لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تقرير.. ملحمة الارادة المصرية تتجسد في ذكرى عودة طابا

04:32 م الإثنين 18 مارس 2013

القاهرة - أ ش أ:

تحتفل مصر غدا بمرور 24 عاما على عودة طابا إلى السيادة المصرية فى 19 مارس 1989، والاحتفال بهذه الذكرى هو تكريم للأرادة المصرية الصلبة والصمود البطولى بل هو عيدا للوفاء والأعتراف لكل من بذل حبات العرق ونقاط الدماء من أجل بلوغ هذا الهدف والوصول الى هذه النهاية المشرفة لصراع دام طويلا وليجبر اسرائيل لأول فى تاريخها على الأنسحاب من كل شبر على أرض سيناء.

لقد أثبتت مصر للعالم أجمع أن الأراضى المصرية لا تقبل التجزئة أو المساومة والتمسك بالحفاظ على كل حبة رمل ، أن الانتصار فى قضية استرداد طابا وعودة الحق لأصحابه يرجع إلى كفاءة المفاوض المصري وتكاتف كافة قيادات وأجهزة الدولة في ادارة الأزمة والأحتكام الى الشرعية الدولية والقضاء الدولى وأتباع أسلوب علمى ناجح لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية والتمسك بأحكام القانون فى ظل توافر عناصر القوة.

ولم يكن الطريق الى استعادة طابا سهلا وإنما كان محفوفا بالمخاطر فبعد انتصار أكتوبر 1973 وفض الاشتباك الأول فى يناير 1974 تم فض الاشتباك الثانى فى سبتمبر 1975 تلاحقت الأحداث إلى أن تم توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية فى 26 مارس 1979 والتي تقضى بانسحاب اسرائيل من كل الأراضى التى احتلتها من مصر فى يونيو 1967 على أن يتم ذلك عبر لجنة مشتركة من الجانبين المصرى والاسرائيلى لتسهيل تنفيذ الاتفاقية.

ومع اقتراب موعد الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بدأت اسرائيل منذ بداية عام 1982 المناورات عندما أعلن رئيس الجانب العسكرى المصرى فى اللجنة المصرية الاسرائيلية ان هناك خلافا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91 وحرصا من مصر على اتمام الانسحاب اتفق الجانبان على تأجيل الأنسحاب من طابا وحل النزاع طبقا لقواعد القانون الدولى وبنود اتفاقية السلام وبالتحديد المادة السابعة التى تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات واذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.

وكان الموقف المصري شديد الوضوح وهو اللجوء الى التحكيم الدولى بينما كانت تطالب إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق لأن التوفيق عادة ما ينتهى بتنازل كل طرف عن بعض مطالبه وقبول حل وسط.

ومضت فصول ملحمة استرداد طابا على مدى عدة سنوات بعد الانسحاب الاسرائيلى من سيناء فى 25 ابريل 1982 ، وخاضتها مصر بنفس الروح العظيمة التى خاضت بها حرب أكتوبر ، ويؤكد المراقبون أن ادارة الأزمة في مسألة طابا كانت من أصعب مراحل المفاوضات مع اسرائيل، حتى ان وضع مشارطة التحكيم قبل التحكيم كان بالغ الصعوبة لأن اسرائيل حاولت أن تجعل مهمة هيئة التحكيم بحث الحدود بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وأصرت مصر على أن تحصر مهمة هيئة التحكيم فى سؤال واحد محدد وهو .. أين الموقع الحقيقى لعلامات الحدود المتنازع عليها وعددها 14 علامة وأهمها العلامة 91 وهل قامت إسرائيل بتحريك هذه العلامة للتلاعب فى حقائق الأرض أم لا.

وبعد مفاوضات مضنية نجح فريق القانونيين فى وضع مشارطة التحكيم فى صياغة دقيقية لاتعطى اسرائيل فرصة للتحايل ووقعت عليه اسرائيل فى 11 سبتمبر 1986 وهى تحدد شروط التحكيم ، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف.

وتشكلت اللجنة القومية للدفاع عن طابا من خيرة القانونيين والدبلوماسيين المصريين والعسكرييين وخبراء المساحة الذين وضعوا رصيد خبرتهم وجهدهم من أجل استرداد الجزء الغالى من أرض الوطن، وخاض المفاوض المصرى أعنف المعارك السياسية والقانونية لإثبات الحق المصرى وتأكيد السيادة المصرية غلى طابا، وجرى تنسيق الأدوار بينهم على النحو التالى بين مجموعة المفاوضين الذي يتصدون لمواجهة الجانب الإسرائيلى في جولات المفاوضات بالحجج والبراهين، ومجموعة القانونيين الذين يعملون وراء المفاوضين ويقومون بوضع المذكرات والدراسات القانونية والردود على الحجج الاسرائيلية، وهناك أيضا مجموعة الباحثين والدارسين المتخصصين الذين ينقبون عن الوثائق ويبحثون عن الخرائط بين لندن وتركيا والخرطوم ويبحثون عن الأدلة التى تثبت موقع العلامة الذى حددته مصر.

وقدمت هيئة الدفاع المصرية آلاف الوثائق والمذكرات والأسانيد القانونية والجغرافية والتاريخية التى مثلت 61% من الأدلة المادية وزارت هيئة الدفاع المواقع على الطبيعة في سيناء، وكانت سرائيل قد لجأت الى اقامة فندقا فى طابا ليكون عقبة أمام مصر ولايكون أمامها سو ى قبول استمرار ملكية اسرائيل للفندق أو التسليم بحق الاسرائيليين فى الانتقال الى منطقة طابا دون جوازات سفر وكل ذلك رفضته مصر.

وبشهادة الجميع كان أداء فريق الدفاع المصرى على مستوى من الكفاءة والمقدرة، ونجح فأن أصدرت هيئة التحكيم الدوليةحكمها في 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر فى ممارسة السيادة على كامل ترابها وأمتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات اسرائيل فى التنفيذ ، الى عقد جولات أخرى من الأجتماعات لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشأتها الى مصر حتى وصلت الملحمة الى المشهد الأخير بتسليم طابا فى 15 مارس 1989 ، ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس .
 
ويرجع نجاح مصر في استرداد طابا الى اتباع سياسة النفس الطويل فى مواجهة المناورات الإسرائيلية، ووضع أسس ثابته أهمها لا تنازل عن أى قطعة من أرض الوطن أيا كنت مساحتها ولا مساومة على السيادة المصرية أيا كانت المبررات.. وفي نفس الوقت طوال هذه القضية كانت مصر حريصة على أن تؤكد أن القضية ليست نزاعا أقليميا على أرض ولكنه نزاع على مواضع بعض علامات الحدود فى حين كانت إسرائيل تحاول أن تصور الأمر على أنه اعادة لرسم الحدود.

أن ملحمة استراد طابا يجب أن تعرفها كل الأجيال كموذج للأداء المصرى المقتدر فى الساحة السياسية مثل ماكان الأداء فى الساحة العسكرية فى أكتوبر 73 ودرس أيضا فى كيفية الحصول على الحقوق ، وأنه لايضيع حق وراءه مطالب ، الى جانب حسن ادارة الأزمات وأيجاد التجانس بين فريق العمل الذى يتكون من عقليات مختلفة تجتمع على الوازع الوطنى من أجل الوصول الى الهدف.

ومما يذكر فإن التمسك الاسرائيلى بطابا يرجع الى أهميتها الاستراتيجية فهى ليست كما تدعى اسرائيل مجرد كيلومتر من الرمال إنما هى تقع على رأس خليج العقبة بين سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية من جهة ومياه خليج العقبة من جهة أخرى وعلى بعد 7 كيلو متر ات من الميناء الاسرائيلى إيلات، وعلى بعد 245 كيلو مترا شمال شرق شرم الشيخ، ذات أهمية كبيرة فى المرور داخل العقبة وعبر مضيق تيرات على مدخل الخليج .ولاتتعدى مساحتها كيلو مترا واحدا وبها مخزن للمياه العذبة .. وتتميز طابا بأنها مدينة حدودية تغلف الجبال منتجعاتها السياحية ويتكون شريطها الساحلى من عدد من الخلجان والبحيرات

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان