البسطويسى: النظام يسعى لـ''أخونة'' القضاء..والحديث عن الشرعية الثورية ''ضحك على الناس''(حوار)
الكويت- علياء أبو شهبة:
عرف المستشار هشام البسطويسى إعلاميا بموقفه الإيجابي في عهد النظام السابق و بالتحديد عام 2005، والذى وصفه البعض حينها بالموقف البطولى، ثم اختفى عن الأضواء ليعود بعد الثورة مترشحا لمنصب رئيس الجمهورية، ثم إختفى عن الساحة السياسية المصرية بعد خروجه من الجولة الأولى لسبق الرئاسة.
وفي منزله في دولة الكويت حيث يعمل ويقيم حاليا، التقى ''مصراوي'' المستشار هشام البسطويسى، المرشح الرئاسي السابق، والمتابع عن كثب للمشهد المصري على الساحة السياسية، بل و المشارك بها في بعض الأحيان.
ببساطته وهدوءه المعهود، أكد البسطويسى في حديثه على أن بقاءه بعيدا عن مصر مؤقتا، وأنه ينتظر الوقت المناسب للعودة، مشيرا إلى نيته تأسيس حزب سياسى، كما أعرب عن ألمه الشديد بسبب أزمة القضاء الحالية، وكشف البسطويسى أيضا عن المقترحات التى تقدم بها لكل من رئاسة الجمهورية و لوزير العدل لتجنب الأزمات التى وقعت، لكنها ظلت حبيسة الأدراج.
ما هو سبب أزمة القضاة الحالية؟
مشكلة السلطة القضائية لا تنفصل عن المشكلة الموجودة في مصر والمرتبطة بكل مؤسسات الدولة سواء الإعلام أو الأزهر أو الكنيسة. وذلك نتيجة الرغبة في السيطرة على كل مؤسسات الدولة، وفيما يتعلق بالقضاء فإن هناك برنامج معروف من قبل الثورة بسنوات ''لأخونة القضاء''، حيث كانت لديهم النية لإنشاء كيان موازى للقضاء.ونشر في جريدة الأهرام من قبل عن دورات إعداد القضاة الشرعيين.
ما رأيك في مصطلح ''تطهير القضاة''؟
هو مصطلح أسيئ استعماله جدا، وكان من المفترض أن يكون هناك محاولات حقيقية للإصلاح.
كيف يمكن إصلاح المنظومة القضائية؟
كنت قد طرحت من قبل مقترحا على كلا من حسام الغريانى، رئيس الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، ومحمود مكى، نائب الرئيس، محمد الجندى ،وزير العدل، حتى لا نقع في أزمة. و بذلك بأن نستبق الأحداث بعقد مؤتمر لإصلاح منظومة العدالة حيث أنها منظومة متكاملة و تطوير النظام القضائي .
على أن يكون مؤتمر علمى، يفرز الكثير من الأفكار، لأن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا بوجود قاضى مستقل تتوفر له الحصانة اللازمة، كما أن النظام القضائي نفسه ثبت أنه غير صالح على الإطلاق،حيث أن القضايا تظل في المحاكم لسنوات طويلة. لأن منظومة التقاضي بطيئة جدا حيث أن العدالة ليست قاضى فقط.
كما إقترحت فكرة قاضى الصلح الذى يمكن أن ينهى عدد كبير من القضايا دون شغل المحاكم، فضلا عن إنشاء النيابة المدنية لإعداد الدعوى المدنية بدلا من الوقت الضائع في إعداد القضية.
فضلا عن أن النظام العقابى يجب تغييره حيث أن هناك جرائم العقوبات فيها غير منطقية مثل قضايا النظافة و البناء بدون ترخيص و البناء على أرض زراعية ،وهناك تدابير أفضل من الحبس و الغرامة.و يمكن للمؤتمر أن يفرز أفكار أكثر، ولكن للأسف لم يتم عقده.
كيف ترى المقترحات المطروحة لحل أزمة القضاء؟
الآن فقط يأتى التفكير في عقد المؤتمر بشكل مشابه لما طرحته من قبل، و لكن بكل أسف بعد تعرض القضاء للكثير من الإهانات سواء من النظام الحاكم أو من بعض أفراد الشعب نتيجة الإساءة لسمعة القضاء.
كيف يمكن أن يتحقق ذلك الإصلاح؟
القضاء مثله مثل كل أجهزة الدولة يحتاج إلى الإصلاح لأنه جزء من المجتمع، و من النظام السابق بكل ما فيه، لكن يجب التعامل معه بشكل يتفق مع آلياته بمعنى أن الإصلاح يجب أن يكون من داخل القضاء نفسه، وهو ما كان يحدث بالفعل ،فقد كنا نحاسب القضاة الفاسدين.
وما هي الآليات؟
لدينا بالفعل الكثير من الآليات الإصلاحية لكي يطهر القضاء نفسه مع الزمن. أهمها وجود معايير واضحة للإقصاء ، مع عدم استغلال الأمر من أجل ''أخونة القضاء''، لأنه من المفترض أن يكون القاضى مستقل تماما، و لا ينتمى لأي تيار سياسي.
هل هذا سبب عدم عودتك إلى العمل القضائي بعد الخروج من سباق الانتخابات الرئاسية؟
بالفعل فهذا هو ما دعانى لعدم العودة إلى القضاء، رغم إلحاح بعض زملائي لأننى مازلت بعيدا عن سن التقاعد، إلا أننى رفضت تماما حيث أصبح لي موقف سياسي معلن و واضح، لذلك لا يمكن أن أعود قاضيا على الحياد. وفضلت التقاعد.
كيف ترى أزمة النائب العام؟
الميدان طالب بإقالته أولا و ذلك نتيجة عدم إدراك بعض الحقائق عن العالم القضائي، حيث أن القاضى لا تتحكم فيه أهواءه و لكنه محدد بقانون يجب أن تتوفر لديه الأدلة و القرائن لكي يتخذ قراره، وذلك وفقا لتشريعات قانونية و دستورية موضوعة من قبل. و الأزمة تتعلق بمشكلة الثورة منذ بدايتها.
لماذا لم تتحقق أهداف الثورة؟
مشكلتها أنها عندما قامت طالبت في بعض الأحيان بالشرعية الثورية و في أحيان أخرى طالبت بالشرعية الدستورية و هو ''تناقض واضح''،لأن هناك إجراءات ثورية لا تلتزم بالقانون، و في نفس الوقت ظهرت مطالبات تتمسك بدولة القانون و النظام الإجرائى.
كما أننا إنتهينا من الحالة الثورية بانتخاب رئيس جمهورية و حديث الرئيس عن الشرعية الثورية ''ضحك على الناس''، و الحالة الثورية انتهت أيضا بوضع الدستور، وهي لعبة استخدمت على مدار المرحلة الانتقالية ومازالت تستغل والمسألة ''مش بالكيف و حسب المصلحة''.
لماذا لم تتحقق أهدافها حتى الآن رغم انتهاء المرحلة الانتقالية؟
لأننا منذ بداية الثورة لا يوجد مفهوم واضح و محدد لها، حتى المبادئ التى قامت عليها و هي العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية لها مفاهيم مختلفة لدى كل فصيل شارك فيها، هذا بخلاف رغبة جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة و الاستيلاء على الحكم و فرض الوجود في كل مؤسسات الدولة و إقصاء القوى المدنية و فرض الوجود بشكل ''فظ جدا''.
بخلاف أزمة القضاة ،أدت بعض سياسات النظام الحالى إلى خلق حالة من العداء مع أكثر من فئة في المجتمع كما ذكرت، ما هو السبيل لعودة الهدوء مرة أخرى؟
لابد من تخلى جماعة الإخوان المسلمين و تيار الإسلام السياسى عن فكر السيطرة والأخونة لمؤسسات الدولة، وهو أمر لن يسمح به الشعب المصري و المجتمع الدولى و هو ما يعرضنا لمخاطر شديدة هم لا يدركون حقيقتها.
ما رأيك في الأداء السياسي لحزب الحرية و العدالة؟
في الحقيقة أداء الحرية و العدالة جاء أقل كثيرا مما توقعت وخاصة أنهم لديهم خبرة و باع طويل في الممارسة السياسية، ولكن ما تفاجئت به هو أداء حزب النور الذى يعتبر أفضل كثيرا من جماعة الإخوان المسلمين.
كما أن السلطة الحاكمة الآن لديها أولويات أخرى، لذلك لابد وأن تتغير هذه النظرة و كثير من تيار الإسلام السياسي عقلاء و لديهم هذه الرؤية و لكن من يسيطر على الأمور أولوياته السيطرة فقط،ولا أعرف كيف يمكن أن يكون لديهم عقلية مثل كمال الهلباوي و يترك ليخرج من الجماعة التى يسيطر عليها من يأخذون مصر لجهة خاطئة.
كيف يمكن لحزب الحرية و العدالة أن يحقق وجوده السياسي بعيدا عن جماعة الإخوان المسلمين؟
لكي يكون هناك حزب سياسي مقبول لدى الناس على الجماعة التخلى عن فكرة السمع و الطاعة و القسم، و كان رأيي من البداية طالما أنهم كونوا حزب سياسي و ترشح ممثل لهم لمنصب رئيس الجمهورية فإنه يتوجب على المرشد إعلان حل الجماعة و تبرئة أعضائها من القسم حيث أن العمل تحت لواء الجماعة لا يقبل التعددية و يجعل النظام السياسيى فاشى و هو ما يناقض الديموقراطية ، و ذلك لكي يكون هناك مجال للإختلاف و الحوار.
ما هي أخطاء جبهة الإنقاذ التى أضعفت التواصل بينها و بين الشارع المصري؟
ظروف الحياة السياسية في مصر عبر السنوات السابقة لم تكن تسمح بعمل سياسي حقيقي عمل نضالى في الشارع، لذلك فإن كل ما تم بعد الثورة يحدث بشكل غير منظم و لا يخرج عن كونها ردود أفعال لمواقف الحياة اليومية ، حيث إعتاد السياسيين على هذا النمط دون خطة أو رؤية واضحة.
ويستثنى من ذلك حزب التجمع، لكنه مر بفترات انتكاسة طويلة حتى أصبح وضعه في الشارع ضعيفا و الجبهة تتدارك هذه النقطة الآن ، ما يتم علاجه مع الوقت.
ما الذى تحتاجه الجبهة لتجاوز مشكلاتها؟
الجبهة ليس لها شكل قانونى يحكم عملها، لأنها اجتماع مجموعة من الأحزاب للوصول إلى موقف موحد، ومن المفترض أن يكون لها برنامج مشترك واضح و محدد،و لابد أيضا من رؤية إستراتيجية و يكون الجميع مشاركة فيها بدون عقد اجتماع تالى لأي حدث ، لكي يكون رد الفعل معروف مسبقا، لأن معنى الاجتماع بعد كل أزمة عدم وجود رؤية مشتركة، و أن رد الفعل ''يوم بيومه''.
في رأيك ما هو السبيل للخروج من الأزمة الحالية و إيجاد حالة من التوافق السياسي؟
الخروج من المأزق الحالى له سبيل واحد و هو الدعوة لعقد مؤتمر وطني ، يكون بمثابة ''صفحة جديدة''، تشارك فيه كل القوى السياسية من أجل الوصول إلى صيغة تنفيذية لتحقيق أهداف الثورة.
أكمل قائلا : على أن يكون لهذا المؤتمر جدول أعمال يركز على كيفية تحقيق أهداف الثورة عبر وضع خطة زمنية لها خلال أربع سنوات ،و تشمل أيضا التوافق حول كيفية وضع دستور جديد بمشاركة كل القوى السياسية، على أن يكون هناك لجان تنفيذية في كل المحافظات تختص بمتابعة ما يتحقق من الأهداف المتفق عليها، و تقدم بها تقرير شهري.
فضلا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل كل القوى السياسية، إضافة إلى المصالحة مع كل القوى السياسية، من المنتمين إلى النظام السابق الذين لم يرتكبوا أي جرائم أو تورطوا في فساد مالي، وذلك من أجل خلق حالة من المصالحة.
هل تقدمت بهذا المقترح للرئيس محمد مرسى؟
بالفعل تقدمت بهذا المقترح للمستشار محمود مكي نائب رئيس الجمهورية السابق في عيد الأضحى الماضى،وهو ما أذكره إعلاميا للمرة الأولى، حيث أن الأزمة الاقتصادية تتفاقم يوما بعد الآخر و تحقيق التوافق أمر مطلوب. و قوبل هذا الإقتراح بالترحيب، إلا أننى فوجئت بعدها بالإعلان الدستوري الذى أثار الجدل.
بخلاف هذا المقترح،هل تواصلت من قبل مع مؤسسة الرئاسة؟
كانت لي تجربة في عيد الفطر، حيث إلتقيت بنائب الرئيس، و كان الحديث عن الرغبة في الحوار، وعلمت أن حمدين صباحى ليست لديه رغبة في الحوار، لذلك تطوعت للتوسط و بالفعل أقنعته بالحوار و وافق بشرط أن يكون حوارا جادا، و حضر الحوار أيضا عمرو موسى، و البرادعى، إلا أننا تفاجئنا أن الحوار إختزل في تمرير الدستور، وكان هذا هو كل هم الرئيس، الذى ركز على تمريره مع بعض التعديلات، ولذلك فشل الحوار لأن الدستور لم يكن له الأهمية الكبيرة، في ذلك الوقت.
لماذا غادرت مصر سريعا بعد الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة واختفيت عن الساحة الإعلامية؟
ليس لدى أهداف الزعامة و الظهور الإعلامى و يهمنى أن تتخطى مصر العقبة الحالية، لأنها لا تستحق ما وصلت إليه .فهي دوما تقدم إبداعات في كل المجالات.
هل تفصلك الإقامة بعيدا عن مصر عن المشاركة في الأحداث و متابعتها؟
أحرص دائما على المتابعة والمشاركة في الأحداث بأشكال مختلفة، كما أننى عندما أنظر للأمور من بعيد أرى المشكلة من جذورها، ولا أنشغل بالفروع التى تتوهنى عن الأصل.
هل تفكر في تأسيس حزب سياسى؟
أنا بالفعل بصدد تأسيس عمل شكل سياسي يضم الشباب والقوى السياسية المدنية، التى ترى أن العدالة الاجتماعية لا تتناقض مع الديموقراطية وفي نفس الوقت لها برنامج اقتصادى يساعد على النهوض بمصر.
تعرضت للمحاربة من النظام السابق كما مرت بك أزمات صحية تجاوزتها جميعا ، ما هو سر هذه الصلابة التى تتسم بها شخصيتك؟
الأمر الوحيد الذى يعطينى و أسرتى القوة لمواجهة المواقف الصعبة هو الإيمان الحقيقي، وهذا الإيمان ليس بإرتداء جلابية قصيرة أو بإطلاق اللحية ، لكنى لدي قناعة قوية أنه لا يوجد على وجه الأرض من يستطيع أن يمد عمرى أو يقصره ثانية واحدة، وأن يزيد رزقى أو ينقصه قرشا واحدا، لذلك فأنا لا أخاف.
متى يعود المستشار هشام البسطويسى إلى مصر؟
بالتأكيد سوف أعود لمصر و لكن في الوقت المناسب
فيديو قد يعجبك: