهرة صحية"
وتعليقاً على هذه الأزمات قال الدكتور جهاد عودة ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ، إن ما يواجه اللجنة هي مجرد عقبات طبيعية لا تعطل عملها، مشيراً إلى أنها ظاهرة صحية لإخراج دستورًا جديدًا .
وأضاف عودة لمصراوي أن كل هذه المشكلات سيتم حلها بالحوار بالإضافة إلى التصويت النهائي بما قد يغير أو يحسم مصير مواد كثيرة مشيراً إلى أن مشكلات اللجنة الحالية تتعلق بمطالب فئوية بحتة .
واستبعد عودة فكرة تعطيل عملها أو تأثرها خاصة مع حرص الجميع على الالتزام بخارطة الطريق المعلنة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: