لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الشيخ ''كشك''.. ضرير ''شاكس'' النظام من منبر ''عين الحياه''

08:55 م الجمعة 06 ديسمبر 2013

كتب- محمد مهدي:

بخطى حثيثة وئيدة يشق صفوف الجموع بداخل مسجد ''عين الحياه'' بمنطقة حدائق القبة في محافظة القاهرة، المكتظ عن أخره بالحضور، متكئًا بيديه على كتف تابعه، يصعد المنبر، يوجه جسده نحو القادمين من أنحاء العاصمة الكبرى والمحافظات المختلفة المتشوقين لرؤيته والانصات لكلماته، يُعدل بيده اليمنى نظارته السوداء ممسكًا باليسرى الميكرفون، يشخص برأسه لأعلى، يتلو أسماء الله الحسنى بشغف، ليرد عليه الحضور بحماس وصخب، كبداية اعتيادية لكل خطبه التي اشتهرت سريعا، وذيع بها صيت الشيخ ''عبدالحميد كشك'' في ربوع مصر.

''كشك'' ولد في عام 1933 بقرية شبراخيت بالبحيرة، اشتهر بلغته الفصحى البليغة، ودعابته الفصيحة، ونقده اللاذع، والحديث الأني فيما يدور داخل الدولة من أخبار السياسة والفن والأدب والحوادث، لتُصبح خطب الطالب الأزهري ''الألفة'' بين زملائه في كلية أصول الدين، أقرب لـ ''توك شو'' أسبوعي، يأتي إليها الناس من كل صوب وحدب، ينهلون خلالها من علم وحديث الشيخ الذى فقد بصره في صغره بسبب وصفات شعبية من حلاق القرية أضرت بعينه، أفقدته الأولى، وبقت الثانية لسنوات قبل أن يذهب منها النور تمامًا، يتفرغ بعدها لحفظ القرآن الذي أتمه في سن مُبكر من عمره.

''أنا خادم الإسلام، ومُبلغ رسالات الله''.. قالها الشيخ ''كشك'' عن نفسه، لذا تمسك بوجوده على منبر الخطابة، منذ أن ألقى أول خطبة له بالجامع ''الوسطاني'' بقريته، يشكو فيها من سوء إدارة المستشفيات بشبرا الخيت وهو مازال مراهقًا، حتى تعينه إمامًا وخطيبًا عام 1961 بمسجد الطيبي بالسيدة زينب، وانتقاله إلى مساجد أخرى، ثم مسجد ''عين الحياه'' الذي بقى يخطب فيه حتى اعفائه عن عمله، في عام 1982 بعد خروجه من سجن ''أبوزعبل'' الذي حُبس فيه بقرار من الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

شاكس الشيخ كشك، طوال عمله، الحكام والمسؤولين، هاجم في الخمسينيات قرارات السلطة بسجن وإعدام قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ووقوف الفنانين إلى جانب الأنظمة الحاكمة في عام 1954، وعلق على هزيمة 1967 قائلًا ''وكيف يكون هناك نصر، وبيننا صلاح نصر-رئيس المخابرات المصرية حينذاك''.

اتخذ ''كشك'' من خطبته الأسبوعية في صلاه الجمعة، منبرًا لنقد ومهاجمة رجال السلطة والفن والدين، رفض تودد الشيخ محمد متولي الشعراوي لـلرئيس محمد أنور السادات وتخاذل الأزهر من وجهة نظره في نشر الإسلام، وانتقد البابا شنودة، وهاجم الفوازير وما يعرضه التلفزيون في شهر رمضان.

معارك عديدة خاضها الشيخ ''كشك'' من فوق منبره، مع الكاتب أنيس منصور الذي وصف الشيخ بـ ''كشك فون'' لانتشار خطبه على شرائط الكاسيت، والصحفي مصطفى أمين وفكرته عن تخصيص يوم لعيدالحب، وما تغنيه أم كلثوم، معتبرًا أنها تشدوا بكلمات لا تليق بسنها، واستنكر اهتمام المجتمع برياضة كرة القدم، والسينما، وطالب بإصلاح الجهاز الإعلامي مؤكدا أن الأمة لا يمكن أن تصلح إلا إذا صلح الجهاز إعلامي.

''مازلت أذكر الزنزانة رقم 19 في سجن القلعة'' واقعة لا تسقط أبدًا من ذاكرة ''كشك'' القبض عليه فجر 14 أبريل 1965، المرة الأولى له داخل السجون، وحده مع الصمت والظلام، بعيدًا عن منبره وعن أحبابه وأتباعه ومريديه، يبحث عن شئ يصلح لينام عليه، ومكان القبلة ليُصلي، نام يومها حزينًا ''نمت ليلتها أشكو لربي ظلم العباد''، يعود مرة أخرى للسجون في 2 سبتمبر 1981، يُلقي القبض عليه ضمن عدد كبير من المعارضين السياسيين من مواقف السُلطة، بقرار من الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

''دعوت الله قائلًا أحييني إماما، وأمتني إماما، وأحشرني وأنا ساجد''، في صباح 6 ديسمبر عام 1996، استيقظ الشيخ ''كشك''، توضأ، ودخل غرفته ليُصلي، وأثناء السجدة الثانية، أفضى روحه لبارئها ورحل -حسب رواية أسرته- تاركًا مئات الخطب المُسجلة له، والعديد من الكتب أشهرها ''في رحاب التفسير'' 10 مجلدات لتفسير القرآن الكريم، و''حوار بين الحق والباطل''، و''ورثة الفردوس''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان