نظرة على ''الحقوق والحريات'' في الدستور الجديد
كتبت – هبه محسن:
بين ''مؤيد'' و''معارض'' تعددت آراء الحقوقيين بشأن مواد الحريات في مسودة الدستور الجديد، الذي من المقرر أن يدعو الرئيس عدلي منصور الشعب للاستفتاء عليه قريباً.
حيث يرى البعض أن مواد الحريات في الدستور حققت جزء من أهداف الثورة وضمنت الحقوق والحريات للجميع ، بينما يرى أخرين أن هناك انتقاصاً واضحاً للحقوق والحريات في الدستور الجديد.
''مصراوي'' استعرض فيما يلي بعض من الجدل حول مواد الحريات في الدستور الجديد:-
''أعاد طوارئ مبارك''
بداية، يرى أحمد سيف الإسلام المحامي والناشط الحقوقي ومدير مركز هشام مبارك للقانون سابقاً، آن الدستور الجديد أعاد ''طوارئ مبارك'' في المادة (154)، حيث منح مجلس الشعب سلطة تجديد حالة الطوارئ وهو أمر خطير جداً، على عكس دستور 2012 الذي قيدها بالاستفتاء الشعبي.
وأوضح ''سيف الإسلام'' في تصريحاته لمصراوي ان مسودة دستور 2013 ألغت الحماية المقررة في المادة 82 بدستور 2012 المعطل وتم الاكتفاء بنص ''حماية الحقوق والحريات اللصيقة بالإنسان'' وهو أمر ينتقص كثيراً من الحريات.
كما تم إلغاء ''حد الكفاية'' في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من هذا الدستور، بينما ربط دستور 2012 حد الكفاية بالحقوق والحريات.
وانتقد الناشط الحقوقي وجود نص في الدستور الجديد يقضي بمكافحة الإرهاب في المادة (237) لأنه سيشكل أزمة كبيرة فيما يتعلق بالحقوق والحريات وأيضاً ديباجة الدستور الذي يرى أنها ''بدون قيمة''، ولكنه أشاد بالمواد المتعلقة بتجريم التعذيب وضمان حماية اموال التأمينات الاجتماعية والالتزام بمواثيق حقوق الإنسان.
''باب جهنم للمبدعين''
من جانبه، أوضح طارق خاطر المحامي ومدير مركز المساعدة القانونية لحقوق الانسان، أنه ليس لديه ازمة مع مواد الحريات في مسودة الدستور ولكنه يتحفظ على مادتين.
المادة الأولى: متعلقة بحرية الإبداع (67) حيث تنص على عدم جواز الحبس في قضايا النشر ولكنه ضاعف من الغرامات على المبدعين وجعل الدعاوي القضائية على المبدعين من اختصاص النيابة العامة دون غيرها، وهي مادة كما يرى ''حافظ'' تعيد إلى المجتمع المصري قضايا الحسبة التي كانت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ولكنها اوكلت للنيابة العامة مهمة إقامة هذه الدعاوى القضائية وهو امر خطير.
وتابع في تصريحاته لمصراوي ''هذه المادة تفتح باب جهنم على المبدعين''، مؤكداً أن المبدعين داخل لجنة الخمسين لم ينتبهوا لخطورة هذه المادة لانهم لم يجروا مناقشات جادة ومستفيضة حولها.
أما المادة الثانية التي يتحفظ عليها مدير مركز المساعدة القانونية لحقوق الانسان هي المتعلقة بالمحاكمات العسكرية، حيث يرى أن التاريخ المصري في المحاكمات العسكرية سيء للغاية وقد ارتكبت الكثير من الجرائم الحقوقية في عهد حسني مبارك بموجب هذه المادة.
وانتقد ''خاطر'' المادة المتعلقة بحماية أمن الفضاء المعلوماتي (31)، لأنها مادة بحسب قوله لم تعرف ماهية ''الفضاء المعلوماتي''.
''ضمان الحقوق والحريات''
وعلى الجانب الآخر، أوضح ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان وعضو لجنة الخمسين، أنه كان أحد الذين شاركوا في وضع مواد الحريات في مسودة الدستور والذين حاول من خلال هذه المواد أن يضمنوا تحقيق الحقوق والحريات، واستطاعوا أن يحققوا حوالي 80 % مما كانوا يتمنونه.
وأضاف في تصريحاته لمصراوي أن هناك إخفاقين متعلقين باب الحقوق والحريات في الدستور، ويتمثل الإخفاق الأول في المادة (204) المتعلقة بمحاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري.
أما الإخفاق الثاني فهو متعلق بغياب نص ''الحق في الحياة''، حيث أكد ''أمين'' أنهم طرحوا صيغتين لهذا النص ولكن لم يتم القبول بهم فخرجت المسودة بدون نص يضمن الحق في الحياة.
وعن النصوص الإيجابية بباب الحقوق والحريات، فقال ناصر أمين أن المادة (54) المتعلقة بتمتع أي متهم بالمحاكمة العادلة وضمان حقوقه منذ اللحظات الأولى للقبض عليه جيدةً جداً، مضيفاً أن هذه المادة تقضي بعدم جواز إلقاء القبض على أي شخص إلا بوجود إذن قضائي أو في حالة التلبس وتسمح للمتهم بالاتصال مباشرة بعائلته أو محاميه فور إلقاء القبض عليه وحضور محامي عنه للتحقيقات ولا تتم إحالته للمحاكمة أمام أي قضاء إلا في وجود محامي للدفاع عنه.
وشدد عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان على أنه راضي عن هذا الدستور بنسبة 85 % ويتوقع أن يمر بشكل جيد.
أما المواد التي أخفقت لجنة الخمسين فيها فيرى ''أمين'' أنه وفقاً للدستور الجديد يمكن التقدم بطلب لتعديلها من قبل البرلمان القادم.
''مناسب لطبيعة المرحلة''
وقال سعيد عبد الحافظ الناشط الحقوقي ورئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، ''هذا الدستور أفضل كثيراً من دستور الغرياني وإخوانه''.
وأوضح ''عبد الحافظ'' في تصريحاته لمصراوي أنه على الجميع أن يدركوا أن تعديل القوانين المصرية لتتلائم مع الدستور أهم كثيراً من الدستور نفسه.
واقترح أن تستمر مهمة لجنة الخمسين بحيث تقوم قبل انتخاب البرلمان لتنقيح القوانين المصرية من تلك التي تتعارض مع الدستور الجديد واقتراح حزمة قوانين أخرى تتلائم مع نصوص الدستور الجديد لترفع فيما بعد للبرلمان المنتخب لمناقشتها، وهو أمر سيؤدي إلى تحقيق الاستقرار السياسي في مصر بشكل أسرع.
وشدد رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان على أنه كان يتمنى أن يتضمن الدستور نصاً يعتبر المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر لها قوة النص الدستوري.
وعن مادة المحاكمات العسكرية، قال ''من الخطأ الفادح أن يُختصر في مادة واحدة فقط''، موضحاً ان نص المحاكمات العسكرية يقيد من إحالة المدنيين للمحاكمة العسكرية على عكس دستور 2012، ولكن العبرة في هذا الأمر سيكون بتعديل قانون الأحكام العسكرية لسنة 1966 ليقيد الحالات التي يحال فيها المدنيين للمحاكمات العسكرية.
وأكد ''عبد الحافظ'' أن الاعتراضات على الدستور أمر طبيعي، ولكن لابد أن يعي من يعترضوا على نصوص الدستور أن هذه النصوص من الممكن تعديلها في مرحلة لاحقة عندما تستقر الحياة السياسية في مصر، مضيفاً ''أن الدستور في شكله الحالي مناسب لطبيعة المرحلة التي تعيشها مصر الآن''.
يذكر أن الباب الثالث من مسودة الدستور ''الحقوق والحريات والواجبات العامة'' يتحدث عن الحقوق والحريات والواجبات في المجتمع، ويضم الباب 42 مادة من المادة (51) إلى المادة (93).
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: