كمال أبو عيطة: الشعب سيسقط الحكومة إذا تصالحت مع الإخوان
القاهرة - مصراوي:
في حديث خاص مع موقع swisinfo، شرح كمال أبوعيطة، وزير القوى العاملة والهجرة الأسباب التي جعلته يتولى - بعد أكثر من 40 عاما من النضال النقابي - منصب وزير في حكومة الببلاوي. في الأثناء، اعتبر أن ما حدث في مصر يوم 3 يوليو 2013 هو ''استعادة للشرعية''، ويرى أن الشعب لن يقبل أي مصالحة مع ''من حمل السلاح ولا زال يحمله حتى اليوم''، على حد قوله.
في موفى شهر أكتوبر 2013، شارك السيد كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة والهجرة المصري في أشغال الدورة 319 لمجلس إدارة منظمة العمل الدولية المنعقدة في جنيف.
وقال swisinfo إن الوزير المصري أطلع إدارة منظمة العمل الدولية على الجهود التي تبذلها السلطات الحالية من أجل رفع اسم مصر من ''القائمة السوداء'' التي تشمل الدول التي لا تحترم الحريات النقابية، بعد أن أدرجت عليها في شهر يونيو 2013. وفيما يلي نص الحوار:
بحكم نضالكم النقابي الطويل، كيف تحكمون على تولي منصب وزير القوى العاملة والهجرة في الظروف الحالية التي تمر بها مصر؟
الوزير كمال أبو عيطة: لقد سبق وأن رفضت هذا المنصب أثناء قيام الثورة لما طلب مني رئيس الوزراء الفريق شفيق أثناء حكم المجلس العسكري الذي كان يتولى كافة السلطات التشريعية والتنفيذية لأنني رأيت أنه من غير اللائق لشخص مثلي أن أتولى منصبا في حكومة لا أملك فيها قراري. إضافة إلى اختلافي أصلا مع الفريق شفيق لكونه كان ينتمي إلى النظام السابق. إذ لا يُعقل لشخص مثلي شارك في هذه الثورة ليس لثمانية عشر يوما بل لأكثر من أربعين عاما، وقضى قسما هاما من حياته في سجون الوطن من أجل رحيل هذا النظام، أن يقبل المشاركة تحت قيادة أحد ممثلي هذا النظام. هذه المرة لم يكن أمامي طريق للهروب من المسؤولية، وقدمت بُدلاء عني، كما قدمت طلبات محددة أرى أنها طلبات الشعب المصري التي صاغها في ثورته في 25 يناير، وفي 30 يونيو. وهذا ما وضعته أمام السيد رئيس الوزراء الحالي ونوابه. وقد تم إقرار ذلك وطُلب مني أن أشرع في تنفيذها، وقد نفذتُ جزءا منها والباقي سأكمله بإذن الله.
ما هو ردّكم على من ينتقد السلطة الحالية في مصر على أنها لم تحترم الشرعية؟
الوزير كمال أبو عيطة: بالعكس أنا أرى أن ما نعمله اليوم هو استرداد للشرعية المصرية التي سُرقت منا طوال أربعين سنة. أنا أشارك في حكومة تسترد الدولة الوطنية المصرية التي سُلبت من قبلُ على أيدي استبداد واستغلال وفساد مبارك، وسُرقت مرة أخرى منا على أيدي الإخوان المسلمين بمزيد من الإستبداد والفساد. فأنا من موقعي كنقابي وقائد عمالي شاهدتُ في العام الواحد من حكم الإخوان المسلمين ما لم أشهده طيلة حياة نظام مبارك: عمال مصر يُفصلون بالجملة وبمباركة من النظام الحاكم. شاهدت عمال شركة الإسكندرية للإسمنت تُطلق عليهم الكلاب المتوحشة.
شاهدت اعتداء قوات الأمن التابعة للرئيس مرسي على المعاقين، وسحلهم وإهانتهم وهم يطالبون بتنفيذ قانون العمل الذي يُلزم أصحاب العمل والحكومة بتعيين 5% من القوى العاملة من ذوي الإعاقة. نسبة النقابيين الذين تم فصلهم في عام واحد من حكم الإخوان يفوق بـ 12 مرة ما تم فصلهم في الخمس سنين الأخيرة الأكثر تعاسة في حكم نظام مبارك.
لما كنت أطالب بالحد الأدنى للأجور في البرلمان، كان النواب الإخوان يرفضون ذلك بشدة لأنهم كانوا أكثر رأسمالية من عُتاة الرأسماليين في العالم. وبالنسبة للحريات النقابية، وعلى الرغم من إقرارها من قبل كتلة القوى العاملة التي كنت أمثلها في البرلمان، رفض الممثلون الإخوان بحكم تفوقهم العددي اعتماد ذلك. وقد كذبوا على اجتماع منظمة العمل الدولية في جنيف في يونيو الماضي لما ادعوا أن القانون ذهب إلى مجلس الشورى وهو لم يذهب إلى أي جهة بل عرقلوه وفعلوا أشد مما كان يفعله مبارك.
إضافة إلى أن فترة تولي مرسي عرفت موجة ارتفاع للأسعار وعدم قبول لرفع الأجور. وقد شاهدنا في هذه الفترة أكبر موجة لتخريب الصناعة المصرية، كما تعرض الفلاح المصري صاحب هذه الحضارة التي أنتمي إليها إلى أعلى موجة من ارتفاع مستلزمات الإنتاج، وأكبر موجة من الحرمان من الحقوق البسيطة في مجالات التأمين الصحي أو الإجتماعي، لأن طبيعة الإخوان ينتمون الى النشاط الاقتصادي الفردي ولأحط أشكال الأداء الرأسمالي، والأداء الإستهلاكي فقط. إنهم يحتقرون الزراعة والصناعة ويعتمدون على التجارة فقط.
هذا العام من حكم الإخوان، أنا أرى فيه كابوسا أسود، وكبسولة مركزة لخصت استبداد وظلم حكم نظام مبارك. فقد عرف نظام مرسي إسهالا في إصدار التشريعات ومن ضمنها الإعلان غير الدستوري الذي جعل نفسه حاكما مستقلا، قيّد أحكام القضاء بالإعلان الدستوري من جهة وبإرسال ميليشياته لمحاصرة المحكمة العليا.
فهذه الدولة المصرية العريقة لم تشهد في حياتها اعتداء على كرامتها وعلى استقلالها وسيادتها على أرضها، كما تعرضت في هذا العام الذي حكم فيه الإخوان. فقد حاولوا اختراق النقابات بتعيين مناصرين لهم لا علاقة لهم بالعمل النقابي، ونفس الشيء بالنسبة للمؤسسة العسكرية والمؤسسة القضائية التي لم يستطع حتى مبارك اختراقها. بالنسبة للخارجية، كان للرئيس أحد أبناء عشيرته يشتغل في موازاة شغل الخارجية المصرية. باختصار حاولوا أخونة كل شيء في مصر. أنا ألوم كل من يكتب بأنهم كانوا فاشلين كما يقول البعض، لأننا كلنا عرضة للنجاح أو الفشل، بل كانوا يملكون برنامجا معاديا لتوجهات الشعب المصري، ومتحديا للثورة المصرية وعكس خط سير الثورة المصرية، وهذا هو سر الصدام. أرجو أن يصل هذا الشعور لأصدقائنا وزملائنا في الغرب.
وما هو الحل اليوم في نظرك كنقابي سابق؟ فهناك من يدعو للحوار وهناك من يرفض. في تونس لعبت النقابة دورا في التوفيق بين حركة النهضة والتيارات الأخرى، هل لديكم في مصر صوت يحاول أن يجد مخرجا لهذه الأزمة؟
الوزير كمال أبو عيطة: هناك صوت الشعب المصري كله. وحكومة هذا الشعب مستعدة للتعامل مع أي مصري حتى الذي هو مختلف معنا سياسيا. ولكن عندما تردد حديث في داخل الحكومة حول مصالحة وكلام من هذا القبيل، ولدينا وزارة للعدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية، ظهر غضب شعبي منا. ويتمثل هذا الغضب في رفض الشعب المصري لأن نتصالح مع من حملوا السلاح ولا زالوا يستخدمونه حتى هذه اللحظة، ومن قتلوا أبناءه. فلو قررت الحكومة الحالية التصالح مع حملة السلاح في سيناء أو في الإسماعيلية أو في القاهرة أو في جامعة الأزهر، فإن الشعب المصري سيُسقطها، ويأتي بحكومة قوية، تبتر بيد من حديد أيدي القتلة الذين يستخدمون السلاح. واسمحوا لي بأن أسأل بدوري الغرب: كيف يتعامل مع الإرهاب في بلاده، وهل هناك مصالحة معه؟ هل يقبل الغرب حرق الكنائس والمعالم الأثرية والجامعات ووزارة المالية وحرق مستندات معينة؟
لكن هناك من يقول أيضا أن ما يتم اليوم هو محاولة لإعادة نظام مبارك إلى السلطة؟
الوزير كمال أبو عيطة: هذا ما قد يكون من غرائب الدنيا. لا يُمكن على أي نحو عودة مبارك أو مرسي. نحن نعتقد في قدرة الشارع المصري، وأنا أنتمي إليه ولا زلت أنتمي إليه، ومن يتحدث عن قدرة مبارك أو مرسي في العودة فإننا نعتبره ساذجا. فالحكومة التي أنتمي إليها، وفي حال فشلها في تحقيق أهداف الناس، بالإمكان خلعها أو سجن أعضائها، لكن العودة الى النظامين السابقين هذا أمر مستحيل.
ذكرتم أن قبول المنصب جاء بعد القبول بشروط ''تعكس مطالب الشعب''، هل تحقق شيء من تلك المطالب؟
الوزير كمال أبو عيطة: كُنت صاحب شعار ''حد أدنى في الأجور لساكني القبور، وحد أقصى في الأجور لساكني القصور''. وحتى ولو أننا في فترة انتقالية، وليس ''انتقامية''، استطعنا أولا رفع الأجر الأدنى لحد 1200 جنيه وهذا قبل ثلاثة أسابيع. الإنجاز الثاني أنه قبل أسبوع تم ضخ استثمارات كبيرة لتشغيل المصانع الحكومية التي كانت متوقفة طوال الثلاث سنوات الأخيرة وتُدفع أجور العمال من خزينة الدولة، بدل بيعها... وهذا يُعتبر في نظري من القرارات التاريخية التي ترقى إلى مستوى قرار تأميم قناة السويس.
بالنسبة لمعامل القطاع الخاص هناك حوالي 4600 مصنع تم إغلاقها بمجرد تولي الإخوان السلطة، البعض خوفا من تدخل الإخوان في الأنشطة الاقتصادية الخاصة، والبعض الآخر للخوف من اعتبارها معامل أقيمت في عهد مبارك وقد يتم حرقها (وقد طلبت كوزير العمل من مدير منظمة العمل الدولية مساعدتنا بالخبرات المختصة في التشغيل الذاتي، وأعلم أن الأرجنتين فيها خبرات متميزة في هذا الميدان). أما من عليه مديونية، إما بسبب استهلاك الطاقة أو القروض البنكية، تحاول هذه الحكومة مساعدته على الحصول على إعادة جدولة لتلك الديون.
صدور قرارات لدعم الفلاح المصري لكي يستطيع القيام بعملية الزرع، وتوفير السماد الذي كان يشتريه من السوق السوداء، وتقديم سعر ضمان للفلاح، لطمأنته أنه سيكون له عائد من عملية الزرع. وهناك جملة من الإجراءات التي تدخل في إطار العدالة الاجتماعية مثل إعفاء طلبة المدارس العمومية من الرسوم كلية لأنهم غالبا من أبناء الطبقات الفقيرة، وتقديم وجبة إجبارية لتلاميذ المدارس. وقبل يومين تم اتخاذ قرار بإعفاء المشاريع الصغيرة من الضرائب، في الوقت الذي كان فيه نظام مبارك ونظام الاخوان يعتمدان على توسيع قاعدة المجتمع الضريبي لكي تشمل الفقراء ولكي نريح الأغنياء، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين ممن استفادوا من القروض الصغيرة وفشلوا في إنجازها والتسديد عنهم.
في قضية إدراج اسم مصر من قبل منظمة العمل الدولية ضمن القائمة السوداء للدول التي لا تحترم الحريات النقابية، ما الذي استطعتم تحقيقه خلال هذه الزيارة لجنيف؟
الوزير كمال أبو عيطة: انتهينا مؤخرا من إعداد مشروع قانون جديد خاص بالتنظيم النقابي، وهو الآن يُناقش في مجلس الوزراء. كما يتم تعديل كافة تشريعات العمل التي كانت تظلم العمال تحت نظام مبارك ونظام الإخوان وتؤدي الى فصلهم تعسفا. وقد تم إلغاء نظام التأمين الإجتماعي الظالم الذي كان يسرق أموال المؤمَّنين. هذا القانون الخاص بالتنظيم النقابي الذي أعددناه بالتشاور مع الجميع، والذي ينظر فيه مجلس الوزراء، قدمنا نسخة منه الى منظمة العمل الدولية. وبمجرد مصادقة مجلس الوزراء عليه سيتم رفعه الى رئيس الجمهورية لكي يُمضيه، وعندها يتم رفع اسم مصر من القائمة فورا. وللعلم، فإن كل القوانين التي تم اتخاذها أثناء المرحلة الإنتقالية ستكون عرضة للمراجعة بمجرد تشكيل البرلمان المنتخب الجديد.
ويجب أن نشير إلى جهود تقوم بها الحكومة الحالية لاحترام الحريات وللتعبير عن المطالب الشعبية، مثل إنشاء مجلس قومي لحقوق الإنسان به خيرة الخبراء المصريين في هذا المجال وممثلة فيه منظمات المجتمع المدني واختيار أعضاء في لجنة صياغة الدستور بشكل لا تكون فيه غلبة لطرف على طرف آخر، وهذا عكس ما قام به الإخوان بفرض غالبية من أعضائهم والدفع إلى سن قوانين موالية لهم بما فيها قرار إبقاء مرسي بعد المرحلة الإنتقالية وبعد الإنتهاء من صياغة الدستور، وهو ما أدى إلى إسقاطهم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: