''حماس'' .. من المقاومة إلى السلطة
كتبت – هند بشندي:
ستة وعشرون عاما، مرت على تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ففي 14 من ديسمبر عام 1987 أصدرت الحركة بيانها الأول من غزة، وفي 18 أغسطس 1988، أٌصدر ميثاق الحركة.
حماس'' هو الاسم المختصر لـ''حركة المقاومة الإسلامية''، وهي حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال الغاصب، هكذا تعرف الحركة نفسها.
النشأة
الحركة هي امتداد لحركة الإخوان المسلمين، حتي ان ميثاقها استهل بكلمة حسن البنا ''تقوم إسرائيل وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها''.
لذا في ان جذورها تعود إلى الأربعينات من القرن الماضي، حيث عملت ''حماس'' تحت أسماء أخري منها ''المرابطون على أرض الاسراء'' و''حركة الكفاح الاسلامي''.
وقد صدر البيان الأول عن حركة المقاومة الاسلامية ''حماس'' ردا على حادث الاعتداء الذي نفذه سائق شاحنة إسرائيلي في 6 ديسمبر1987، ضد سيارة صغيرة يستقلها عمال وأدى الى مقتل أربعة فلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين.
الجناح العسكري
دخلت الحركة طوراً جديداً منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في نهاية عام 1991، وفي ديسمبر 1992 نفذت الحركة عملية أسر الجندي نسيم توليدانو، للمبادلة بالشيخ أحمد ياسين وعندما لم تتجاوب الحكومة الإسرائيلية تم قتل الجندي.
4562 هو رقم العمليات التي قامت بها كتائب القسام وفقا لآخر احصاء عام 2009 على موقع الكتائب الرسمي، خلال فترة استمرت نحو عشرون عاما، وكان أبرز هذه العمليات اسر الجندي جلعاد شاليط، بعد ان استهدفت العملية مدرعة إسرائيلية في موقع كيريم شالوم العسكري، وانتهى هذا الهجوم بمقتل جنديان إسرائيليين وإصابة 5 آخرين بجروح وأسر شاليط.
حماس والسلطة
ترى حركة المقاومة الإسلامية ''حماس'' أن ''سلطة الحكم الذاتي'' ليست أكثر من إفراز من إفرازات اتفاقات التعايش مع إسرائيل وتؤمن الحركة أن إسرائيل وافقت على إقامة هذه السلطة لتحقيق مجموعة من أهدافهم الآنية والبعيدة .
ومع ذلك خاضت حماس الانتخابات التشريعية عام 2006 ، وفازت في هذه الانتخابات لتتصدر المشهد بدلا من حركة فتح، لتندلع بعدها صراعات دموية بينها وبين حركة فتح انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، الأمر الذي دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الإعلان عن حل حكومة الوحدة الوطنية.
ويري دكتور سمير غطاس، المحلل السياسي ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، ان حماس خلال سته وعشرون عاما، تغيرت بشكل كبير، وهذا التحول مر بعدة مراحل، كان من ضمن هذه المراحل، مرحلة اعتلاء السلطة..
بداية التحول
لكن اعتلاء السلطة لم يكن بداية التحول الذي شهدته ''حماس'' وفقا لغطاس، فبداية التحول حدثت في أعقاب اغتيال خمسة من مؤسسي الحركة، أبرزهم الشيخ أحمد ياسين، صلاح شحاده قائد الجناح العسكري، وعبد العزيز الرنتيسي الرجل الأقوى في الجماعة، وإسماعيل أبو شنب مسئول التنظيم.
فيشير ''غطاس'' ان عقب اغتيال قاداتها، لم تحاول ''حماس'' حتي مجرد الثأر من اغتيال مؤسسيها، لتستمر خطاب مفعمة بالشعارات، واستشهد المحلل السياسي على ذلك بتهديدات حماس السابقة (لن يبقي اسرائيلي واحد اذا مست شعرة من أحمد ياسين) ليقول ''لم تحاول الرد، ولم تقم حتي بعملية فاشلة للرد على اغتيال أحمد ياسين...استمر اغتيال القادة، ولم تحاول الثأر''.
لكن التحول الشديد لدي ''حماس'' وفقا لغطاس، جاء بسبب الانخراط داخل العملية السياسية رغم ان حماس كانت ترفض من قبل، فقد دعيت عام 1994 لانتخابات تشريعية ورئاسية ورفضت لانها نتاج لاتفق اوسلو الذي رفضته، فقد رفضت حماس كل ما يجري في ظل سلطة الحكم الذاتي التي كانت تصفه بالـ ''الحكم الزاني''.
لم يتغير شي لم يتغير الاحتلال لكن حماس تغيرت وقبلت الدخول في العملية السياسية بنفس الشروط وهذا كان التحول الأساسي الكبير ومنعرج مهم في مسارها السياسي –وفقا لغطاس-.
تكشف عن وجهها
يقول سمير غطاس، ان عندما استلمت السلطة كشفت عن وجهها الحقيقي، فانفردت وحدها بالسلطة ورفضت مشاركة كافة المنظمات الأخرى.
رفضت فتح المشاركة في الحكومة لكن باقي الفصائل الفلسطينية حاولت ان يكون لها مكان إلى جوار حماس في السلطة، لكن حماس لفظت كل هذه الفصائل، كانت هناك مفاوضات أخيرة بينها وبين الجبهة الشعبية لكنها رفضت شرطين اولا الاعتراف بمنظمة التحرير ممثل شرعي وحيد والثاني اعتراف بحقوق المرأة الفلسطينية وتطويرها.
رفضت حماس بشده هذه الشروط ومن ثما انفردت وحده بالسلطة ثم تعثرت وقامت بانقلاب عسكري في يونيو 2007 واستولت وحدها بقوة السلاح على السلطة وفصلت قطاع غزة نهائيا عن الضفة الغربية –وفقا لرئيس منتدى الشرق الأوسط-.
ومنذ ذلك الحين بذلت محاولات حثيثة لاستعاده وحده الشعب الفلسطيني، لكن حماس كانت ترفض دائما، ونتيجة ضغوطات، تم اتفاق القاهرة رفضته حماس في البداية، لكن بعد 6 شهور عادت ووقعت عليه ومنذ هذا التوقيع تعثر تطبيقه حتي جري اتفاق في الدوحة، وقعه القيادي بالحركة خالد مشعل منفردا، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ''أبو مازن''، ويقضي الاتفاق بإقامة حكومة انتقالية تهدف إلى اجراء انتخابات، وحتي الآن نترفض حماس إجراء هذه الانتخابات.
عباءة الإخوان المسلمين
ويضيف ''سمير غطاس'': بعد تحول حماس ودخولها العملية السياسية، عادت مرة أخري لعباءه الإخوان المسلمين التي كانت تماطل كثيرا بالإعلان عن نسبها الأساسي لها؛ لأنها كانت تعرف الموقف السلبي للشعب الفلسطيني منها.
ويقول: كانت تختفي وراء اسم حماس ولا تجاهر بانها فرع من فروع الإخوان الا ان وصلت إلى السلطة ووصل الإخوان للسلطة في مصر كشفت عن وجهها الحقيقي وعادت لعباءه الإخوان؛ فكتبت على الجدران في كل قطاع غزة ''حركة حماس هي الذراع العسكري لحركة الإخوان''، ومن ثم كشفت قياداتها عن علاقتها العضوية كفرع من فروع الاخوان.
هذا التحول نتج عنه تحول اخر، فتركت حماس ما يسمي بمحور المعارضة أو الممانعة التي كانت تنضم اليه خلف إيران وسوريا وانتقلت بعد فوز الإخوان في الانتخابات بمصر إلى محور اخر هو محور (قطر - الإخوان المسلمين- تركيا) وهذا أحدث هزة شديدة داخل الحركة يهددها بانقسام حقيقي داخلي –وفقا لغطاس-.
التخلي عن شعار المقاومة
التطور الأساسي، يرصده ''غطاس'' وهو قبول ''حماس'' في ظل حكم الإخوان في مصر وبضغط من الرئيس السابق محمد مرسي التخلي شعار المقاومة الفلسطينية.
وقبلت حماس لأول مرة في تاريخ اتفاقات التهدئة، ان توصف أعمالها بالعدائية، ووافقت على البند الثاني الذي نص على ان يوقف الجانب الفلسطيني أعماله العدائية ضد إسرائيل.
ومنذ ذلك الاتفاق ''في 15 نوفمبر 2012'' الذي وقعه ''مشعل'' في القاهرة برعاية مرسي ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، وحتي الآن لم تقم الحركة بعمل عسكري واحد..
وصرح قادة إسرائيليين ان هناك تفاهمات قوية بين إسرائيل وحماس، وهناك 800 عنصر عسكري من حماس يحرسون الحدود ليلا ونهارا والسجون مكتظة بمن يحاولون القاء صواريخ أو القيام بعمليات ضد إسرائيل من الحدود المشتركة بين غزة وإسرائيل.
ويري ''غطاس'' ان حماس في الوقت الحالي في حيرة شديدة؛ لأنها خسرت في تحالفاتها الجديدة ركن الإخوان المسلمين، كما انها ''محرجه جدا'' في تحالفها مع قطر باعتبار ان قطر لديها أكبر قاعدتين عسكريتين أمريكيتين ولها علاقات مميزه جدا مع إسرائيل لا يمكن اخفاءها.
ويقول أن هذه الحيرة، تتزامن مع محاولة استعاده مكانتها لدي إيران، في الوقت الذي وضعت فيه إيران عدة شروط للتحالف، كما ان الجانب الإيراني نفسه يشهد تحولات محرجة لحماس لأنها حولت ''الشيطان الأعظم'' الولايات المتحدة كما كانت تسميها، إلى دولة يمكن التحاور معها.
وبالتالي يرصد ''غطاس''، أزمة حقيقية تعيشها حماس في الوقت الراهن، في الوقت الذي ترفض فيه بشكل قاطع ودائم اللجوء للانتخابات والعودة لحكم الشعب الفلسطيني مرة أخرى.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرةللاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: